الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعذرة الإنسان وغيرها من النجاسات المغلظة. وهذا الحكم مخالف لصريح الكتاب، أعني قوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ولا شك أن هذه الأشياء يطلق عليها لفظ الثياب شرعا وعرفا، ولهذا تدخل في يمين تنعقد بلفظ الثياب نفيا وإثباتا.
وقالوا: إن ثياب بدن المصلي -كالأزرار والقميص والسراويل- يجوز الصلاة بها وإن تلطخت بدم الجروح والقروح، مع أن الدم والصديد ونحوهما -سواء كانت من جرحه أو جرح غيره- نجسة بلا شبهة. وهذا في حق غير المبتلى بهما، وأما في حقه فمعفو عنه لتعسر الاحتراز عن ذلك حينئذ.
مسائل الصلاة
قالوا: يجوز استقبال غير القبلة في صلاة النافلة قائما كان المصلي أو قاعدا، وكذا في سجدة التلاوة. وهذا ابتداع في الدين، وأمر لم يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. وأما حالة الركوب في السفر فمخصوصة البتة من عموم وجوب استقبال القبلة بروايات الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة كما بيّن في محله. وإذا انتفى هذا العذر
لا يصح استقبال غير القبلة. قال تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، ولقد أنصف هذه المسألة شيخهم المقداد في كنز العرفان وحكم بمخالفة هذا الحكم لصريح القرآن.
وقالوا: إنَّ مَن صلى في مكان فيه نجاسة -كبراز الإنسان يابسة لا تلتصق ليبسها ببدنه وثوبه في السجود والقعود- جازت صلاته، مع أن وجوب طهارة مكان الصلاة ضروري الثبوت في جميع الشرائع.
وقالوا: إنَّ مَن غمس قدميه إلى الركبة ويديه إلى المرفقين في صهاريج بيت الخلاء الممتلئة بعذرة الإنسان وبوله ثم أزال عين ما التصق به بعد اليبس بالفرك والدلك من غير غسل وصلى صحت صلاته. وكذلك إن انغمس جميع بدنه في بالوعة مملوءة من البول والعذرة -وليس على بدنه جرم النجاسة- صحت صلاته أيضا بلا غسل. مع أن التطهير في هذه الحالات من غير غسل لا يتحقق، كما هو معلوم لكل أحد من العقلاء.
وقالوا: لو وجد المصلي بعد الفراغ من الصلاة في ثوبه براز الإنسان أو الكلب أو الهرة اليابس أو المني أو الدم صحت صلاته ولا تجب عليه إعادتها، كما ذكره الطوسي في التهذيب وغيره. مع أن طهارة الثوب من شرائط الصلاة، والجهل والنسيان في الحكم الوضعي ليس بعذر.
وقالوا: إنَّ مَن صلى عاريا وقد ستر ذكره وانثييه بطين قليل -ولو من غير ضرورة- صحت صلاته. مع أن ستر العورة واجبٌ على القادر شرعا، ولا سيما في حالة الصلاة. ولهذا خالف جماعة من الإمامية جمهورهم في هذه المسألة مستدلين بالآثار المروية عن أهل البيت.
وقالوا: إنَّ مَن لطخ لحيته وشاربه وبدنه وثوبه بذرق الدجاج أو أصاب لحيته وشاربه ووجهه وخده قطرات من بوله بعد ما استبرأ ثلاث مرّات تصح صلاته بلا غسل.
وقالوا: يجوز المشي للمصلي في صلاته لوضع عجينة في محل لا يصل إليه كلب أو هرة، ولو كان ذلك المحل بعيدا عن مصلاه لمسافة عشرة أذرع شرعية. مع أن العمل الكثير ولا سيما إذا لم يكن مما يتعلق بالصلاة مبطل لها، لقوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} .
وقالوا: من قرأ في الصلاة "وتعالى جدك" تفسد صلاته. مع أن قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} في سورة [الجن] يصح قرأتها في الصلاة. وقالوا تفسد الصلاة بقراءة بعض السور من القرآن كحم تنزيل السجدة وثلاث سور أخرى، مع أن قوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} يدل بمنطوقه على العموم. وهؤلاء الفرقة هم يروون عن الأئمة أن الصلاة تصح بقراءة كل سورة من القرآن، ومن العجيب أنهم يحكمون بجواز الصلاة بقراءة ما يعلمه المصلي أنه ليس من القرآن المنزل، بل هو محرّف عثمان وأصحابه، مثل أن تكون:{أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} .
وقالوا: يجوز الأكل والشرب في الصلاة، كما صرح به فقيههم المعتبر صاحب شرائع الأحكام في كتابه هذا، مع أن الأخبار المتفق عليها تدل على المنع من الأكل والشرب في الصلاة. وشرب الماء في صلاة الوتر لمن يريد أن يصوم غدا وعطش في تلك
الصلاة مجمع على جوازه عندهم.
وقالوا: لو باشر المصلي امرأة حسناء مباشرة فاحشة وضمها إلى نفسه وألصق رأس ذكره بما يحاذي قبلها وسال المذي الكثير ولو إلى الساق جازت صلاته، كذا ذكره الطوسي وأبو جعفر وغيره من مجتهديهم. ولا يخفى أن هذه الحركات مخالفة بالبداهة لمقاصد الشرع ومنافية لحالة المناجاة.
وقالوا: إنَّ المصلي لو لعب بذكره وخصيتيه بحيث سال منه المذي لا تفسد صلاته.
وقال بعضهم: تجوز الصلاة إلى جهة قبور الأئمة بنية مزيد الثواب. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد».
وقالوا: يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير عذر وسفر. وذلك مخالف لقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} .
وقالوا: يجوز أن تصلى الصلوات الأربع -أعني الظهر والعصر والمغرب والعشاء- متصلا بعضها ببعض لانتظار خروج المهدي. مع أن الله تعالى جعل لكل صلاة وقتا.
وقالوا: لا يجوز قصر الصلاة في سفر التجارة دون إفطار الصوم. مع أنه لا فرق بين الصلاة والصوم شرعا. وقد نص على الفرق ابن إدريس وابن المعلم والطوسي وغيرهم. وروايات الأئمة تدل على عدم الفرق، ففي كتبهم الصحيحة روى معاوية بن وهب عن أبي عبد الله أنه قال:«وإذا قصرت أفطرت، وإذا أفطرت قصرت» .
وقالوا مَن كان في سفره أكثر من إقامته -كالمكاري والملاح والتاجر الذي يتردد [بفحص الأسواق]- فله أن يقصر صلاة النهار ويتم صلاة الليل، ولو أقام خمسة أيام
في أثناء سفره أيضا. نص عليه القاضي ابن البراج وابن زهرة وأبو جعفر الطوسي في النهاية والمبسوط. مع أن روايات الأئمة التي وصلت إليهم تدل على خلاف ذلك، ولم تفرق بين الليل والنهار. روى محمد بن بابويه في الصحيح عن أحدهما أنه قال:«المكاري والملاح إذا جدّ بهما سفر فليقصرا» ، وروى [محمد] بن مسلم عن الصادق نحوه.
وقالوا: إن القصر في صلاة السفر مخصوص بالسفر إلى المسجد الحرام والمدينة المنورة وكوفة وكربلاء، وهذا عند جمهورهم. وأما المختار لجمع منهم المرتضى فهو أن جميع مشاهد الأئمة لها هذا الحكم. مع أن قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ} الآية يدل على جواز القصر مطلقا. وقد كان الأمير كرم الله تعالى وجهه يقصر صلاته في جميع أسفاره. ورواية ابن بابويه السابقة دالة أيضا على الإطلاق.
وقالوا: إنَّ صلاة الجمعة في غيبة الإمام لا تجب، بل زعم أهل أخبارهم أنها حرام. وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ