الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس لا رجعة إلى الدنيا بعد الموت
وقالت الإمامية بها للنبي صلى الله عليه وسلم ووصيه وسبطيه وأعدائهم من الخلفاء والأمراء، وكذا الأئمة الآخرين وقاتليهم يحيون بعد ظهور المهدي ويعذبون ويقتص منهم ثم يماتون ويحيون يوم القيامة.
وهذا مخالف لصريح الآيات. منها قوله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ومنها: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} ومنها: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} إلى غير ذلك.
قال المرتضى في المسائل الناصرية إن أبا بكر وعمر يصلبان على شجرة في زمن المهدي قيل خضراء فتيبس ويرتد كثيرون، وقيل بالعكس فيهتدي كثيرون. وقال
جابر الجعفي: "إن الأمير سيرجع والدابة في القرآن رمز إليه". نستغفر الله تعالى من سوء الأدب. وجعفر هذا أول من قال بالرجعة ووافقه بعد ذلك جماعته، وهو شهير بالكذب. روى الشافعي عن سفيان بن عيينة:"كنا في منزل جابر الجعفي فتكلم بشيء فخرجنا خوفا أن يقع علينا السقف" وقال أبو حنيفة: "ما لقيت أحدا أكذب من جابر ولا أفضل من عطاء بن أبي رباح".
والدليل العقلي على أصولهم يبطل هذا الاعتقاد، لإنهم إن عذبوا بسوء أعمالهم في الدنيا ثم عذبوا في الآخرة كان ظلما، أو لم يعذبوا حصل التخفيف الأبدي وهو مناف لعظم الجناية. وأيضا لو كان المقصود من إحيائهم تعذيبهم في الدنيا فقط فذلك حاصل في عالم القبر فيكون عبثا، وننزه الله تعالى عنه، أو إظهار جنايتهم فالأولى بذلك الإظهار لمن كانوا معتقدين بحقية خلافتهم وممدين وناصرين. وأيضا في هذا التأخير ترك الأصلح، إذ قد مضى أكثر الأمة على الضلالة. وأيضا يلزم على هذا التقدير أن النبي والوصي والأئمة لا بد لهم أن يذوقوا موتا آخر زائدا على سائر الناس، وظاهر أن الموت شديد، فلا ينبغي إذاقته للمحبوب عبثا. وأيضا
يلزم مذلة الأمير والسبطين حيث لم يأخذوا الثأر بعد مضي هذه المدة إلا بواسطة المهدي ولم ينتقم الله من أعدائهم إلا حينئذ. وبالجملة المفاسد في هذا كثيرة والاعتراضات غزيرة.