الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد من المسلمين لواحد من أهل البيت عدا الأئمة الإثني عشر الذين يعتقد الشيعة الإمامية عصمتهم.
فإنَّ الحديث صريح في عصمة أهل البيت في التبليغ وبيان أحكام الله تعالى والاستقامة على نهج الله تعالى.
وصريح في استمرار هذا الخط التبليغي لأحكام الله، معصومًا عن الخطأ إلى يوم القيامة في أهل البيت.
مَصْدَرُ الأَئِمَّةِ فِي تَبْلِيغِ الأَحْكَامِ:
فالأئمة من أهل البيت - إذن - انطلاقًا من هذا الشرح معصومون عن الخطأ والكذب في تبليغ أحكام الله تعالى.
فما يحدثونا ويبلغون من أحكام الله تعالى وحلاله وحرامه ليس اجتهادًا في الرأي يصيب حينًا ويخطئ حينًا آخر.
وبذلك يفترقون في سائر أئمة الفقه وفقهاء المسلمين. فالفقهاء يجتهدون في إصابة الحكم الشرعي فيصيبون حينًا ويخطئون حينًا آخر.
ولذلك يختلفون في الرأي والاجتهاد. وليس في حدود الله تعالى وحلاله وحرامه اختلاف وتعدد.
• • •
ويثار السؤال: ومن أي مصدر إذن يُحَدِّثُونَ وَيُحَدِّدُونَ الحلال والحرام، إنْ لم يكن اجتهادًا في الرأي؟
فنقول: إِنَّ كل حديث صادر عنهم في الأصول أو الأحكام ليس من رأيهم، وليس فيه شيء من اجتهادهم مطلقًا، وإنما يستندون في ذلك إلى سُنَّةٍ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، انتهى علمها إليهم، وَيَرْوُونَهَا عنهم، سواء رَوَوْهَا كما يروي المحدثون عن رسول الله مسلسلاً، مسندًا، أم أرسلوها إرسالاً (1).
روى ثقة الإسلام الكُلَيْنِي عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا أبا عبد الله (الصادق) يقول: «حديثي، حديث أبي، وحديث أبي حديث جَدِّي، وحديث جَدِّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -قول الله عز وجل» (2).
وروى المفيد في " الأمالي " عن جابر قال: قلت لأبي جعفر الباقر: «إِذَا حَدَّثْتَنِي بِحَدِيثٍ فَأَسْنِدْهُ لِي» . فقال: «قُلْتُ لأًبٍي جَعْفَرَ البَاقِرَ: «إِذَا حَدَّثْتَنِي بِحَدِيثٍ فَأَسْنِدْهُ لِي» . فقال: «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي رَسُولَ اللهِ عَنْ جِبْرَائِيلَ عَنْ اللهِ، وَكُلَّمَا أُحَدِّثُكَ [فَبِهَذَا] الإِسْنَادِ» . (3).
وروى الكليني عن يونس بن قتيبة قال: سأل رجل أبا عبد الله (الصادق) عن مسألة، فأجابه فيها. فقال الرجل: أرأيت إِنْ كان كذا وكذا ما يكون
(1) إِنَّ إثبات الحكم الشرعي بغير مصدر يعني الإلهام من الله بغير حاجة إلى الرسول وفي هذا لا يقول به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الشيخ محمد رضا المظفري في كتاب " عقائد الإمامية "، عن علم الإمام يقول:«إذا استجد شيء لا بُدَّ أَنْ يعلمه من طريق الإلهام بالقوة الفرسية التي أودعها الله فيه، فإنّ توجه إلى شيء شاء أَنْ يعلمه على وجهه الحقيقي لا يخطئ ولا يشتبه ولا يحتاج في ذلك إلى البراهين العقلية أو إلى تلقين المعلمين» ص 96 كما ورد مثل هذا في الأصول للكافي: جـ 1 ص 271 إلى 274 ونأمل أَنْ يحقق ذلك إخواننا الشيعة وأنْ يدركوا عدم صحة ذلك.
(2)
" أصول الكافي ": 1/ 53.
(3)
" أمالي المفيد ": ص 26.
القول فيها؟ فقال له: مه. ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله. لسنا من (أرأيت) في شيء (1).
ونلخص ما تقدم من الحديث عن العصمة فيما يلي:
1 -
أهل البيت معصومون عن المعاصي والذنوب في سلوكهم الشخصي.
2 -
ومعصومون عن الخطأ والكذب والتبليغ.
3 -
ويستمر هذا الامتداد المعصوم من الكذب والخطأ في تبليغ أحكام الله إلى يوم القيامة ضمن نطاق أهل بيت رسول الله، وفي كل عصر منهم إمام يعود الناس إليه في معرفة أحكام الله وحدوده.
4 -
ولم يمارس أئمة أهل البيت رأيًا واجتهادًا في الرأي في معرفة وتبليغ أحكام الله.
5 -
ولم يزيدوا فيما يقولون ويحدثون ويبينون من أحكام الله تعالى عن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
• • •
ويبقى السؤال: كيف استوعب الأئمة من أهل البيت من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُنَّته ما لم يستوعبه سائر الصحابة والمحدثون من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُنَّته.
والجواب: أَنَّ ما يغيب عن علمنا مما خلق الله تعالى من وسائل وأسباب
(1)" أصول الكافي ": 1/ 58.
التلقي والتعليم أكثر مما نعرف، وماذا يضرنا إنْ لم نعرف ذلك بعد أَنْ علمنا أنهم صادقون في كلامهم وفي حديثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ويكفينا ذلك في قيام الحُجَّةِ ووجوب الاتباع.
ولا نريد أنْ نزيد هنا على ذلك.
فهؤلاء الأئمة من أهل البيت بشهادة كلام الله وبشهادة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صادقون لا يكذبون. وقد أخبرونا أنهم يحدثونا عن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحديثه في كل ما يحدثون ويكفينا ذلك.
على أنَّ الإمام علي بن أبي طالب كانت له مجالس خاصة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينقلها المحدثون، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يملي عليه كتابًا في الحلال والحرام. وقد نقل الإمام البخاري من هذا الكتاب، كما نقل غيره من أئمة الحديث عن الإمام علي عن رسول الله من طريق هذا الكتاب ..
وقد توارث أهل بيته من بعد هذا الكتاب. ولكننا لا نريد إطلاقًا أَنْ نقول: إِنَّ كل مرويات أهل البيت عن هذا الكتاب، لقد رَوَوْا منه من غيره. وإنما نكتفي بما علمنا من القول، وذلك أنهم يَرْوُونَ في كل ما يُحَدِّثُونَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنهم صادقون لا يكذبون. وقد بَرَّأَهُمْ الله تعالى وَنَزَّهَهُمْ عن ذلك. وهذا هو خلاصة الكلام فيما نعتقده في عصمة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الكويت: محمد مهدي الآصفي
في 5 شوال 1399 هـ.