الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - شُبْهَةُ تَعَارُضِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ:
إن القرآن الكريم والسنة النبوية كلاهما من عند الله تعالى، وبالتالي فلا يتعارض أحدهما مع نفسه أو مع الآخر.
وسنعرض فيما يلي أمثلة لنصوص ظن نفر أنها متعارضة وبنى على ذلك نتائج منها الاكتفاء بالقرآن أو إعلان حكم يخالف إجماع الأمة، والأمثلة هي:
قِتَالُ المُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ:
لقد قيل إن الإمام عَلِيٍّ من المبشرين بالجنة بينما يصدق عليه قول النبي: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ، وهذا عند القائل تناقض يبرر ترك السنة النبوية! ولكن هذه الرواية لها تكملة هي:«فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ "» . أخرجه البخاري في كتاب الإيمان والراوي هو أبو بكرة.
إن القرآن الكريم الذي يزعمون اتباعه قد صرح أن القتال عن فهم في الدين، ليس كفرًا ولا يجعل صاحبه من أهل النار بقوله:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].
فالرواية معناها أن المسلم الذي يتعمد ويحرص على الخروج لقتل أخيه المسلم، يدخل النار، وينطبق هذا على القاتل والمقتول لوجود الحرص والإصرار على القتل لديه (1) والذي كان بين الإمام عَلِيٍّ والخوارج أو أصحاب
(1) ورد في هذا قول النبي: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . أخرجه البخاري في أول كتابه.
معاوية، ليس من هذا القبيل بل هو اجتهاد أدى أن تقف كل فئة لتدافع عما تعتقد أنه الحق. وهذا لم يقترن بنية قتل أحد بذاته والحرص على ذلك.
كما أن هنالك فَرْقًا شاسعًا بين تعمد المسلم قتل أخيه في الإيمان بغير سبب مشروع، وبين الموقف الذي أدى إلى خروج الإمام عَلِيٍّ لرد البغاة الذين خرجوا على الخلافة وشهروا سلاحهم ضد أمير المؤمنين.
وهنالك فرق شاسع بين قتال المسلم عن عرضه ونفسه ودينه وماله وبين قتل المسلم أخاه المسلم بغير سبب شرعي فقد ورد في الحديث الشريف: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» . رواه " البخاري " و" مسلم "، كما جاء في الحديث:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ، رواه أبو داود والترمذي.
فهذه أنواع من القتال المشروع بموجب هذه النصوص، ولا يوجد أي مظهر من مظاهر التعارض النظري بين هذه الأحاديث حتى نقول إن حديث:«إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا» قد خصصه حديث الشهادة، أو خصصته آية {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] (1).
إن قتال الإمام علي لمن خرجوا على إمامته له أحكام أخرى وردت في باب الإمامة والإمارة، وهي لا تدخل تحت مدلول «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا» فضلاً عن أن تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم للإمام عَلِيٍّ والخلفاء الأربعة وستة آخرين بالجنة، أمر آخر هو إخبار بالغيب ومن أول شرائط الإسلام الإيمان بالغيب الذي يرد في القرآن والسنة، فمن رَدَّ ذلك أو شك فيه فقد كفر لأنه يَرُدُّ القرآن والسنة وهما من عند الله تعالى الذي قال:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
(1) جاء في " مذكرة حزب التحرير ": «إن هذه الآية خصصت كلمة القاتل والمقتول في الحديث» (ص 26).