الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو كان رسول الله متيّما بالنساء ومغرما بمفاتنهن- كما زعموا- لأشبع رغبته بالأزواج الكثيرات وهو في ميعة الصبا وشرخ الشباب، أيام أن كان الغيد الكواعب، والخيرات الحسان من بنات الأشراف تشرئب أعناقهن إلى أن يكن حليلات له، ولا سيما وأن التعدد عند العرب في الجاهلية لم يكن له حد محدود، ولكنه قضى زهرة شبابه ومعظم حياته الزوجية مع سيدة كانت عند اقترانه بها تعدو الأربعين، ورضيها قانعا بها حتى توفاها الله قبيل الهجرة، ومهما قيل في السيدة خديجة وما كانت تتمتاع به من جمال في شبابها، فهناك- ولا شك- غيرها من الأبكار الشابات من يفقنها في الجمال، وللأبكار ما لهن من جاذبية وروعة وسحر، ومن قضى بغير ذلك فقد خالف سنة الله في الفطرة.
تعدد الزوجات سنة من سنن الأنبياء
وأحب أن أقول للمبشرين والمستشرقين وأبواقهم المتابعين لهم: إن تعدد الزوجات سنة من سنن الأنبياء والمرسلين، وإن التسرّي في الحروب ليس بدعا في الإسلام، فقد نصت التوراة التي يعترف بها هؤلاء على إباحة تعدد الزوجات والسراري بدون تحديد، ففي التوراة: إذا خرجت لمحاربة أعدائك، ودفعهم الرب إلهك إلى يدك، وسبيت منهم سبيا ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة، والتصقت بها، واتخذتها لك زوجة، فحين تدخلها إلى بيتك، تحلق رأسها، وتقلم أظفارها، وتنزع ثياب سبيها عنها، وتقعد في بيتك، وتبكي أباها وأمها شهرا من الزمان، ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها، فتكون لك زوجة، وإن لم تسريها فأطلقها لنفسها «1» .
وقد نصت التوراة على أن إبراهيم أبا الأنبياء عدّد الزوجات، وجدعون وهو من الأنبياء عند اليهود تزوج نساء كثيرات جمع بينهن، أما داود فقد نصت على أنه تزوج سبعا: ذكرتهن بأسمائهن «2» ، ثم قالت: إنه تزوج غير ذلك نساء
(1) سفر التثنية- الإصحاح 21، فقرة 10 وما بعدها.
(2)
سفر صموئيل الثاني- الإصحاح 3، فقرة 3- 5، وسفر صموئيل الأول- الإصحاح 18.
كثيرات، واتخذ سراري بدون قيد «1» . وكذلك نصت التوراة على كثرة نساء نبي الله سليمان- عليه السلام وكثرة سراريه كثرة تفوق الحد.
ففي التوراة: «وكانت له- سليمان- سبع مئين من النساء السيدات، وثلاث مئين من السراري» «2» .
فإذا كان تعدد الزوجات والسراري مباحا بنص التوراة التي يقدسونها لأنبيائهم، فكيف اعتبروه نقيصة ومطعنا لسيد البشر، وخاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه؟!!.
ومن قبل طعن أسلافهم اليهود في النبي بسبب هذا، فرد عليهم القران أبلغ ردّ، وذكّرهم بأن التعدد سنة من سنن الأنبياء والمرسلين الذين كانوا قبله.
روي أن اليهود عيّرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح، ولو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء «3» ، فأنزل الله سبحانه في الرد عليهم قوله:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ «4» .
فقد ألقمهم هذا الرد حجرا، وباؤوا بالخزي والبهتان.
وأرى من المناسب هنا أن أبيّن أن التوراة والقران وإن أباحا تسرّي المسبيات في الحروب والتزوج بهن، ولكن شتان ما بين أدب التوراة في الاسترقاق والتسرّي وأدب القران، والفرق بينهما فرق ما بين شريعة مؤقتة لزمن خاص، وبين شريعة عامة خالدة، وهي شريعة القران، والإسلام لا يبيح حلق الرأس!! ولا تقليم الأظافر!! ولا الاستذلال!! وما الاسترقاق والتسرّي في
(1) سفر صموئيل- الإصحاح 15، فقرة 13.
(2)
سفر الملوك الأول- الإصحاح 11، فقرة 3.
(3)
تفسير الالوسي، ج 13، ص 168، ط. منير.
(4)
سورة الرعد: الاية 38.