الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني عشر أن القرآن كلام الله تعالى ليس فيه تحريف ولا نقصان
ذهبت الاثنا عشرية وغيرهم من الإمامية إلى أن القرآن المكتوب بين دفتي المصاحف الموجود عند المسلمين الموجود عندهم ليس كله كلام الله، فإن فيه ما ليس منه، وليس فيه جميع القرآن المنزل الذي أمر الأمة بتلاوته، فإن فيه تحريفات كثيرة، وقد سقط منه آيات وسور جمة.
روى الكليني عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله: أن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية.
وروى عن محمد بن [أبي] نصر عنه أنه قال: "كان في {لم يكن} اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم".
وروى عن سالم بن سلمة قال: "قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أسمعه حروفا من القرآن ليس ما يقرأه الناس، فقال أبو عبد الله: مه اكفف عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأه الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل على حده".
وروى هو وغيره عن الحكم بن عتبة أنه قال: "قرأ علي بن الحسين قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث، وقال: وكان علي بن أبي طالب محدثا". وروى عن مزيد عن أبي عبد الله أنه قال: "الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه، والنبي يرى في منامه، والمحدث الذي يسمع الصوت".
وروى عن محمد بن الجهم الهلالي وغيره عن أبي عبد الله أنه قال: {أن تكون
أمة هي أربى من أمة} ليس كلام الله، بل حُرف عن موضعه والمنزل: أئمة هي أزكى من أئمتكم".
قالوا: ومما أسقط منه سورة الولاية، وكانت سورة الأحزاب [مثل] سورة الأنعام فأسقط منها ما كان في فضل أهل البيت والأحكام، و [لفظة] من قوله تعالى:{لا تحزن إن الله معنا} كما ذكر ذلك ابن شهراشوب السروي في مثالبه. وقالوا: سقط من قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسئولون} لفظ عن ولاية علي؛ ومن قوله تعالى: {خير من ألف شهر} لفظ وملك بني أمية، وكان بعد لفظ ألف؛ ومن قوله تعالى:{وكفى الله المؤمنين القتال} لفظ بعلي بن أبي طالب، وكان بعد لفظ القتال؛ ومن قوله تعالى:{وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} لفظ "آل محمد"، وكان بعد لفظ الذين ظلموا؛ ومن قوله تعالى {ولكل قوم هاد} لفظ علي، وكان بعد هاد؛ ومن قوله تعالى:{ألم نشرح لك صدرك} لفظ وعلي صهرك، وكان بعد صدرك، فأسقطه عثمان حسدا، إلى غير ذلك مما يطول ذكره.
وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة وجمهور الفرق الإسلامية أنه ليس في القرآن تحريف ولا نقصان، وذلك لأن الله تعالى قال:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وإذا كان الله تعالى الحافظ له كيف يتمكن أحد من تحريفه؟ ولأن تبليغ القرآن كما أنزل كان واجبا على الرسول عليه الصلاة والسلام إلى كافة الناس بنفسه أو بمن تبعه، قال تعالى:{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فانتصب صلى الله عليه وسلم لتعليمه فأمر بذلك من حضر وبعث إلى من ليس بحضرته، حتى انتشر في الأقطار التي دخلها الإسلام واشتهر في المواضع التي حل فيها الإيمان، ولم يزل المسلمون يتعبدون بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ويرون ذلك من أفضل الطاعات والأعمال من زمن النبي عليه الصلاة والسلام إلى زماننا هذا، وكل ما هذا شأنه لا يمكن تغييره ولا إسقاط شيء منه. ولأنه لو كان فيه تحريف بتغيير أو نقصان لم يبق وثوق بالأحكام. ولأنه لو كان الأمر كما ذكر لرواه جميع فرق الشيعة عن أهل البيت.
وقد شدد النكير سائر فرقهم على القائل بالتحريف والإسقاط وحكموا بتكفيره، لا سيما الزيدية، ورووا عن أهل البيت أنهم كانوا يقرأون هذا القرآن، ويتمسكون بعامه وخاصه، ويستشهدون به. والتفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري إنما هو لهذا القرآن. وقد علموه أولادهم وخدامهم وسائر أهل بيتهم، وكانوا يأمرون بتلاوته في الصلاة. ومن ثمة قد أنكر شيخهم ابن بابويه في كتاب اعتقاداته هذه العقيدة وتبرأ منها.