الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة
اعلم أن لكل فرقة من فرق الشيعة علماء:
أما الغلاة فأعلم علمائهم عبد الله بن سبأ الصنعاني وأبو كامل وبنان ومغيرة العجلي، وهما اللذان كذبهما الصادق وقال:"إنهما يفتريان علينا أهل البيت، ويرويان عنا الأكاذيب"، وأبو الخطاب الأخدع ونصير وإسحاق وعلباء ورزام والمفضل الصيرفي وسريع وبريع ومحمد بن يعفور وغيرهم. وأقوال هؤلاء محض هذيان لا دليل عليها ولا برهان.
وأما الكيسانية فأعلم علمائهم كيسان، وقد تتلمذ على محمد بن علي بن أبي طالب ولم يكن بعده عالم يوازيه من هذه الفرقة، وهو أول من قال بإمامة محمد بن علي بعد أبيه، وأبو كريب الضرير وإسحاق بن عمر وعبد الله بن حرب وغيرهم.
وأما الزيدية المخلصون فأعلم علمائهم يحيى بن زيد بن علي الحسين بن علي بن أبي طالب وأكابر أصحاب زيد، ولهم روايات عن أئمة أهل البيت، كأمير المؤمنين والسبطين والسجاد وزيد ويحيى بن زيد. ومن أئمتهم الناصر. ومن علمائهم جماعة يقال لهم الزيدية، نسبوا إلى زيد بن علي نسبا ومذهبا، وهم من ثقاة المحدثين، وقد روى عنهم أهل السنة والجماعة. وأما الذين اختلفوا وافترقوا فأعلم علمائهم جارود وأحمد بن محمد بن سعيد السبعي الهمداني وابن عقدة وسليمان والبتر التومي وخلف بن عبد الصمد ونعيم بن
اليمان ويعقوب وحسين بن الصالح. ومن علمائهم بعد الثمانين والمائتين الهادي وابنه المرتضى من الشرفاء الحسنية. وأكثر الزيدية غير الفرقة الأولى يتبعون المعتزلة في الأصول إلا في مسائل معدودة كمسألة الإمامة وأن صاحب الكبيرة كافر نعمة فاسق، ويوافقون أبا حنيفة في الفروع، وبعضهم يتبعون الشافعي فيها إلا في بعض مسائل يروونها عن أئمتهم.
وأما الإسماعيلية فمن علمائهم المبارك وعبد الله بن ميمون القداح وغياث صاحب كتاب البيان ومحمد بن علي البرقعي والمقنع.
وأما المهدوية منهم فلم يكن لهم أول الأمر عالم يقتدى به، ولما قدم محمد بن عبد الله بن عبيد الله الملقب بالمهدي بلاد المغرب، وكان إسماعيليا دعا أهله إلى مذهب الإسماعيلية فأجاب أكثرهم دعوته وتمذهبوا بمذهبه، فلما رأى أن أمره مطاع ادعى أنه من نسل إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق وسمت نفسه إلى الخلافة فجمع من أطاعه وحرضهم على قتال من خالفهم، فحاربوا عمال المقتدر العباسي وولاته، فغلبوا عليهم، فكثرت حينئذ أتباعه ودعاته ولقبوه بالمهدي ودعوا الناس إلى إمامته. ولم يكن دعاته أول الأمر من أهل العلم، كانوا يدعون الناس إلى مذهبه بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد. وكان أهل الحجاز والعراق ومصر والشام لا يصدقونه في دعواه هذا النسب. وقد صعد العزيز أحد أولاد المهدي المنبر يوم الجمعة، فوجد فوق المنبر رقعة قد كتب فيها هذه الأبيات:
إنا سمعنا نسبا منكرا
…
يتلى على المنبر في الجامع
إن كنت فيما تدعي صادقا
…
فاذكر أبا بعد الأب الرابع
وإن ترد تحقيق ما قلته
…
فانسب لنا نفسك كالطائع
أو لا دع الأنساب مستورة
…
وادخل بنا في النسب الواسع
فإن أنساب بني هاشم
…
يقصر عنها طمع الطامع
لأن هذه القصة جرت في خلافة الطائع العباسي وكان نسبه مشهورا لا يرتاب فيه أحد، وأما المهدي فكان لا يعرف نسبه أحد، وأجمع أهل الحجاز والمدينة والعراق والشام ومصر على أنه كذاب أفاك. وإنما قال الشاعر:"فاذكر أبا بعد الأب الرابع"؛ لأن أباه الرابع إنما هو أبو المهدي عبد الله بن عبيد الله، ولهذا يقال لبنيه العبيديون، والمهدي غير اسم أبيه وسماه عبد الله، فإن اسمه كما تقدم أحمد، لأنه يزعم أنه هو المهدي الموعود، وكان قد سمع من الأخبار المشهورة أن اسم المهدي محمد واسم أبيه عبد الله، ويدعي أنه ابن عبد الله بن عبيد الله بن قاسم بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق، ولم يخلف محمد ولدا. ولما استولى على بلاد المغرب، وأولاده على مصر والشام والحجاز واليمن، وانتشروا في البلاد، وآثر الناس مذهبهم، نشأ فيهم العلماء، ورجع بعض علماء أهل السنة إلى مذهبه، فممن نشأ فيهم أبو الحسن علي بن نعمان وأبو عبد الله محمد بن نعمان، وذلك في أيام المعز والعزيز، وأبو القاسم عبد العزيز في زمن
الحاكم، وعامر بن عبد الله الرواحي وعلي بن محمد بن علي الصليحي زمن المستنصر. ومن الذين انتقلوا من مذهب أهل السنة إلى مذهب الإسماعيلية أبو حنيفة بن أبي عبد الله ومحمد بن منصور صاحب الثغر وقاضيه، وكان مالكي المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإسماعيلية لطلب المال والجاه، ولم يكن في دولة العبيدية مثله، فإنه كان عالما فاضلا، وكان ينتصر لمذهب الرافضة، وكان ملازما لصحبة المعز، ولم يزل عنده معززا مبجلا، وقد تبعه جمع من الناس.
إن الفقيه إذا غوى وأطاعه
…
قوم غووا معه فضاع وضيعا
مثل السفينة إذا هوت في لجة
…
غرقت وأغرق ما هنالك أجمعا
ومن علماء أولاد المهدي جمع منهم: العزيز ابنه، فإنه كان أديبا فاضلا وعالما كاملا. ومنهم المعز والحاكم بن المعز. والحاكم هذا يدعي أنه يناجي ربه في الطور كما كان موسى عليه السلام يناجيه، وكان يعلم شيئا من علم الكيمياء وله كتاب سماه التعويذ، وهو مشهور بين أرباب هذا الفن، وكذا كتاب الهياكل.
وكان الملوك من أولاد عبيد كلهم يدعون معرفة المغيبات، وأخبارهم في ذلك مشهورة.
وصعد العزيز يوما المنبر فرأى في رقعة:
بالظلم والجور قد رضينا
…
وليس بالكفر والحماقة
إن كنت أُعطيت علم غيب
…
فقل لنا كاتب البطاقة
وكان الحاكم هذا من المغالين في الرفض، وهو الذي بعث رجالا إلى المدينة سرا لاستخراج جسد الشيخين الثاويين جوار سيد الثقلين -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فلما قدموا المدينة خدعوا بعض العلوية ممن كان مجاورا للمسجد الشريف النبوي والروضة المطهرة، فآواهم في داره، وكانوا يشتغلون بالحفر ليلا، فلما بلغوا قرب الروضة المطهرة أظلمت المدينة وثار بها غبار واشتد هبوب الرياح والرعد والبرق حتى استيقن الناس بالهلاك، فقام العلويون وأخبروا أمير المدينة بما جرى، فأرسل إليهم وأحضرهم بين يديه وأمر بقتلهم، فانكشفت الظلمة وزالت الصواعق وسكنت الرياح. كذا ذكره القاضي أبو عبد الله منصور السمناني في كتاب الاستبصار.
وأما النزارية فعلماؤهم شرذمة قليلة، وكان أعلمهم الحسن بن الصباح الحميري وأبو الحسن [سنان بن] سليمان بن محمد الملقب براشد الدين صاحب قلاع الإسماعيلية، وله رسائل بديعة، منها ما كتب إلى السلطان نور الدين محمود الشهيد بن علاء الدين زنكي ملك الشام، وهو الذي سير بعض أمرائه، وهو صلاح الدين يوسف بن أيوب، إلى مصر في عهد العاضد، ومات العاضد بعد قدومه، فاستولى على
مصر من غير منازع. لما كتب إليه السلطان كتابا يهدده فيه فقال:
"يا للرجال لأمر هال مفظعه
…
ما مر قط على سمعي توقعه
يا ذا الذي بقراع السيف هددنا
…
لا قام قائم جنبي حين تصرعه
قام الحمام إلى البازي يهدده
…
وشمرت لقراع الأسد أضبعه
أضحى يسد فم الأفعى بأصبعه
…
يكفيه ماذا يلاقي منه أصبعه
وقفنا بتفصيله وجمله، وأعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل! وبعوضة تعد في التماثيل! وقد قالها قبلك قوم آخرون فدمرناهم، وما كان لهم ناصرون، أوللحق تدحضون؟ أم للباطل تنصرون؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، أما ما صدرت به قولك من قطع رأسي وقلعك لقلاعي في الجبال الرواسي؛ فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض، كم بين قوي وضعيف ودني وشريف! وإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا عن البواطن والمعقولات، فلنا أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:"ما أوذي نبي مثل ما أوذيت به"، وقد علمتم ما جرى في عترته وأهل بيته وشيعته، والحال ما حال، والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى، إذ نحن مظلومون للظالمين، ومغبوطون للغابطين، وإذا جاء الحق زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيف قتال رجالنا، وما
يتمنون من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، فتمنوا الموت إن كنتم صادقين، ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم، والله عليم بالظالمين، وفي الأمثال السائرة: أوللبط يهددون بالشط، فهيئ للبلاء جلبابا، وتدرع للرزايا أثوابا، ولا تكونن كالباحث عن حتفه بظلفه، والجاذع مارن أنفه بكفه، وإذا وقفت على كتابنا فكن على أمرنا بالمرصاد، ومن حيلتك على اقتصاد، واقرأ أول النحل وآخر سورة صاد"، ثم ختمها ببيتين وهما:
بنا نلت هذا الملك حتى تأثلت بيوتك فيه واشمخر عمودها
فأصبحت ترمينا بنبل قد استوى مغارسها فينا وفينا جريدها
وأما علماء الإمامية فهم كثيرون جدا، والمشهورون منهم قيس بن سليم بن قيس الهلالي وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وصاحب الطاق وأبو الأحوص وعلي بن منصور وعلي بن جعفر وبيان بن
سمعان المكنى بأبي أحمد الحرري وابن أبي عمير وعبد الله بن مغيرة والنطيري وأبو بصير ومحمد بن الحكيم ومحمد بن الفرخ [الرخجي] وإبراهيم الحراز ومحمد بن حسين وسليمان الجعفري ومحمد بن مسلم وبكير بن أعين وزرارة بن أعين وعبد الله وسماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعلي بن جعفر وعيسى وعثمان وعلي بن
فضال ومنصور بن الحازم وأحمد بن محمد بن عبد الله أبي نصر البزنطي ويونس بن عبد الله القمي وأيوب بن نوح والحسن بن عياش بن الحريش، وغيرهم.
وأما علماء الاثني عشرية فكثيرون أيضا. والمشهورون منهم علي بن مظاهر الواسطي وأحمد بن إسحاق وجابر الجعفي ومحمد بن جمهور
العمي وحسين بن سعيد وعبد الدين وعبيد الله ومحمد وعمران وعبد الأعلى بنو علي بن أبي شعبة وجدهم وصاحب المعالم وفخر
المحققين ومحمد بن علي الطرازي ومحمد بن علي الجعابي والكراكجي والكفعمي وجلال الدين حسن بن أحمد شيخ شيخهم المقتول ومحمد بن الحسن الصفار وأبان بن بشر البقال وعبد [الكريم] الخثعمي والحسين بن سعيد والفضيل بن
شاذان ومحمد بن يعقوب الكليني (وكلين كأمير قرية بالري) وعلي بن بابويه القمي -وهو غير القمي الذي هو أحد مشائخ البخاري وأحد رواته في الصحيح فإن هذا من أهل المائة الرابعة، والذي استشهد به البخاري في كتاب الطب حيث قال في حديث:«الشفاء في ثلاثة شرطة محجم وشربة عسل وكية نار» : رواه القمي عن ليث عن مجاهد، فإن ابن بابويه القمي لم ير الليث ولا من روى عنه- وعبد الله بن علي الحلبي وعلي بن مهزيار (بفتح الميم وسكون الهاء والزاي لا الراء كما وهم) الأهوازي
وسلّار وعلي بن إبراهيم القمي وابن براح وابن زهرة وابن إدريس ويونس بن عبد الرحمن والحسن والكيدري ومعين
الدين المصري وابن جنيد وحمزة وأبو الصلاح وابن الشريعة الواسطي وابن [أبي] عقيل والغضائري والكشي والنجاشي وحيدر الآملي
والبرقي ومحمد بن جرير الطبري وابن هشام الديلمي ورجب بن رجب بن محمد البرسي الحلي وابن شهر آشوب السروي المازندراني و [منتجب] الدين أبو الحسن علي بن عبد الله حفيد علي بن حسين بن بابويه والطبرسي ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري صاحب كتاب نوادر الحكم، وشيخهم المقتول محمد بن مكي، وسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة،
ومحمد بن الحسن بن الوليد شيخ ابن بابويه، وأحمد بن فهد وميثم بن ميثم البحراني وعبد الواحد بن صيفي النعماني وأبو عيسى الوراق وابن الراوندي والمسبحي وأبو عبد الله محمد بن نعمان الملقب عندهم بالمفيد [وعند البعض ابن المعلم] والشريف المرتضى والشريف الرضي وأبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي وسبطه علي بن موسى بن طاووس وأحمد بن طاووس وجمال الدين أبو علي بن الحسين بن يوسف بن المطهر الأسدي
الحلي
المشتهر عندهم بالعلامة، وابنه فخر الدين الملقب عندهم بالمحقق [الحلي، ونصير بن محمد الطوسي وأبو القاسم نجم الدين بن سعيد الملقب عندهم بالمحقق] صاحب الشرائع، وتقي الدين بن داود وسديد الدين محمود الحمصي ورضي الدين بن طاووس وجمال الدين بن طاووس وولده غياث الدين والمقداد وعلي بن عبد العالي وصهره الباقر وزين الدين المقتول وتلميذه بهاء الدين العاملي وخليل
القزويني شارح العدة والباقر المجلسي صاحب بحار الأنوار. وغيرهم مما يطول ذكرهم.