الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي الحييّ
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء وأكثرهم عن العورات إغضاء، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها «1» ، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه)، وقالت عائشة رضي الله عنها:(لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحّشا، ولا سخابا بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) .
وكان لا يواجه أحدا بما يكره حياء وكرم نفس، عن أنس قال:(دخل عليه رجل به أثر صفرة، قال: وكان رسول الله لا يكاد يواجه أحدا بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم: «لو قلتم له يدع هذه الصفرة» ) . «2» وكان إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان قال كذا أو فعل كذا ولكن يقول: «ما بال أقوام يقولون كذا أو يفعلون كذا» وهذا لعمر الحق أسلوب جليل في التربية واستماع النصيحة، وكان يقول:«الحياء من الإيمان» و «الحياء لا يأتي إلا بخير» «3» .
ومع هذا فقد كان يغضب ويواجه بالحق إذا انتهكت حرمات الشرع، وينتصر لدين الله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه
(1) العذراء: البنت البكر. الخدر: ما تستتر فيه المرأة من بيت ونحوه.
(2)
رواه الترمذي في الشمائل.
(3)
رواهما الشيخان.
شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى) «1» وعنها قالت:(ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى) وهذا يدل على أن حياءه عن المواجهة فيما عدا ذلك مما تركه أفضل وأورع، أو فيما كان من حق نفسه تسامحا وتغاضيا، وأما حق الله وحق العباد فلا.
(1) رواه مسلم.