الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخروج فيه إلى مكة لمن يريد التعجل. وثالث أيام التشريق يقال له: يوم النّفر الثاني. قال عزّ شأنه:
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «1» .
إلى الأبطح بمكة
وفي اليوم الثالث من أيام التشريق، وكان يوم ثلاثاء ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فنفر بهم من منى حتى نزل بالأبطح، وهو (المحصّب) . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل به في الفتح وفي حجة الوداع، وهو الخيف: خيف بني كنانة، وقد قدمت السبب في نزوله به: فصلّى بهم في الأبطح الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وهجع هجعة استراح فيها من العناء.
وكان رسول الله بعث عائشة مع أخيها عبد الرحمن لتعتمر من التنعيم، لأنها لم تتمكن عند القدوم من أداء العمرة بسبب حيضتها، فلما قضت عمرتها ورجعت، أذّن النبي في المسلمين بالرحيل، فارتحل وطاف بالبيت طواف الزيارة، وصلّى بهم الصبح عند الكعبة، ثم خرجوا من البلد الحرام من (كدي) راجعين إلى البلد الطيب (المدينة) وهم يكبّرون ويهلّلون ويقولون: ايبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب واحده.
في غدير خمّ
وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة خطب بمكان يسمى (غدير خم)«2» مبينا فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبراءة عرضه مما تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنّها
(1) سورة البقرة: الاية 203.
(2)
بضم الخاء وتشديد الميم: موضع قريب من الجحفة.
بعضهم جورا وتضييقا عليهم وبخلا، والصواب كان معه في هذا لأنها أموال صدقات وخمس، وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.
وكان مما قاله له النبي في هذه الخطبة ما رواه النسائي بسنده عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم قال: «كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي: أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال:
الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» قال الإمام أبو عبد الله الذهبي:
هذا حديث صحيح، وقد استوفى الكلام على هذا الحديث الإمام الحافظ المؤرخ ابن كثير في بدايته مبينا الروايات الصحيحة من الحسنة من الضعيفة والموضوعة فليرجع إليه من يشاء «1» .
(1) البداية والنهاية ج 5 ص 208- 214.