الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة لهذا الفصل
اعلم أن أول من لقب بالشيعة من شايعوا عليا بعد أن بويع له بالخلافة ولازموا صحبته وحاربوا من حاربه وسالموا من سالمه من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان كما سبق، وهم الشيعة المخلصون. وكان تلقبهم بهذا اللقب سنة سبع وثلاثين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل تحية.
ثم بعد سنتين أو ثلاث سنين ظهرت التفضيلية. منهم أبو الأسود الدؤلي تلميذ الأمير كرم الله تعالى وجهه وواضع النحو بأمره وتعليمه. ومنهم أبو سعيد يحيى بن يعمر العدواني وكان تابعيا لقي [إسحاق] بن سويد العدواني وكان عالما بالقراءات والتفسير والنحو ولغة العرب وهو أحد قراء البصرة أخذ النحو عن أبي الأسود. وقال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان في وفيات الأعيان: "كان يحيى بن يعمر شيعيا من الشيعة الأوائل القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ومنهم سالم بن أبي حفصة الراوي عن محمد بن علي الباقر وابنه الصادق
وعبد الرزاق. وأبو يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت صاحب إصلاح المنطق. وغيرهم.
ثم ظهرت الرافضة منهم، وهم الذين يسبّون بعض أمهات المؤمنين وأعاظم الصحابة أو كلهم إلا أربعة أو ستة منهم ويقذفونهم بأنهم ارتدوا عن الدين. ثم افترقوا فرقا كثيرة كما تقدم. وكان بدؤ ظهورهم في عهد أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه أوائل سنة إحدى وأربعين.
ثم القائلون بألوهية علي. وأول من ظهر منهم السبائية ثم العلبائية. والعلباء هو الذي وافق ابن سبأ.
ثم ظهرت الحلولية من الغلاة، وكان بدؤ ظهورهم سنة ستين تقريبا.
ثم [ظهرت] باقي الفرق.
ثم ظهرت الرزامية، وكان بدؤ ذلك سنة اثنتين وعشرين ومائة.
ثم ظهرت المقنعية من الرزامية.
ثم ظهور فرق الحلولية.
ثم ظهرت الإمامية، وكان بدؤ ظهورهم سنة ثلاث وستين ومائة، وهم أكثر فرق الرافضة اليوم.
ثم ظهرت الكيسانية القائلون بإمامة محمد بن علي بن أبي طالب، وكان بدؤ ظهورهم سنة أربع وستين. ثم افترقوا فرقا كثيرة، وكان أكثرهم عددا وعدة المختارية،
وكان بدؤ ظهورهم سنة ست وستين.
ثم ظهرت الهشامية في حدود سنة تسع ومائة.
ثم ظهرت الزيدية القائلون بإمامة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان بدؤ ظهورهم سنة اثنتي عشرة ومائة، ثم افترقت فرقا كثيرة.
ثم ظهرت الجواليقية والشيطانية من فرق الإمامية سنة ثلاث عشرة ومائة.
ثم ظهرت الزرارية واليونسية والمفوضة والكيسانية والبدائية والفارسية والعمائية منهم. وبدؤ ظهورهم سنة خمس وأربعين ومائة.
ثم ظهرت الإسماعيلية بالإمامية، وبدؤ ظهورهم سنة خمس وخمسين ومائة.
ثم المباركية منهم، وكان بدؤ ظهورهم سنة تسع وخمسين ومائة.
ثم الواقفية من الإمامية، وكان بدؤ ظهورهم سنة ثلاث وثمانين ومائة.
ثم الاثنا عشرية، وكان بدؤ ظهورهم سنة ست وخمسين ومائتين.
ثم المهدوية من فرق الإسماعيلية، القائلون بإمامة محمد بن عبد الله بن عبيد الله الشهير عندهم بمحمد المهدي. وكان بدؤ ظهورهم سنة تسع وتسعين ومائتين. والمهدي هذا هو الذي ادعى أنه من ولد إسماعيل بن جعفر ثم ادعى الإمامة ونهض لطلب الملك سنة تسع وتسعين ومائتين، واستولى على بعض بلاد المغرب سنة ثلاثمائة.
وزعم أنه ابن عبد الله بن عبيد الله بن قاسم بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق. وكذبه النسابة في دعواه وقالوا إسماعيل بن جعفر مات قبل أبيه جعفر ولم يخلف ولدا سوى محمد وقد مات في بغداد كما تقدم ولم يخلف ولدا، وأنكر ذلك سائر الشيعة أيضا. واختلف النسابة في نسبه، فقالت نسابة المغرب إنه من ولد عبد الله بن سالم البصري، وكان أبوه خبازا في البصرة. وقالت نسابة العراق إنه من ولد عبد الله بن ميمون القداح.
وزعمت المهدوية أن محمدا هذا هو المهدي الموعود به، ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"على رأس ثلاثمائة سنة تطلع الشمس من مغربها"، وأولوا الشمس بالمهدي والمغرب بديار المغرب. وكل ذلك كذب وافتراء.
وأصل عقيدة الإسماعيلية إنكار الشرائع. وكان الحاكم من سلاطينهم يأمر الناس أن يسجدوا إذا ذكر اسمه عندهم ويدعي أن الله تعالى يكلمه وأنه يعلم الغيب. وأفعاله شهيرة.
وكان المتقدمون من المهدوية يبطنون الإلحاد والزندقة ويظهرون الزهد وكثرة الطاعات وإجراء أحكام الشريعة، وذلك خلاف ما يبطنون، وكذا الحميرية، حتى تابعهم جمهور من الناس.
وكانت القرامطة من الإسماعيلية يبدون ما يخفونه غيرهم من تلك الفرقة، وقد خرجوا على المقتدر بالله واستولوا على بعض القرى والأمصار، وقدموا في الموسم مكة وقتلوا من الحجاج في
البيت الحرام قدر ثلاثة آلاف نفس، وذلك سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وكان رئيسهم أبو سعيد الجنابي القرمطي، وكان يقتل من يجد من المسلمين. ثم ابنه أبو طاهر. ولما قدم مكة في الموسم دخل المسجد الحرام وهو على جواده يشرب الخمر ويبالغ في قتل الحاج، وبال جواده فيه. وأمر جنوده أن يقلعوا الحجر الأسود من مكانه، فقلعوه فذهب به إلى الكوفة وألقاه في كناستها، وكان عندهم عشرين سنة. ثم اشتراه منهم سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة أبو القاسم فضل بن المقتدر المطيع لأمر الله بثلاثين ألف دينار. فجاء به أبو طاهر بن أبي سعيد في مسجد الكوفة وربطه في سارية من سواري المسجد واستحضر أعيان البلد، فلما حضروه سلم الحجر إلى من أرسله المطيع لأمر الله إليهم لشرائه وقال لمن حضر عنده من المسلمين: اشهدوا أني سلمت الحجر الأسود، قالوا: شهدنا، ثم قال: من أين عرفتهم أنه الحجر الأسود. وكان ابن حكم المحدث حاضرا، فقال روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الحجر الأسود يحشر يوم القيامة وله عينان ينظر بهما ولسان يتكلم به ويشهد لمن استلمه، وإنه يطفوا على الماء ولا يحترق بالنار". فلما سمع بذلك أبو طاهر استهزأ به ودعا بالنار وألقاه فيها فلم
يحترق، ثم دعا بالماء فألقاه فيها فطفى على الماء. فقال بعد ما اختبر ذلك: قد ثبت دين الإسلام بالروايات الصحيحة الموثوق بها فلا يمكن أن يهدم بنيانه أو يثلم. فظهر له الحق وتبين له الرشد من الغي ولكنه استمر على ضلاله وبقي على حاله.
ثم ظهرت الحميرية منهم، ويقال لهم الألموتية، وكان بدؤ ظهورهم سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
ثم المسقطية منهم، وكان هؤلاء آخر فرق الروافض ظهورا.
أقول: وقد ظهرت في زماننا فرق أخرى كالبابية والكشفية والقرتية. وقد بينت طريقتهم في مختصر التحفة الاثني عشرية.