المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول في ذكر شيء من تعصباتهم - السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌المقصد الأول في بيان سبب ظهور الرافضة وسبب افتراقهم وعدد فرقهم

- ‌الفصل الأول في بيان مبدأ ظهور الرافضة

- ‌وافترقت الشيعة حينئذ إلى أربع فرق

- ‌الفصل الثاني في بيان سبب افتراق الرافضة

- ‌الفصل الثالث في بيان فرق الشيعة

- ‌وأما الغلاة فأربع وعشرون فرقة

- ‌(فرق الزيدية)

- ‌(فرق الإمامية)

- ‌(فرق الإسماعيلية)

- ‌خاتمة لهذا الفصل

- ‌الفصل الرابع في بيان مدة بقاء كل فرقة من فرق الروافض

- ‌الفصل الخامس في بيان دعاة الرافضة وفرقهم

- ‌الفصل السادس في بيان مكائد الرافضة لإضلال الناس وميلهم عن الحق

- ‌الفصل السابع في بيان أسلاف الرافضة

- ‌الفصل الثامن في بيان أنه لا يمكن إثبات الدين المحمدي على أصول الرافضة

- ‌(الأدلة عند الشيعة)

- ‌الفصل التاسع في بيان من يدعي كل فرقة من الرافضة أخذ المذهب عنه وإبطاله

- ‌الفصل العاشر في بيان اختلاف الرافضة في الإمامة وتعيين الأئمة

- ‌الفصل الحادي عشر في بيان كثرة اختلاف الشيعة في أعداد الأئمة وشروط الإمامة

- ‌الفصل الثاني عشر في بيان اختلاف الشيعة فيما رووه عن أهل البيت

- ‌الفصل الثالث عشر في أقسام أخبار الشيعة

- ‌الفصل الرابع عشر في بيان احتجاج الرافضة بالأخبار التي لا يجوز الاحتجاج بها

- ‌الفصل الخامس عشر في بيان روايات الشيعة إلا الحميرية عن أهل البيت

- ‌الفصل السادس عشر في ذكر علماء كل فرقة من فرق الشيعة

- ‌الفصل السابع عشر في بيان كتب الشيعة

- ‌الفصل الثامن عشر في بيان أحوال كتب أحاديث الشيعة

- ‌الفصل التاسع عشر في أن معتقدات الرافضة وهميات

- ‌الفصل العشرون في بيان غلو الرافضة في مذاهبهم الباطلة

- ‌الفصل الحادي والعشرون في بيان من لقب هذه الفرقة بالرافضة

- ‌المقصد الثاني في الإلهيات

- ‌المطلب الأول في بيان أن النظر في معرفة الله تعالى واجب شرعا

- ‌المطلب الثاني في أن الله تعالى موجود حي عالم سميع بصير قادر

- ‌المطلب الثالث في بيان أن الإله واحد

- ‌المطلب الرابع في بيان أن الله تعالى متفرد بالقدم

- ‌المطلب الخامس في أن الله تعالى أبدي لا يصح عليه الفناء لا يشارك في ذلك

- ‌المطلب السادس في أن لله تعالى صفات ثبوتية أزلية

- ‌المطلب السابع في أن صفات الله تعالى قديمة

- ‌المطلب الثامن أن الله تعالى فاعل بالاختيار

- ‌المطلب التاسع في أن الله تعالى قادر على كل مقدور

- ‌المطلب العاشر في أنه تعالى عالم بما كان وما يكون

- ‌المطلب الحادي عشر في أنه تعالى يتكلم والكلام صفة من صفاته

- ‌المطلب الثاني عشر أن القرآن كلام الله تعالى ليس فيه تحريف ولا نقصان

- ‌المطلب الثالث عشر أن الله تعالى مريد

- ‌المطلب الرابع عشر أن إرادة الله تعالى متعلقة بكل كائن

- ‌المطلب الخامس عشر في أنه تعالى قد يأمر بما لا يريد وينهى عما يريد

- ‌المطلب السادس عشر في بيان أنه لا يجوز البداء على الله

- ‌المطلب السابع عشر في أنه لا يجب على الله تعالى شيء

- ‌المطلب الثامن عشر في بيان أن التكليف لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب التاسع عشر في أن اللطف لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب العشرون في بيان أن الأصلح لا يجب عليه تعالى

- ‌المطلب الحادي والعشرون في بيان أن العوض لا يجب على الله تعالى

- ‌المطلب الثاني والعشرون في أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى

- ‌المطلب الثالث والعشرون في أن الله لم يفوض خلق الدنيا إلى أحد

- ‌المطلب الرابع والعشرون في أن الله تعالى خالق الخير والشر

- ‌المطلب الخامس والعشرون في أن جميع الكائنات بقضاء الله تعالى وقدره

- ‌المطلب السادس والعشرون في أن قرب العبد إلى ربه ليس بقرب مكان

- ‌المقصد الثالث في مباحث النبوة

- ‌الفصل الأول في أن البعثة لطف من الله تعالى

- ‌الفصل الثاني في جواز خلو الزمان عن نبي ووصي

- ‌الفصل الثالث في أن الرسول أفضل الخلق ولا يكون غيره أفضل منه

- ‌الفصل الرابع في أن النبي لا يحتاج إلى غير النبي لا يوم القيامة ولا في الدنيا

- ‌الفصل الخامس في أن الأنبياء عليهم السلام كانوا عارفين بما يجب من اعتقادات

- ‌الفصل السادس في أن الأنبياء لم يصدر عنهم ذنب كان الموت عليه هلاكا

- ‌الفصل السابع في أن الأنبياء عليهم السلام كانوا منزهين عن الخصال الذميمة

- ‌الفصل الثامن في أن الأنبياء عليهم السلام أقروا جميعا يوم الميثاق بما خاطبهم الله تعالى

- ‌الفصل التاسع في أن نبيا من الأنبياء لم يعتذر عن الرسالة ولم يستعف منها

- ‌الفصل العاشر في أن المبعوث هو محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه

- ‌الفصل الحادي عشر في أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين

- ‌الفصل الثاني عشر في أن الله تعالى لم يفوض أمر الدين إلى أحد من الرسل والأئمة

- ‌الفصل الثالث عشر في أن المعراج لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق

- ‌الفصل الرابع عشر في أن ما ورد من النصوص محمولة على ظواهرها

- ‌الفصل الخامس عشر في أنه تعالى لم يرسل بعد خاتم الأنبياء ملكا إلى أحد بالوحي

- ‌الفصل السادس عشر في أن النسخ من وظائف الشارع

- ‌المقصد الرابع في الإمامة

- ‌المطلب الأول في أن نصب الإمام ليس بواجب عليه تعالى

- ‌تتمة

- ‌المطلب الثاني في أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق

- ‌(الأدلة القرآنية على خلافة الثلاثة)

- ‌(أخبار عترية في خلافة الخلفاء)

- ‌تتمة في ذكر بعض الأدلة المأخوذة من الكتاب وأقوال العترة الأنجاب مما يوصل إلى المطلوب بأدنى تأمل

- ‌المطلب الثالث في إبطال ما استدل به الرافضة على كون الخلافة للأمير بلا فصل

- ‌(الأدلة القرآنية)

- ‌(الأدلة الحديثية)

- ‌مطلب الأدلة العقلية

- ‌المطلب الرابع في بيان صاحب الزمان

- ‌المطلب الخامس في أن العدالة شرط في الإمامة لا العصمة

- ‌المطلب السادس في أن الإمامة لا تنحصر في عدد معين

- ‌المقصد الخامس في رد مطاعن الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين وسائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم

- ‌المطاعن الأولى في الصديق الأجل رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الثانية في حق الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الثالثة في عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه

- ‌المطاعن الرابعة في أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها

- ‌المطاعن الخامسة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌المقصد السادس في المعاد

- ‌المطلب الأول في أن المعاد واقع

- ‌المطلب الثاني في أنه لا يجب على الله تعالى أن يبعث الخلق

- ‌المطلب الثالث في أن عذاب القبر حق

- ‌المطلب الرابع في أن الجنة والنار حق

- ‌المطلب الخامس لا رجعة إلى الدنيا بعد الموت

- ‌المطلب السادس في أن الله تعالى يعذب من يشاء ويرحم من يشاء

- ‌المطلب السابع أن غير الفرقة الناجية من الفرق لا تخلد في النار

- ‌المقصد السابع في بيان ما يدل على بطلان مذهب الشيعة

- ‌(الأدلة القرآنية)

- ‌(الأحاديث النبوية)

- ‌(الآثار المروية عن أهل البيت)

- ‌(الدلائل العقلية)

- ‌(تشريع فرق الشيعة ما لم يأذن به الله)

- ‌(مسائل الأعياد)

- ‌(مسائل الطهارة)

- ‌صفة الوضوء والغسل والتيمم

- ‌مسائل الصلاة

- ‌مسائل الصوم والاعتكاف

- ‌مسائل الزكاة

- ‌مسائل الحج

- ‌مسائل الجهاد

- ‌مسائل النكاح والبيع

- ‌مسائل التجارة

- ‌مسائل الرهن والدين

- ‌مسائل الغصب والوديعة

- ‌مسائل العارية

- ‌مسائل اللقيطة

- ‌مسائل الإجارة والهبة والصدقة والوقف

- ‌مسائل النكاح

- ‌مسائل المتعة

- ‌مسائل الرضاع والطلاق

- ‌مسائل الإعتاق والأيمان

- ‌مسائل القضاء

- ‌مسائل الدعوى

- ‌مسائل الشهادة والصيد والطعام

- ‌مسائل الفرائض والوصايا

- ‌مسائل الحدود والجنايات

- ‌المقصد الثامن في ذكر شيء من تعصباتهم ونبذ من هفواتهم

- ‌المطلب الأول في ذكر شيء من تعصباتهم

- ‌المطلب الثاني في ذكر شيء من هفواتهم

- ‌(التقية)

- ‌(التفسير)

- ‌(الكذب)

- ‌(ثواب المتعة)

- ‌(الرقاع والتوقيعات)

- ‌الخاتمة

- ‌قف على حال الإمامية من الشيعة

الفصل: ‌المطلب الأول في ذكر شيء من تعصباتهم

‌المطلب الأول في ذكر شيء من تعصباتهم

وهي كثيرة، ويعلم مما سبق كثير منها. ويذكر شيء منها ههنا.

فمنها [أنهم] أنكروا كون رقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة، قالوا وإنما هما ابنتا أخت خديجة، مات أبوهما وهما طفلتان عند خالتهما خديجة فرباهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره بعد دخوله بخديجة، ونسبوا إليه عادة العرب يومئذ أن من ربى يتيما نسب إليه، كما في قصة زيد التي حكاها الله تعالى في كتابه. ثم قالوا: على تسليم أنهما ابنتاه صلى الله عليه وسلم حقيقة لا فضيلة لعثمان في تزويج الرسول صلى الله عليه وسلم له بهما وقد زوجهما قبله كافرين، لأن رقية كانت تحت عتبة بن أبي لهب وأختها تحت أخيه عتيبة.

ص: 661

وقولهم هذا مردود أن كونهما ابنتيه عليه الصلاة والسلام حقيقة مقطوع به لصريح نص الكتاب، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} ؛ ولما ذكر في نهج البلاغة أن عليا قال لعثمان بطريق العتاب على تغييره سيرة الشيخين: "قد بلغت من صهره ما لم ينالا" يعني أبا بكر وعمر؛ ولما روى أبو جعفر في التهذيب عن جعفر الصادق أنه كان يقول في دعائه: "اللهم صلِّ على رقية بنت نبيك، اللهم صل على أم كلثوم بنت نبيك"؛ ولما روى الكليني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "تزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة، فولد منها قبل مبعثه القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وبعد المبعث الطيب والطاهر .. "، إلى غير ذلك من النصوص. وكتب التواريخ المعتبرة صارحة بذلك.

ثم [ما] ذكروا من أنه بعد التسليم لا فضيلة في ذلك فيه مردود، لأن الفضيلة أظهر من أن تنكر، كيف لا وقد صار ختن النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله مرتين كما نطقت بذلك الأخبار وشهدت به الآثار. وتزويجهما قبله بابني أبي لهب لا ينافي الفضيلة، لأن ذلك كان قبل المبعث، ومع ذلك لم يدخلا بهما لأنهما كانا قد عقدا عليهما وقبل أن يدخلا نزلت:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} فقال لهما أبوهما: "رأسي من رأسكما حرام إن لم تفارقا ابنتي محمد، ففارقهما ولم يكونا دخلا بهما". وكيف لا يكون في ذلك فضيلة وقد ساوى كثير من العلماء بين فاطمة وأم كلثوم رضي الله تعالى عنهما.

ومنها أنهم لم يعملوا بالخبر الموافق لما عليه أهل السنة ولو بلغ في الصحة ما بلغ. وقد

ص: 662

ذكر بعض علمائهم الشهير عندهم بشيخ الطائفة أن أكثر ما رواه الكليني وأبو عبد الله محمد بن النعمان الملقب عندهم بالشيخ المفيد شيخ الكليني وشيخ شيخه علي بن بابويه القمي متروكة العمل لموافقتها ما ذهب إليه العامة، يعني أهل السنة.

ومنها أنهم يعتقدون أن من لم يقل بعصمة الأئمة وأنهم أفضل من الأنبياء وأن الصحابة قد ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب مبايعتهم أبا بكر فهو مبغض لأهل البيت. فأهل السنة عندهم هم والنواصب سواء، بل هم أنجس من اليهود والنصارى بزعمهم الفاسد. ولا يخفى أن هذا أدل دليل على جهلهم ومزيد عصبيتهم، إذ كيف يتصور ذلك وقد صرحوا في كتبهم -وهم ليسوا قائلين بالتقية- أن الله تعالى أوجب محبة أهل بيت نبيه

ص: 663

- صلى الله عليه وسلم على جميع أمته. فقد روى البيهقي وأبو الشيخ والديلمي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحب إليه من نفسه". وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أحبوا أهل بيتي بحبي .. " إلى غير ذلك من الأخبار. وقالوا من ترك المودة في أهل بيت صلى الله عليه وسلم فقد خانه. وقد أجاد من قال:

ولا تعدل بأهل البيت خلقا

فأهل البيت هم أهل الشهادة

فبغضهم من الإنسان خسر

حقيقي وحبهم عبادة

وأوجبوا الصلاة عليهم في صلواتهم. ولما سمع أبو حنيفة أن الأعمش يروي عن علي بن أبي طالب ما لا يليق بجلالة شأنه، "فمرض فدخل عليه ومعه ابن

ص: 664

أبي ليلى وابن شبرمة، وكان عنده شريك بن عبد الله، التفت إليه أبو حنيفة وكان أكبرهم فقال: يا أبا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد سمعت أنك تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو سكت عنها لكان خيرا لك، فقال الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أسندوني، فلما أسندوه قال: حدثنا ابن المتوكل القاضي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة قال الله لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما، فلذلك قول الله تعالى:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ، فقال: قوموا عني لا يجيء أطهر من هذا، فما خرجوا من الباب حتى مات الأعمش رحمه الله تعالى". وقد روى هذا الحديث بهذا الإسناد جمع، فهو إسناد صحيح. (1)

وقد صحب الإمام أبو حنيفة محمد بن علي الباقر وابنه أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق وزيدا رضي الله تعالى عنهم وأخذ عنهم العلم. وقد أخذ مشائخ أهل السنة الطريقة عن الصادق، فإنه كما كان في في فروع الشريعة نظر ثاقب كان له في

(1)[قال ابن الجوزي في الموضوعات: هذا الحديث موضوع وكذب على الأعمش، والواضع له إسحاق النخعي، وقد ذكرنا أنه من الغلاة في الرفض الكذابين".]

ص: 665

أصول الطريقة علامات باهرة ومقامات ظاهرة، وقد صحبه الكبراء من سادات الطريقة مثل داود بن نصير الطائي وعبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وتأدبوا بآدابه، كذا ذكره الإمام الأجل الشيخ محمد بن محمود الفارساي البخاري الحافظي في الفصول. وروي أن الإمام أبا حنيفة ذهب به أبوه ثابت وهو صغير إلى الأمير كرم الله تعالى وجهه فدعا له ولذريته بالبركة.

ص: 666

وللشافعي رحمه الله تعالى أبيات تدل على مزيد محبته لأهل البيت وولائه، وقد نسبها إليه الشيعة واعترفوا بأنها له، وهذا كاف في إيرادها، منها:

يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكم من عظيم الفخر أنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له

ومنها:

إلام وحتى ومتى

أعاتب في حب هذا الفتى

فهل زوجت فاطم غيره

وفي غيره هل أتى هل أتى

ومنها:

قالوا ترفضت قلت كلا

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن توليت من غير شك

خير إمام وخير هادي

إن كان حب الوصي رفضا

فإني أرفض العباد

ومنها:

يا رب بالقدم التي أوطأتها

من قاب قوسين المحل الأعظما

وبحرمة القدم التي جعلت له

كف المؤيد بالرسالة سلما

ثبت على متن الصراط تكرما

قدمي وكن لي محسنا ومكرما

واجمعها ذخرا فمن كانا له

أمن العذاب ولا يخاف جهنما

ومنها:

ص: 667

لو كان عبد أتى بالصالحات غدا

وود كل نبي مرسل وولي

وصام ما صام صوام بلا ملل

وقام ما قام قوام بلا كسل

وعاش في الناس آلاف مؤلفة

عار عن الذنب معصوم عن الزلل

ما كان يوم البعث منتفعا

إلا بحب أمير المؤمنين علي

ومنها:

إذا ذكروا عليا أو بينه

وجاءوا بالروايات العلية

يقال تجاوزا يا قوم عنه

فهذا من حديث الرافضة

برئت إلى المهمين من أناس

يرون الرفض حب الفاطمية

ومنها:

إن فتشوا قلبي رأوا وسطه

سطرين قد خطا بلا كاتب

العلم والتوحيد في جانب

وحب أهل البيت في جانب

إلى غير ذلك. وقد سبق شيء منها.

ومالك بن أنس رحمه الله تعالى كان يفتخر أيضا بأخذ العلم عنهم وعمن أخذ عنهم. وكذلك أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه، وقد روي عنه أنه قال: "من أبغض

ص: 668

أهل البيت فهو منافق"، وما رواه أحد من أئمة أهل البيت عن أبيه عن جده سمى إسناده أئمة المحدثين سلسلة الذهب. وروى محمد في فضائلهم أحاديث جمة، وذكر في تاريخ نيسابور: "أن علي بن موسى الرضا رضي الله تعالى عنه دخل نيسابور وهو على بغلة وشقيق البلخي يسوقها وعليه مظلة لا يرى من ورائها، وتعرض له الحافظان أبو زرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي ومعهما من طلبة العلم والحديث ما لا يحصى، فتضرعا إليه أن يريهم وجهه ويروي لهم حديثا عن آبائه، فاستوثق البغلة وأمر غلمانه أن يكشفوا عن الظلة وأقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة، وكان الناس بين باك وصارخ ومتمرغ بالتراب ومقبل حافر بغلته! فصاحت العلماء معاشر الناس أنصتوا، واستملى منه الحافظان المذكوران فقال: حدثي أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حدثني جبريل قال: سمعت رب العزة يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي» . (1) ثم

(1)[ضعيف الجامع 2700]

ص: 669

أرخى الستر وسار، فعد أهل المحابر والذين يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا". وكذا أورده صاحب الفصول من الإمامية في تاريخ الأئمة. وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: لو قرأت هذه الأسانيد على مجنون لبرئ من حينه.

وذكر المبرد في الكامل قال: "يروى عن رجل من قريش قال: كنت عند سعيد بن المسيب يوما فأتاه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقلت له: يا أبا عبد الله من هذا؟ قال: هذا الذي لا يسع مسلما أن يجهله، هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب".

قال بعض الشعراء من علماء أهل السنة في أبيات:

أنا عبد لعبد عبد علي

غير أني أحب كل الصحابة

إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصى ولا يسعه قرطاس فيذكر. وقد سبق في مواضع متفرقة ثناء الصحابة على الأمير وعلى سائر أهل البيت من صغير وكبير. سوّد الله وجه الرافضة بالكذب والبهتان وعاملهم سبحانه بعدله بمزيد العذاب والخسران.

ومنها أنهم قالوا إن المخالفين لهم يستحقون اللعن. قال ابن عباد وزير السلاطين الديالمة:

حب علي بن أبي طالب

هو الذي يهدي إلى الجنة

إن كان تفضيلي له بدعة

فلعنة الله على السنة

ص: 670

وأنت تعلم أن السنة هي أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله، ومنها تقريراته. فانظر إلى هذا التجاسر العظيم والضلال الوخيم. نسأل الله العافية في الدين والدنيا.

ومنها أنهم يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم فوّض طلاق أزواجه إلى علي، ولما قاتلته عائشة طلقها. ولا يخفى بطلان هذا على أولي النهى، وذلك لأن الله تعالى قال:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} ، والتبديل إنما يكون بعد الطلاق لحرمة الزيادة على التسع عليه صلى الله عليه وسلم، فقد نهاه سبحانه عن الطلاق، فكيف يفوض ذلك لعلي؟ على أن الطلاق بعد الموت مما لم يقل به أحد.

ص: 671