الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا تأمل العاقل في أصل المتعة يجد فيها مفاسد مكنونة كلها تدافع الشرع.
منها تضييع الأولاد، فإن أولاد الرجل إذا كانوا منتشرين في كل بلدة ولا يكونون عنده فلا يمكن أن يقوم بتربيتهم، فيعيشون من غير تربية كأولاد الزنا. ولو فرضنا أن أولئك الأولاد كانوا إناثا يكون المحذور أزيد والخزي أعظم، لأن نكاحهن لا يمكن أن يكون من كفوٍء أصلا.
ومنها احتمال وطئ موطوءة الأب للابن نكاحا أو متعة أو بالعكس، بل يحتمل أن يطأ الرجل بنته أو بنت ابنه أو أخته أو غيرهن من المحارم في بعض الصور خصوصا في مدة طويلة، وهو من أشد المحذورات.
ومنها عدم تقسيم ميراث من ارتكب المتعة كثيرا، إذ لا يكون ورثته معلومين لا عددهم ولا أسمائهم ولا أمكنتهم، فلزم تعطيل أمر الميراث، وكذلك لزم تعطيل ميراث من ولد بالمتعة، فإن آبائهم واخولَّهم مجهولون، ولا يمكن تقسيم الميراث ما لم يعلم حصر الورثة في العدد، ويمتنع تعيين سهم من الأسهم ما لم يدر صفات الورثة من الذكورة والأنوثة والحجب والحرمان.
بالجملة فالمفاسد الكثيرة المترتبة على المتعة مضرة جدا، ولا سيما في الأمور الشرعية كالنكاح والميراث، فلهذا حصر سبحانه أسباب حل الوطئ في شيئين: النكاح الصحيح وملك اليمين، ليحفظ الولد ويعلم الإرث.
مسائل الرضاع والطلاق
قالوا: إن شرب الطفل اللبن خمسة عشرة مرة متوالية يشبع الطفل بكل منها يثبت الحرمة، وإن لم تكن متوالية لا يثبت الحرمة وإن شبع الطفل بكلّ. مع أن الحكم كان
في الابتداء عشر رضعات يحرمن، ثم نسخ وثبت ذلك بإجماع الأمة. وأما قيد التوالي وزيادة الخمس على العشرة، فلم يكن في كلام الله تعالى أصلا، بل هي من مخترعاتهم. وإبقاء الحكم المنسوخ تشريع من عند أنفسهم. مع أنهم يروون عن الأئمة أن شرب اللبن مطلقا موجب للحرمة، لأن المقام مقام احتياط. وصرح شيخهم المقداد في كنز العرفان في بحث كفارة اليمين بوجوب العمل بالأحوط في أمثال هذه المواضع.
وقالوا: لا يقع الطلاق بغير اللغة العربية. وهو باطل لما قدمنا من أنه لا دخل اللغات في العقود.
وقالوا: إن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق، أو طلاق، لا يقع، ولو قال ذلك ألف مرة، وإنما يقع إذا قال: طلقتك. مع أن الشارع قد عدّ هذه الصيغ من الطلاق الصريح، وإن كان أصل وضعها للإخبار، وهم قائلون بوقوع الطلاق فيما إذا سأل رجلٌ آخرَ: هل طلقت فلانة؟ فقال: نعم، مع أن الصريح فيه الإخبار، وإلا فكيف يقع في جواب الاستفهام؟.
وقالوا: لا يصح الطلاق إلا بحضور شاهدين كالنكاح، مع أن المعلوم قطعا من الشرع أن
الإشهاد في الرجعة والطلاق مستحب قطعا، للنزاع المتوقع، لا أن حضور الشاهدين شرط في الطلاق أو الرجعة كما في النكاح، وهو ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة.
وقالوا: لا يقع الطلاق بالكنايات إن كان الزوج حاضرا، مع أنه لا فرق بين حضوره وغيبته، بل هو خلاف قاعدة الشرع، فإن الشارع لم يعتبر في إيقاع الطلاق حضور الزوج وغيبته قط.
وقالوا: إن نكح المجبوب -وهو مقطوع الذكر فقط- امرأة، ثم طلقها بعد الخلوة الصحيحة لا تجب العدة عليها، مع أنهم قائلون بثبوت نسب الولد من هذا الرجل إن ولد منها. فاحتمال العلوق من هذا الرجل ثبت أيضا عندهم، فكيف لا يجب عليها عدة؟
وقالوا: لا يقع الظهار إذا أراد الزوج بإيقاعه إضرار زوجته بترك الوطئ، مع أن الشارع قصد سد باب الإضرار بإيجاب الكفارة على المظاهر. فلو لم يقع الظهار ولم يجب شيء في الإضرار لزم المناقضة في مقصود الشارع. ومع ذلك فقولهم مخالف لنص الكتاب والأحاديث والآثار، فإنها وردت بلا تقييد، وهي ثابتة في كتبهم الصحيحة.
وقالوا: إن عجز المظاهر عن أداء خصال الكفارة -من تحرير رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا- فليصم ثمانية عشر يوما، وهذا القدر من الصوم يكفيه؟ ولا يخفى أن هذا قول من تلقاء أنفسهم، وحكم لم ينزله الله تعالى.