المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة - السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقصد الأول في بيان سبب ظهور الرافضة وسبب افتراقهم وعدد فرقهم

- ‌الفصل الأول في بيان مبدأ ظهور الرافضة

- ‌وافترقت الشيعة حينئذ إلى أربع فرق

- ‌الفصل الثاني في بيان سبب افتراق الرافضة

- ‌الفصل الثالث في بيان فرق الشيعة

- ‌وأما الغلاة فأربع وعشرون فرقة

- ‌(فرق الزيدية)

- ‌(فرق الإمامية)

- ‌(فرق الإسماعيلية)

- ‌خاتمة لهذا الفصل

- ‌الفصل الرابع في بيان مدة بقاء كل فرقة من فرق الروافض

- ‌الفصل الخامس في بيان دعاة الرافضة وفرقهم

- ‌الفصل السادس في بيان مكائد الرافضة لإضلال الناس وميلهم عن الحق

- ‌الفصل السابع في بيان أسلاف الرافضة

- ‌الفصل الثامن في بيان أنه لا يمكن إثبات الدين المحمدي على أصول الرافضة

- ‌(الأدلة عند الشيعة)

- ‌الفصل التاسع في بيان من يدعي كل فرقة من الرافضة أخذ المذهب عنه وإبطاله

- ‌الفصل العاشر في بيان اختلاف الرافضة في الإمامة وتعيين الأئمة

- ‌الفصل الحادي عشر في بيان كثرة اختلاف الشيعة في أعداد الأئمة وشروط الإمامة

- ‌الفصل الثاني عشر في بيان اختلاف الشيعة فيما رووه عن أهل البيت

- ‌الفصل الثالث عشر في أقسام أخبار الشيعة

- ‌الفصل الرابع عشر في بيان احتجاج الرافضة بالأخبار التي لا يجوز الاحتجاج بها

- ‌الفصل الخامس عشر في بيان روايات الشيعة إلا الحميرية عن أهل البيت

- ‌الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة

- ‌الفصل السابع عشر في بيان كتب الشيعة

- ‌الفصل الثامن عشر في بيان أحوال كتب أحاديث الشيعة

- ‌الفصل التاسع عشر في أن معتقدات الرافضة وهميات

- ‌الفصل العشرون في بيان غلو الرافضة في مذاهبهم الباطلة

- ‌الفصل الحادي والعشرون في بيان من لقب هذه الفرقة بالرافضة

- ‌المقصد الثاني في الإلهيات

- ‌المطلب الأول في بيان أن النظر في معرفة الله تعالى واجب شرعا

- ‌المطلب الثاني في أن الله تعالى موجود حي عالم سميع بصير قادر

- ‌المطلب الثالث في بيان أن الإله واحد

- ‌المطلب الرابع في بيان أن الله تعالى متفرد بالقدم

- ‌المطلب الخامس في أن الله تعالى أبدي لا يصح عليه الفناء لا يشارك في ذلك

- ‌المطلب السادس في أن لله تعالى صفات ثبوتية أزلية

- ‌المطلب السابع في أن صفات الله تعالى قديمة

- ‌المطلب الثامن أن الله تعالى فاعل بالاختيار

- ‌المطلب التاسع في أن الله تعالى قادر على كل مقدور

- ‌المطلب العاشر في أنه تعالى عالم بما كان وما يكون

- ‌المطلب الحادي عشر في أنه تعالى يتكلم والكلام صفة من صفاته

- ‌المطلب الثاني عشر أن القرآن كلام الله تعالى ليس فيه تحريف ولا نقصان

- ‌المطلب الثالث عشر أن الله تعالى مريد

- ‌المطلب الرابع عشر أن إرادة الله تعالى متعلقة بكل كائن

- ‌المطلب الخامس عشر في أنه تعالى قد يأمر بما لا يريد وينهى عما يريد

- ‌المطلب السادس عشر في بيان أنه لا يجوز البداء على الله

- ‌المطلب السابع عشر في أنه لا يجب على الله تعالى شيء

- ‌المطلب الثامن عشر في بيان أن التكليف لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب التاسع عشر في أن اللطف لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب العشرون في بيان أن الأصلح لا يجب عليه تعالى

- ‌المطلب الحادي والعشرون في بيان أن العوض لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب الثاني والعشرون في أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى

- ‌المطلب الثالث والعشرون في أن الله لم يفوض خلق الدنيا إلى أحد

- ‌المطلب الرابع والعشرون في أن الله تعالى خالق الخير والشر

- ‌المطلب الخامس والعشرون في أن جميع الكائنات بقضاء الله تعالى وقدره

- ‌المطلب السادس والعشرون في أن قرب العبد إلى ربه ليس بقرب مكان

- ‌المقصد الثالث في مباحث النبوة

- ‌الفصل الأول في أن البعثة لطف من الله تعالى

- ‌الفصل الثاني في جواز خلو الزمان عن نبي ووصي

- ‌الفصل الثالث في أن الرسول أفضل الخلق ولا يكون غيره أفضل منه

- ‌الفصل الرابع في أن النبي لا يحتاج إلى غير النبي لا يوم القيامة ولا في الدنيا

- ‌الفصل الخامس في أن الأنبياء عليهم السلام كانوا عارفين بما يجب من اعتقادات

- ‌الفصل السادس في أن الأنبياء لم يصدر عنهم ذنب كان الموت عليه هلاكا

- ‌الفصل السابع في أن الأنبياء عليهم السلام كانوا منزهين عن الخصال الذميمة

- ‌الفصل الثامن في أن الأنبياء عليهم السلام أقروا جميعا يوم الميثاق بما خاطبهم الله تعالى

- ‌الفصل التاسع في أن نبيا من الأنبياء لم يعتذر عن الرسالة ولم يستعف منها

- ‌الفصل العاشر في أن المبعوث هو محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه

- ‌الفصل الحادي عشر في أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين

- ‌الفصل الثاني عشر في أن الله تعالى لم يفوض أمر الدين إلى أحد من الرسل والأئمة

- ‌الفصل الثالث عشر في أن المعراج لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق

- ‌الفصل الرابع عشر في أن ما ورد من النصوص محمولة على ظواهرها

- ‌الفصل الخامس عشر في أنه تعالى لم يرسل بعد خاتم الأنبياء ملكا إلى أحد بالوحي

- ‌الفصل السادس عشر في أن النسخ من وظائف الشارع

- ‌المقصد الرابع في الإمامة

- ‌المطلب الأول في أن نصب الإمام ليس بواجب عليه تعالى

- ‌تتمة

- ‌المطلب الثاني في أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق

- ‌(الأدلة القرآنية على خلافة الثلاثة)

- ‌(أخبار عترية في خلافة الخلفاء)

- ‌تتمة في ذكر بعض الأدلة المأخوذة من الكتاب وأقوال العترة الأنجاب مما يوصل إلى المطلوب بأدنى تأمل

- ‌المطلب الثالث في إبطال ما استدل به الرافضة على كون الخلافة للأمير بلا فصل

- ‌(الأدلة القرآنية)

- ‌(الأدلة الحديثية)

- ‌مطلب الأدلة العقلية

- ‌المطلب الرابع في بيان صاحب الزمان

- ‌المطلب الخامس في أن العدالة شرط في الإمامة لا العصمة

- ‌المطلب السادس في أن الإمامة لا تنحصر في عدد معين

- ‌المقصد الخامس في رد مطاعن الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين وسائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم

- ‌المطاعن الأولى في الصديق الأجل رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الثانية في حق الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الثالثة في عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الرابعة في أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها

- ‌المطاعن الخامسة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌المقصد السادس في المعاد

- ‌المطلب الأول في أن المعاد واقع

- ‌المطلب الثاني في أنه لا يجب على الله تعالى أن يبعث الخلق

- ‌المطلب الثالث في أن عذاب القبر حق

- ‌المطلب الرابع في أن الجنة والنار حق

- ‌المطلب الخامس لا رجعة إلى الدنيا بعد الموت

- ‌المطلب السادس في أن الله تعالى يعذب من يشاء ويرحم من يشاء

- ‌المطلب السابع أن غير الفرقة الناجية من الفرق لا تخلد في النار

- ‌المقصد السابع في بيان ما يدل على بطلان مذهب الشيعة

- ‌(الأدلة القرآنية)

- ‌(الأحاديث النبوية)

- ‌(الآثار المروية عن أهل البيت)

- ‌(الدلائل العقلية)

- ‌(تشريع فرق الشيعة ما لم يأذن به الله)

- ‌(مسائل الأعياد)

- ‌(مسائل الطهارة)

- ‌صفة الوضوء والغسل والتيمم

- ‌مسائل الصلاة

- ‌مسائل الصوم والاعتكاف

- ‌مسائل الزكاة

- ‌مسائل الحج

- ‌مسائل الجهاد

- ‌مسائل النكاح والبيع

- ‌مسائل التجارة

- ‌مسائل الرهن والدين

- ‌مسائل الغصب والوديعة

- ‌مسائل العارية

- ‌مسائل اللقيطة

- ‌مسائل الإجارة والهبة والصدقة والوقف

- ‌مسائل النكاح

- ‌مسائل المتعة

- ‌مسائل الرضاع والطلاق

- ‌مسائل الإعتاق والأيمان

- ‌مسائل القضاء

- ‌مسائل الدعوى

- ‌مسائل الشهادة والصيد والطعام

- ‌مسائل الفرائض والوصايا

- ‌مسائل الحدود والجنايات

- ‌المقصد الثامن في ذكر شيء من تعصباتهم ونبذ من هفواتهم

- ‌المطلب الأول في ذكر شيء من تعصباتهم

- ‌المطلب الثاني في ذكر شيء من هفواتهم

- ‌(التقية)

- ‌(التفسير)

- ‌(الكذب)

- ‌(ثواب المتعة)

- ‌(الرقاع والتوقيعات)

- ‌الخاتمة

- ‌قف على حال الإمامية من الشيعة

الفصل: ‌الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة

‌الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة

اعلم أن لكل فرقة من فرق الشيعة علماء:

أما الغلاة فأعلم علمائهم عبد الله بن سبأ الصنعاني وأبو كامل وبنان ومغيرة العجلي، وهما اللذان كذبهما الصادق وقال:"إنهما يفتريان علينا أهل البيت، ويرويان عنا الأكاذيب"، وأبو الخطاب الأخدع ونصير وإسحاق وعلباء ورزام والمفضل الصيرفي وسريع وبريع ومحمد بن يعفور وغيرهم. وأقوال هؤلاء محض هذيان لا دليل عليها ولا برهان.

وأما الكيسانية فأعلم علمائهم كيسان، وقد تتلمذ على محمد بن علي بن أبي طالب ولم يكن بعده عالم يوازيه من هذه الفرقة، وهو أول من قال بإمامة محمد بن علي بعد أبيه، وأبو كريب الضرير وإسحاق بن عمر وعبد الله بن حرب وغيرهم.

وأما الزيدية المخلصون فأعلم علمائهم يحيى بن زيد بن علي الحسين بن علي بن أبي طالب وأكابر أصحاب زيد، ولهم روايات عن أئمة أهل البيت، كأمير المؤمنين والسبطين والسجاد وزيد ويحيى بن زيد. ومن أئمتهم الناصر. ومن علمائهم جماعة يقال لهم الزيدية، نسبوا إلى زيد بن علي نسبا ومذهبا، وهم من ثقاة المحدثين، وقد روى عنهم أهل السنة والجماعة. وأما الذين اختلفوا وافترقوا فأعلم علمائهم جارود وأحمد بن محمد بن سعيد السبعي الهمداني وابن عقدة وسليمان والبتر التومي وخلف بن عبد الصمد ونعيم بن

ص: 285

اليمان ويعقوب وحسين بن الصالح. ومن علمائهم بعد الثمانين والمائتين الهادي وابنه المرتضى من الشرفاء الحسنية. وأكثر الزيدية غير الفرقة الأولى يتبعون المعتزلة في الأصول إلا في مسائل معدودة كمسألة الإمامة وأن صاحب الكبيرة كافر نعمة فاسق، ويوافقون أبا حنيفة في الفروع، وبعضهم يتبعون الشافعي فيها إلا في بعض مسائل يروونها عن أئمتهم.

وأما الإسماعيلية فمن علمائهم المبارك وعبد الله بن ميمون القداح وغياث صاحب كتاب البيان ومحمد بن علي البرقعي والمقنع.

وأما المهدوية منهم فلم يكن لهم أول الأمر عالم يقتدى به، ولما قدم محمد بن عبد الله بن عبيد الله الملقب بالمهدي بلاد المغرب، وكان إسماعيليا دعا أهله إلى مذهب الإسماعيلية فأجاب أكثرهم دعوته وتمذهبوا بمذهبه، فلما رأى أن أمره مطاع ادعى أنه من نسل إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق وسمت نفسه إلى الخلافة فجمع من أطاعه وحرضهم على قتال من خالفهم، فحاربوا عمال المقتدر العباسي وولاته، فغلبوا عليهم، فكثرت حينئذ أتباعه ودعاته ولقبوه بالمهدي ودعوا الناس إلى إمامته. ولم يكن دعاته أول الأمر من أهل العلم، كانوا يدعون الناس إلى مذهبه بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد. وكان أهل الحجاز والعراق ومصر والشام لا يصدقونه في دعواه هذا النسب. وقد صعد العزيز أحد أولاد المهدي المنبر يوم الجمعة، فوجد فوق المنبر رقعة قد كتب فيها هذه الأبيات:

إنا سمعنا نسبا منكرا

يتلى على المنبر في الجامع

إن كنت فيما تدعي صادقا

فاذكر أبا بعد الأب الرابع

وإن ترد تحقيق ما قلته

فانسب لنا نفسك كالطائع

أو لا دع الأنساب مستورة

وادخل بنا في النسب الواسع

ص: 286

فإن أنساب بني هاشم

يقصر عنها طمع الطامع

لأن هذه القصة جرت في خلافة الطائع العباسي وكان نسبه مشهورا لا يرتاب فيه أحد، وأما المهدي فكان لا يعرف نسبه أحد، وأجمع أهل الحجاز والمدينة والعراق والشام ومصر على أنه كذاب أفاك. وإنما قال الشاعر:"فاذكر أبا بعد الأب الرابع"؛ لأن أباه الرابع إنما هو أبو المهدي عبد الله بن عبيد الله، ولهذا يقال لبنيه العبيديون، والمهدي غير اسم أبيه وسماه عبد الله، فإن اسمه كما تقدم أحمد، لأنه يزعم أنه هو المهدي الموعود، وكان قد سمع من الأخبار المشهورة أن اسم المهدي محمد واسم أبيه عبد الله، ويدعي أنه ابن عبد الله بن عبيد الله بن قاسم بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق، ولم يخلف محمد ولدا. ولما استولى على بلاد المغرب، وأولاده على مصر والشام والحجاز واليمن، وانتشروا في البلاد، وآثر الناس مذهبهم، نشأ فيهم العلماء، ورجع بعض علماء أهل السنة إلى مذهبه، فممن نشأ فيهم أبو الحسن علي بن نعمان وأبو عبد الله محمد بن نعمان، وذلك في أيام المعز والعزيز، وأبو القاسم عبد العزيز في زمن

ص: 287

الحاكم، وعامر بن عبد الله الرواحي وعلي بن محمد بن علي الصليحي زمن المستنصر. ومن الذين انتقلوا من مذهب أهل السنة إلى مذهب الإسماعيلية أبو حنيفة بن أبي عبد الله ومحمد بن منصور صاحب الثغر وقاضيه، وكان مالكي المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإسماعيلية لطلب المال والجاه، ولم يكن في دولة العبيدية مثله، فإنه كان عالما فاضلا، وكان ينتصر لمذهب الرافضة، وكان ملازما لصحبة المعز، ولم يزل عنده معززا مبجلا، وقد تبعه جمع من الناس.

إن الفقيه إذا غوى وأطاعه

قوم غووا معه فضاع وضيعا

مثل السفينة إذا هوت في لجة

غرقت وأغرق ما هنالك أجمعا

ومن علماء أولاد المهدي جمع منهم: العزيز ابنه، فإنه كان أديبا فاضلا وعالما كاملا. ومنهم المعز والحاكم بن المعز. والحاكم هذا يدعي أنه يناجي ربه في الطور كما كان موسى عليه السلام يناجيه، وكان يعلم شيئا من علم الكيمياء وله كتاب سماه التعويذ، وهو مشهور بين أرباب هذا الفن، وكذا كتاب الهياكل.

وكان الملوك من أولاد عبيد كلهم يدعون معرفة المغيبات، وأخبارهم في ذلك مشهورة.

وصعد العزيز يوما المنبر فرأى في رقعة:

بالظلم والجور قد رضينا

وليس بالكفر والحماقة

إن كنت أُعطيت علم غيب

فقل لنا كاتب البطاقة

ص: 288

وكان الحاكم هذا من المغالين في الرفض، وهو الذي بعث رجالا إلى المدينة سرا لاستخراج جسد الشيخين الثاويين جوار سيد الثقلين -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فلما قدموا المدينة خدعوا بعض العلوية ممن كان مجاورا للمسجد الشريف النبوي والروضة المطهرة، فآواهم في داره، وكانوا يشتغلون بالحفر ليلا، فلما بلغوا قرب الروضة المطهرة أظلمت المدينة وثار بها غبار واشتد هبوب الرياح والرعد والبرق حتى استيقن الناس بالهلاك، فقام العلويون وأخبروا أمير المدينة بما جرى، فأرسل إليهم وأحضرهم بين يديه وأمر بقتلهم، فانكشفت الظلمة وزالت الصواعق وسكنت الرياح. كذا ذكره القاضي أبو عبد الله منصور السمناني في كتاب الاستبصار.

وأما النزارية فعلماؤهم شرذمة قليلة، وكان أعلمهم الحسن بن الصباح الحميري وأبو الحسن [سنان بن] سليمان بن محمد الملقب براشد الدين صاحب قلاع الإسماعيلية، وله رسائل بديعة، منها ما كتب إلى السلطان نور الدين محمود الشهيد بن علاء الدين زنكي ملك الشام، وهو الذي سير بعض أمرائه، وهو صلاح الدين يوسف بن أيوب، إلى مصر في عهد العاضد، ومات العاضد بعد قدومه، فاستولى على

ص: 289

مصر من غير منازع. لما كتب إليه السلطان كتابا يهدده فيه فقال:

"يا للرجال لأمر هال مفظعه

ما مر قط على سمعي توقعه

يا ذا الذي بقراع السيف هددنا

لا قام قائم جنبي حين تصرعه

قام الحمام إلى البازي يهدده

وشمرت لقراع الأسد أضبعه

أضحى يسد فم الأفعى بأصبعه

يكفيه ماذا يلاقي منه أصبعه

وقفنا بتفصيله وجمله، وأعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل! وبعوضة تعد في التماثيل! وقد قالها قبلك قوم آخرون فدمرناهم، وما كان لهم ناصرون، أوللحق تدحضون؟ أم للباطل تنصرون؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، أما ما صدرت به قولك من قطع رأسي وقلعك لقلاعي في الجبال الرواسي؛ فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض، كم بين قوي وضعيف ودني وشريف! وإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا عن البواطن والمعقولات، فلنا أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:"ما أوذي نبي مثل ما أوذيت به"، وقد علمتم ما جرى في عترته وأهل بيته وشيعته، والحال ما حال، والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى، إذ نحن مظلومون للظالمين، ومغبوطون للغابطين، وإذا جاء الحق زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيف قتال رجالنا، وما

ص: 290

يتمنون من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، فتمنوا الموت إن كنتم صادقين، ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم، والله عليم بالظالمين، وفي الأمثال السائرة: أوللبط يهددون بالشط، فهيئ للبلاء جلبابا، وتدرع للرزايا أثوابا، ولا تكونن كالباحث عن حتفه بظلفه، والجاذع مارن أنفه بكفه، وإذا وقفت على كتابنا فكن على أمرنا بالمرصاد، ومن حيلتك على اقتصاد، واقرأ أول النحل وآخر سورة صاد"، ثم ختمها ببيتين وهما:

بنا نلت هذا الملك حتى تأثلت بيوتك فيه واشمخر عمودها

فأصبحت ترمينا بنبل قد استوى مغارسها فينا وفينا جريدها

وأما علماء الإمامية فهم كثيرون جدا، والمشهورون منهم قيس بن سليم بن قيس الهلالي وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وصاحب الطاق وأبو الأحوص وعلي بن منصور وعلي بن جعفر وبيان بن

ص: 291

سمعان المكنى بأبي أحمد الحرري وابن أبي عمير وعبد الله بن مغيرة والنطيري وأبو بصير ومحمد بن الحكيم ومحمد بن الفرخ [الرخجي] وإبراهيم الحراز ومحمد بن حسين وسليمان الجعفري ومحمد بن مسلم وبكير بن أعين وزرارة بن أعين وعبد الله وسماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعلي بن جعفر وعيسى وعثمان وعلي بن

ص: 292

فضال ومنصور بن الحازم وأحمد بن محمد بن عبد الله أبي نصر البزنطي ويونس بن عبد الله القمي وأيوب بن نوح والحسن بن عياش بن الحريش، وغيرهم.

وأما علماء الاثني عشرية فكثيرون أيضا. والمشهورون منهم علي بن مظاهر الواسطي وأحمد بن إسحاق وجابر الجعفي ومحمد بن جمهور

ص: 293

العمي وحسين بن سعيد وعبد الدين وعبيد الله ومحمد وعمران وعبد الأعلى بنو علي بن أبي شعبة وجدهم وصاحب المعالم وفخر

ص: 294

المحققين ومحمد بن علي الطرازي ومحمد بن علي الجعابي والكراكجي والكفعمي وجلال الدين حسن بن أحمد شيخ شيخهم المقتول ومحمد بن الحسن الصفار وأبان بن بشر البقال وعبد [الكريم] الخثعمي والحسين بن سعيد والفضيل بن

ص: 295

شاذان ومحمد بن يعقوب الكليني (وكلين كأمير قرية بالري) وعلي بن بابويه القمي -وهو غير القمي الذي هو أحد مشائخ البخاري وأحد رواته في الصحيح فإن هذا من أهل المائة الرابعة، والذي استشهد به البخاري في كتاب الطب حيث قال في حديث:«الشفاء في ثلاثة شرطة محجم وشربة عسل وكية نار» : رواه القمي عن ليث عن مجاهد، فإن ابن بابويه القمي لم ير الليث ولا من روى عنه- وعبد الله بن علي الحلبي وعلي بن مهزيار (بفتح الميم وسكون الهاء والزاي لا الراء كما وهم) الأهوازي

ص: 296

وسلّار وعلي بن إبراهيم القمي وابن براح وابن زهرة وابن إدريس ويونس بن عبد الرحمن والحسن والكيدري ومعين

ص: 297

الدين المصري وابن جنيد وحمزة وأبو الصلاح وابن الشريعة الواسطي وابن [أبي] عقيل والغضائري والكشي والنجاشي وحيدر الآملي

ص: 298

والبرقي ومحمد بن جرير الطبري وابن هشام الديلمي ورجب بن رجب بن محمد البرسي الحلي وابن شهر آشوب السروي المازندراني و [منتجب] الدين أبو الحسن علي بن عبد الله حفيد علي بن حسين بن بابويه والطبرسي ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري صاحب كتاب نوادر الحكم، وشيخهم المقتول محمد بن مكي، وسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة،

ص: 299

ومحمد بن الحسن بن الوليد شيخ ابن بابويه، وأحمد بن فهد وميثم بن ميثم البحراني وعبد الواحد بن صيفي النعماني وأبو عيسى الوراق وابن الراوندي والمسبحي وأبو عبد الله محمد بن نعمان الملقب عندهم بالمفيد [وعند البعض ابن المعلم] والشريف المرتضى والشريف الرضي وأبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي وسبطه علي بن موسى بن طاووس وأحمد بن طاووس وجمال الدين أبو علي بن الحسين بن يوسف بن المطهر الأسدي

ص: 300

الحلي

المشتهر عندهم بالعلامة، وابنه فخر الدين الملقب عندهم بالمحقق [الحلي، ونصير بن محمد الطوسي وأبو القاسم نجم الدين بن سعيد الملقب عندهم بالمحقق] صاحب الشرائع، وتقي الدين بن داود وسديد الدين محمود الحمصي ورضي الدين بن طاووس وجمال الدين بن طاووس وولده غياث الدين والمقداد وعلي بن عبد العالي وصهره الباقر وزين الدين المقتول وتلميذه بهاء الدين العاملي وخليل

ص: 301

القزويني شارح العدة والباقر المجلسي صاحب بحار الأنوار. وغيرهم مما يطول ذكرهم.

ص: 302