الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع في بيان من يدعي كل فرقة من الرافضة أخذ المذهب عنه وإبطاله
اعلم أن جميع فرق الرافضة سوى الغلاة يدعون أنهم يروون أصول الدين وأحكام الشريعة عن أهل البيت:
أما الكيسانية فيزعمون أنهم يروون عن علي وبنيه السبطين ومحمد بن الحنفية، وعن أبي هاشم بن محمد بن علي، أو عن علي وابنه محمد وولده.
وأما الزيدية فيزعمون أنهم يروون عن علي وولديه السبطين، وعن زين العابدين السجاد وعن ابنه زيد ويحيى بن زيد.
وأما الباقرية فيزعمون أنهم يروون عن خمسة: علي وولديه والسجاد والباقر.
وأما الناوسية فيزعمون أنهم يروون عن ستة: الخمسة المذكورة وجعفر بن محمد الصادق.
وأما المباركية من الإسماعيلية فيزعمون أنهم يروون عن سبعة: الستة المذكورة وإسماعيل.
وأما القرمطية فيزعمون أنهم يروون عن ثمانية: السبعة المذكورة ومحمد بن إسماعيل.
وأما السمطية فيزعمون أنهم يروون عن اثني عشر: عن الثمانية
المذكورة ومحمد وموسى الكاظم وعبد الله وإسحاق أبناء الصادق.
وأما المهدوية فيزعمون أنهم يروون عن اثنين وعشرين رجلا. وقد تقدم ذكرهم في الفصل الثاني. وهؤلاء يزعمون أن أئمتهم معصومون. قال أبو محمد نجم الدين عمارة بن علي بن زيد المدحجي الشاعر المشهور في قصيدته الميمية التي يمدح بها الفائز بن الظافر ووزيره [الطلائع] بن زرنك:
أقسمت بالفائز المعصوم معتقدا فوز النجاة فاجر البر في القسم
وأئمتهم يدعون أيضا أنهم معصومون، ويدعون علم الغيب والعلوم الغريبة من الكيمياء وغيرها.
وأما النزارية من المهدوية فيزعمون أنهم يروون عن ثمانية عشر رجلا: أولهم أمير المؤمنين وآخرهم المستنصر.
وأما الأفطحية فيزعمون أنهم يروون عن سبعة: علي وولديه والسجاد والباقر والصادق وابنه عبد الله.
وأما الممطورية فيزعمون أنهم يروون عن سبعة أيضا: الستة المذكورة، وهم أولاد موسى بن جعفر، والكاظم.
وأما الفاطمية والقطعية أيضا فيزعمون أنهم يروون عن هؤلاء السبعة.
وأما الاثنا عشرية من الإمامية فيزعمون أنهم يروون عن اثني عشر رجلا: الستة المذكورة وعلي بن موسى الرضا وابنه محمد التقي وولده علي النقي وابنه الحسن العسكري وولده المهدي.
وأما النصيرية فيزعمون أنهم يروون عن ثلاثة عشر رجلا: هؤلاء المذكورون وزيد بن علي أخي الباقر.
ولا دليل لهم على ما ادعوه، بل كله باطل، لأن صدق كل فرقة يقتضي كذب الأخرى، فلا يحصل من أخبارهم يقين ولا ظن.
أما اليقين فلأن كل فرقة من الفرق الرافضة لم تبلغ حد الكثرة في العصر الأول، بل وفي أكثر العصور المتأخرة، فضلا عن أن تبلغ حد التواتر. ولو تواتر لم ينكر [زيد] على الأحول، ولم ينكر بعض أصحاب الأئمة إمامة صاحبه، ولم تختلف الإمامية في عدد الأئمة، لأن كل فرقة تدعي التواتر.
وأما عدم حصول الظن فلكثرة الاختلاف وتكذيب بعضهم بعضا، ولأن رواة أخبارهم جماعة لا تقبل روايتهم؛ لأن منهم مرتكب الكبيرة، وهم
الذين اشتكى منهم أمير المؤمنين لأنهم لا يطيعون أمره ولا يسمعون قوله. ومنهم الفاسق بعمل الجوارح. ومنهم فاسد المذهب، ومنهم الوضاع الكذاب، ومنهم الجهلة الضعفاء، ومنهم من اختلف في توثيقه، ومنهم من تعارضت الأخبار في جرحه وتعديله ولا مرجح لأحد الخبرين على الآخر، وهم الأكثرون -كما سيجيء إن شاء الله تعالى- ومنهم المجسمة، ومنهم الراوي عن الخطوط والرقاع المزورة، وكل من هؤلاء لا تقبل روايته.
أما أخبار غير من روى عن الخطوط فظاهر أنها لا تقبل. وأما الراوي عن الخطوط، فلأن الخط يشبه الخط بحيث لا يفرق بينهما، وربما يقلد الماهر في فن الكتابة خط كاتب آخر فيكتب مثل خطه بحيث لا يتميز الخطان.
وأما الرقاع فلا يرتاب عاقل أنها مزورة، ولا يصدق بها إلا الأحمق. والعجب من الرافضة أنهم سموا صاحب الرقاع بالصدوق! اللهم إلا أن يكون من تسمية الشيء باسم ضده. وهو وإن كان يظهر الإسلام غير أنه كان كافرا في نفس
الأمر، وكان يزعم أنه كان يكتب مسألة في رقعة، فيضعها في ثقب شجرة ليلا، فيكتب الجواب عنها المهدي صاحب الزمان. وهذه الرقاع عند الشيعة لها محل عظيم وموقع جسيم. فتبًّا لقوم أثبتوا أحكام دينهم بمثل هذه الترهات، واستنبطوا الحلال والحرام من نظائر هذه الخزعبلات. كلا إنها لا تروج إلا على من أعمى الله تعالى بصيرته وطبع على قلبه وأباد فطنته. ومع ذلك فهم لا يصغون للحق ولا يعون. فإنا لله وإنا إليه راجعون.