الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع في بيان صاحب الزمان
ذهبت جماهير الإمامية والكيسانية كلهم إلى أن المنتظر وهو المهدي وهو حي موجود إلا أنه مختف من خوف الأعداء. واختلفت الإمامية فيه اختلافا كثيرا، وافترقوا إلى نيف وعشرين فرقة. والاثنا عشرية والثلاث عشرية منهم يقولون إنه محمد بن الحسن العسكري وإنه مختف وسيخرج من سرداب بسر من رأى وقد اختفى فيه وكان عمره حينئذ أربع وقيل خمس. وأنكر غيرهم ذلك وقالوا لم يخلّف العسكري ولدا، ولذا أخذ ميراثه أخوه جعفر وانتقلت الإمامة إليه. ومنهم من يقول مات أبوه وهو في بطن أمه. ومنهم من يقول ولد قبل موت أبيه بسنتين لكنه مات.
وافترقوا عشرين فرقة. وذهبت الكيسانية إلى أنه محمد بن الحنفية. وذهبت فرقة من الإسماعيلية إلى أنه إسماعيل بن جعفر. ووزعمت جماعة منهم أنه محمد بن إسماعيل بن جعفر. وذهبت فرقة من الإمامية إلى أن المهدي محمد بن علي الباقر. وذهبت فرقة إلى أنه جعفر بن محمد الصادق. وذهبت فرقة إلى أنه موسى بن جعفر الكاظم. وزعمت جماعة أن المهدي هو
محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وذهبت فرقة إلى أنه أبو القاسم محمد بن علي الحسن السبط، وهو الذي حبسه المعتصم فبقي سنة في الحبس وأخرجوه وذهبوا به فلم يعرف له خبر. وذهبت فرقة إلى أنه محمد بن عبد الله بن الحسين. وقالت فرقة إنه يحيى بن عمر من أحفاد زيد بن علي بن الحسين. وزعمت فرقة من الإسماعيلية أنه إسماعيل بن جعفر الصادق. وأخرى أنه محمد بن إسماعيل. وجميع هذه الأقوال محض وهم وخيال.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة من أن المهدي هو رجل من ولد فاطمة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. أخرج أحمد والماوردي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "المهدي من عترتي يخرج في اختلاف الناس وزلزالهم فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض". وفي رواية أبي داود والترمذي: "اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ويقسم المال صحاحا بالسوية ويملأ قلوب أمتي غني ويسعهم عدله". وفي رواية للحاكم: "يحل في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه لا يجد الرجل ملجأ .. فيبعث الله رجلا من عترتي وأهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يحبه ساكن الأرض وساكن السماء ويرسل قطرها وتخرج الأرض نباتها لا يمسك منهم
شيئا، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع". وروى الطبراني والبزار نحوه. وفي رواية للطبراني:"عشرين سنة". وروى أبو نعيم أنه قال صلى الله عليه وسلم: "ليبعثن الله من عترتي رجلا أقرن الثنايا أجلح الجبهة" وفي وراية الطبراني والروياني: "وجهه كالكوكب الدري اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي" إلى غير ذلك من الروايات.
وما ذهب إليه الشيعة من تعيين اسمه وأنه ولد واختفى فما أنزل به من سلطان. كيف والاختفاء ينافي الغرض المقصود من نصب الإمام من إقامة الحدود وسد الثغور وتجهيز الجيوش للجهاد وحفظ النظام وحماية الإسلام وزجر الأنام عن القبائح والآثام.
وقد صح عن أمير المؤمنين أنه قال: "لا بد للناس من إمام بر أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ فيها الأمن ويأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح بر ويستراح من فاجر". وهو ناص على أن الإمام يجب أن يكون ظاهرا. وقد سبق في أول هذا المقصد تتمة لهذا الكلام. وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.