الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في بيان فرق الشيعة
اعلم أن فرق الشيعة كثيرة، وأصولهم خمسة: الشيعة الأولى والغلاة والكيسانية والزيدية والإمامية. وأصل الفرق الأربعة الكذب والبهتان، وجل مقالاتهم في اتباع الهوى.
أما الشيعة الأولى فهم المخلصون. وهم الذين شايعوا عليا كرم الله تعالى وجهه بعد أن بايعه المسلمون للخلافة ولازموا صحبته من المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة وغيرهم ممن تبعهم بإحسان رضي الله تعالى عنهم. وهؤلاء افترقوا فرقتين: السنية قالوا إن عليا هو الخليفة بعد عثمان والإمام الذي افترضت طاعته، ومن خرج عليه فو باغ مخطئ؛ والتفضيلية قالوا إن عليا وأولاده أحق بالخلافة من غيرهم وهو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يذكرون الصحابة إلا بخير ولا يعزونهم إلى الضلال. ولا خلاف بينهم وبين الفرقة الأولى في هذه المسألة.
وأما الغلاة فأربع وعشرون فرقة
الأولى السبئية: أصحاب عبد الله بن سبأ. قالوا إن عليا هو الإله حقا وإنه لم يقتل وإنما قتل ابن ملجم شيطانا تصور بصورته وإنه في السحاب وإن الرعد صوته والبرق سوطه وإنه ينزل بعد حين يقتل أعداءه.
الثانية المفضلية: أصحاب المفضل الصيرفي. قالوا في الأئمة مثل ما قالت النصارى في المسيح وإنه تعالى حل فيهم واتحد بناسوته وإن النبوة لم تنقطع،
وينتحلون النبوة والرسالة.
الثالثة السريغية: أصحاب السريغ. قالوا إن الله تعالى حل في خمسة أشخاص، النبي والعباس وعلي وجعفر وعقيل.
الرابعة البزيعية: أصحاب بزيع بن يونس. قالوا جعفر بن محمد هو الإله لا يرى، ولكن شبه بهذه الصورة، والأئمة يوحى إليهم ويرقون في الملكوت.
الخامسة الكاملية: أصحاب أبي كامل. قالوا إن لله تعالى مكانا وإن الأرواح تتناسخ وكان روح الله في آدم ثم في ولده شيث ثم في الأنبياء والأئمة، وكذلك تتناسخ في سائر بني آدم، وإن الصحابة كفروا بترك بيعة علي، وكذا علي بترك طلب الحق.
السادسة المغيرية: أصحاب مغيرة بن سعد العجلي. قالوا إن الله تعالى على صورة رجل وإنه جسم على رأسه تاج من نور قلبه منبع الحكم.
السابعة الجناحية: قالوا الأرواح تتناسخ، وكان روح الله تعالى في آدم ثم في شيث ثم سائر الأنبياء والأئمة حتى انتهت إلى علي وأولاده الثلاثة ثم إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، وهو الإمام بعد محمد بن الحنفية. وأنكروا المعاد
واستحلوا المحارم.
الثامنة البيانية: أصحاب بيان بن سمعان النهدي. قالوا إن لله تعالى صورة وإنه حل في علي واتحد بناسوته ثم في ابنه محمد ثم في ولده أبي هاشم ثم في بيان واتحد بناسوته.
التاسعة المنصورية: أصحاب أبي منصور العجلي، ويقال لهم العجلية أيضا. قالوا الرسل لا تنقطع أبدا وإن العالم قديم. وأنكروا الأحكام والجنة والنار وأولوها. وقالوا الإمامة صارت إلى محمد بن علي بن الحسين ثم انتقلت منه إلى أبي منصور هذا.
العاشرة الغمامية: ويقال لهم الربيعية أيضا. قالوا إن الله تعالى ينزل إلى الأرض كل ربيع في غمام فيطوف الدنيا ثم يعرج إلى السماء.
الحادية عشرة الأموية: أصحاب الأموي. قالوا إن عليا كان شريكا لمحمد في النبوة.
الثانية عشرة التفويضية: قالوا إن الله تعالى خلق الدنيا وفوضها إلى محمد وأباح له كل ما فيها. وقالت طائفة منهم فوضها إلى علي. وقالت أخرى إليهما.
الثالثة عشر الخطابية: أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي. قالوا إن الأئمة أبناء الله وعلي إله وجعفر الصادق الإله الأصغر وأبو الخطاب نبي، والأنبياء فرضوا على الناس طاعة أبي الخطاب. وكان يأمر أصحابه بشهادة الزور على مخالفيه.
الرابعة عشر المعمرية: أصحاب المعمر. قالوا جعفر بن محمد الصادق نبي ثم بعده أبو الخطاب وبعد قتله معمر، وأحكام الشريعة مفوضة إلى النبي وقد أسقطها معمر. وهؤلاء فرقة من الخطابية.
الخامسة عشر الغرابية: قالوا إن الله تعالى أرسل جبريل فغلط في تبليغ الرسالة من علي إلى محمد، وكان محمد لعلي أشبه من الغراب بالغراب، لذلك لقبوا بالغرابية.
السادسة عشر الذبابية: قالوا إن عليا إله وإن محمدا نبي وهو أشبه له من الذباب بالذباب. وهؤلاء طائفة من الغرابية رجعوا عن عقيدتهم إلى هذه العقيدة.
السابعة عشر الذمية: قالوا إن عليا إله، ويذمون محمدا لأنهم يزعمون أن عليا هو
الإله وقد بعث محمدا ليدعو الناس إليه فدعاهم إلى نفسه دونه، فلذا لقبوا بالذمية.
الثامنة عشر الاثنينية: قالوا إن محمدا وعليا كلاهما إله، وافترقوا فرقتين؛ فقدمت فرقة عليا وقدمة فرقة أخرى محمدا، وهؤلاء الفرقة من الذمية رجعوا عن الذم وشاركوا محمدا مع علي في الإلهية.
التاسعة عشر الخمسية: وهم فرقة من الذمية أيضا. قالوا الآلهة خمسة محمد وعلي وفاطمة وحسن والحسين، وزعموا أن الخمسة شيء واحد وأن الروح حالة فيهم على السوية لا مزية لواحد منهم على الآخر. ومن أعجب العجائب أن طائفة منهم كانوا يحذفون التاء من فاطمة تحاشيا عن وصمة التأنيث مع اعترافهم بأنها بنت محمد وبعلة علي وأم الحسن والحسين، وذلك من فرط شركهم وجهالتهم وغباوتهم وضلالتهم. وربما يطلق عليهم وعلى الاثنينية النزة الأولى مع أنهم تبرؤوا عن الذم.
العشرون النصيرية: أصحاب نُصير. قالوا إن الله تعالى حل في علي ثم الأئمة من ولده، ولذا أطلقوا الألوهية على علي والأئمة.
الحادية والعشرون الإسحاقية: أصحاب إسحاق. قالوا الأرض لا تخلو من نبي، والله حل في علي ثم في الأئمة من ولده كما قالت النصيرية. إلا أنهم اختلفوا فيمن حل الله فيه بعد علي من ولده.
الثانية والعشرون [العلبائية]: أصحاب [علباء] بن دراع الأوسي، وقيل
الأسدي. قالوا إن عليا هو الإله وهو أفضل من محمد وإن بايعه.
الثالثة والعشرون الرزامية: أصحاب الرزام. قالوا الإمام بعد علي ابنه محمد ثم ولده أبو هاشم ثم علي بن عبد الله بن العباس بوصية أبي هاشم له ثم محمد بن علي ثم أولاده إلى المنصور ثم حل الله تعالى في أبي مسلم صاحب الدعوة وإنه لم يقتل. واستحلوا المحارم وتركوا الفرائض.
الرابعة والعشرون المقنعية: أصحاب المقنع. ادعوا الألوهية في المقنع، وقالوا الآلهة أربعة علي والحسن والحسين والمقنع. وهؤلاء فرقة من الرزامية.
وأما الكيسانية فهم أصحاب كيسان مولى الحسن السبط، وقيل مولى علي بن أبي طالب. وقال الجوهري في صحاحه: كيسان لقب المختار، وتبعه غيره. والصحيح ما قدمناه. تتلمذ على محمد بن علي وأخذ عنه العلوم الغريبة. وهم ست فرق:
الفرقة الأولى الكربية: أصحاب أبي كريب الضرير. قالوا الإمام بعد علي ابنه أبو القاسم محمد لأن عليا رفع إليه الراية بالبصرة وإنه حي مقيم بجبل رضوى في شعب منه، وهو صاحب الزمان، دخل الشعب ومعه أربعون رجلا من أصحابه، وعنده عينان نضاختان يجريان عسلا وماء. وإلى هذا يشير كُثير عزة الشاعر المشهور من جملة أبياته، وكان كيساني الاعتقاد:
وسبط لا يذوق الموت حتى
…
يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيّب لا يُرى فيهم زمانا
…
برضوى عنده عسل وماء
وأبو كريب هذا أول من قال باختفاء صاحب الزمان من خوف الأعداء وظهوره بعد حين، وتبعه جماهير الإمامية فوقعوا في وادي الجبت.
الفرقة الثانية الإسحاقية: أصحاب إسحاق بن عمر. قالوا الإمام بعد محمد ابنه أبو الهاشم وبعده أولاده بوصية الآباء للأبناء.
الفرقة الثالثة الكندية: أصحاب عبد الله بن الحرب، ويقال لهم الحربية أيضا. قالوا الإمام بعد أبي الهاشم عبد الله بن الحرب الكندي بوصيته له.
الفرقة الرابعة العباسية: قالوا الإمام بعد أبي الهاشم [علي بن عبد الله بن العباس] ثم انتقلت إلى ولده محمد بن