الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أَعتَقَ الْعَبْدَ، أَوْ تَلِفَ الْمِبيعُ، رَجَعَ بِأَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَهُ غَيرَ عَالِم بِعَيبِهِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ وَهَبَهُ. وَإنْ فَعَلَهُ
ــ
بحُرِّيَّةِ الأَمةِ في النِّكاحِ؛ لأَنَّه يَرْجِعُ على مَنْ غَرَّه وإنْ لم يَكُن سَيِّدَ الأَمَةِ، وههُنا لو كان التَّدْلِيسُ مِن وكيلِ البائِعِ، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ. نَصَّ عليه.
1634 - مسألة: (وإنْ أعتَقَ العبدَ، أو تَلِفَ المَبِيعُ، رَجَع بأَرْشِه. وكذلك إنْ باعَه غيرَ عالِمٍ بعَيبِه. [نَصَّ عليه]
(1). وكذلك إن
(1) سقط من: الأصل، ق، م.
عَالِمًا بِعَيبهِ، فَلَا شَيءَ لَهُ.
ــ
وَهَبَه. وإن فَعَلَه عالِمًا بِعَيبِه، فلا شيءَ له) إذا زَال مِلْكُ المُشْتَرِي عن المَبِيعِ بعِتْقٍ، أو مَوْت، أو وَقْفٍ، أو قَتْلٍ، أو تَعَذَّرَ الرَّدُّ لاسْتِيلادٍ ونحوه، قبلَ عِلْمِه بالعَيبِ، فله الأَرشُ. وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومالِكٌ، والشّافِعِيُّ. إلَّا أنَّ أبَا حَنِيفَةَ قال في المَقْتُولِ خاصّةً: لا أرْشَ له؛ لأَنَّه زال مِلْكُه بفِعْلٍ مَضْمُونٍ، أشْبَهَ البَيعَ. ولَنا، أنَّه عَيبٌ لم يَرْضَ به، ولم يَسْتَدْرِكْ ظُلَامَتَه، فكان له الأرْشُ، كما لو أعتَقَهُ. والبَيعُ مَمْنُوعٌ، وإنْ سُلِّمَ، فقد اسْتَدْرَكَ ظُلامَتَه فيه. وأمّا الهِبَةُ، فعن أحمدَ فيها رِوايتان؛ إحْداهما، أنَّها كالبيعِ؛ لأنَّه لم يَيأسْ مِن إمكانِ الرَّدِّ، لاحتمالِ رُجُوعِ المَوهُوبِ إليه. والثانيةُ، له الأرْشُ. وهو أوْلَى. ولم يَذْكُرِ القاضي غَيرَها؛ لأنَّه لم يَسْتَدْرِكْ ظُلامَتَه، أشْبَهَ الوَقْفَ، وإمْكانُ الرَّدِّ ليس بمانِعٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن أخْذِ الأرْشِ عندنا، بدَلِيلِ ما قبلَ الهِبَةِ. وإنْ أكَلَ الطَّعَامَ، أو لَبِسَ الثَّوْبَ فأَتْلَفَه، رَجَعَ بأرْشِه. وبه قال أبو يوسفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حَنِيفَةَ: لا يَرْجِعُ بشيءٍ؛ لأنَّه أهْلَكَ العَينَ، فأشْبَهَ ما لو قَتَلَ العَبْدَ. ولَنا، أنَّه ما اسْتَدْرَكَ ظُلامَتَه، ولا رَضِيَ بالعَيبِ، فلم يَسْقُطْ حَقُّه مِن الأرْشِ، كما لو تَلِفَ بفِعْلِ اللهِ تَعالى.
فصل: إذا باعَ المُشْتَرِي المَبِيعَ قبلَ عِلْمِه بالعَيبِ، فله الأرْشُ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ البائِعَ لم يُوَفِّه ما أَوْجَبَه له العَقْدُ، ولم يُوجَدْ منه الرِّضَا به ناقِصًا، فكان له الرُّجُوعُ عليه، كما لو اعتَقَه. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه لا أرْشَ له، سواءٌ باعَهُ عالِمًا بِعَيبِهِ (1) أو غيرَ عالِمٍ. وهذا مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ، والشافعيِّ؛ لأنَّ امْتِناعَ الرَّدِّ كان بفِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو أتْلَفَ المَبِيعَ، ولأنَّه اسْتَدْرَكَ ظُلَامَتَه بِبَيعِه، فلم يكُنْ له أرْشٌ، كما لو زال العَيبُ.
فصل: وإن باعَهُ عالِمًا بعَيبِه، أو وَهَبَه، أو أعْتَقَه، أو وَقَفَه، أو اسْتَوْلَدَ
(1) في م: «بيعه» .
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى فِي مَنْ بَاعَهُ، لَيسَ لَهُ شَيْءٌ إلا أنْ يَرُدَّ عَلَيهِ الْمَبِيعَ، فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ الرَّدُّ أو الْأرْشُ.
ــ
الأمَةَ، ونحوَه، فلا شيءَ له. ذَكَرَه القاضِي؛ لان تَصَرُّفَه فيه مع عِلْمِه بالعَيبِ يَدُلُّ على رِضاهُ به، أشْبَهَ ما لو صَرَّحَ بالرِّضَا. قال شيخُنا (1): وقِياسُ المَذْهَبِ، أنّ له الأَرشَ بكُلِّ حالٍ، وقد رُوِيَ عن أحمدَ فيما إذا باعَهُ أو وَهَبَه؛ لأَنَّا خَيَّرْنَاهُ ابْتِداءً بينَ رَدِّهِ وإمْسَاكِه مع الأرْشِ، فَبَيعُه والتَّصَرُّفُ فيه بمَنْزِلَةِ إمْسَاكِه، ولأنَّ الأرْشَ عِوَضُ الجُزْءِ الفائِتِ مِن المَبِيعِ، فلم يَسْقُطْ بِبَيعِه، كما لو باعَهُ عَشَرَةَ أقْفِزَةٍ، وسَلَّمَ إليه تِسْعَةً، فَباعَها المُشْتَرِي. وقَوْلُهم: إنّه اسْتَدْرَكَ ظُلامَتَه. لا يَصِحُّ، فإنَّ ظُلامَتَه مِن البائِعِ، ولم يَسْتَدْرِكْها منه، وإنَّما ظُلِمَ المُشْتَرِي الثانِي، فلا يَسْقُطُ حَقُّه بذلك مِن الظالِمِ له. وهذا هو الصَّحِيحُ من قولِ مالِكٍ (وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى في مَن باعَهُ، ليس له شيءٌ إلَّا أنْ يَرُدَّ عليه المَبِيعَ،
(1) في: المغني 6/ 243.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيكونُ له حِينَئِذٍ الرَّدُّ أو الأرْشُ) لأنَّه إذا باعَهُ فقد اسْتَدرَكَ ظُلامَتَه. فعلى هذا، إذا عَلِمَ به المُشْتَرِي الثاني، فَرَدَّهُ به، أو أَخذَ أرْشَه منه، فللأوَّلِ أَخذُ أَرْشِه. وهو قولُ الشّافِعِيِّ إذا امْتَنَع على المُشْتَرِي الثاني رَدُّه بعَيبٍ حَدَثَ عِنْدَه؛ لأَنَّه لم يَسْتَدْرِكْ ظُلامَتَه. وكُلُّ واحِدٍ مِن المُشْترِيَينِ يَرْجِعُ بحِصَّةِ العَيبِ مِن الثَّمَنِ الذي اشْتَراهُ به، على ما تَقَدَّمَ.
فصل: وإذا رَدَّها المُشْتَرى الثاني على الأوَّلِ، وكان الأَوَّل باعَهَا عالِمًا بالعَيبِ، أو وُجِدَ منه ما يَدُلُّ على الرِّضَا به، فلَيسَ له رَدُّه؛ لأنَّ تَصَرُّفَه رِضًا بالعَيبِ، وإنْ لم يَكُنْ عَلِم، فله رَدُّه على بائِعِه. وبه قال الشافِعِيُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: ليس له رَدُّه، إلَّا أنْ يكونَ المُشْتَرِي فَسَخَ بحُكْمِ الحاكِمِ؛ لأنَّه سَقَطَ حَقُّه مِن الرَّدِّ بِبَيعِه، فأشْبَهَ ما لو عَلِمَ بِعَيبِه. ولَنا، أنَّه أمْكَنَه اسْتِدْرَاكُ ظُلامَتِه برَدِّه، فملَكَ ذلك، كما لو فَسَخَ الثانِي بحُكْمِ حاكِمٍ، أو كما لو لم يَزُلْ مِلْكُه عنه، ولا نُسَلِّمُ سقُوطَ حَقِّه، وإنَّما امْتَنَعَ لعَجْزِه عن رَدِّهِ، فإذا عادَ إليه، زال المانِعُ، فظَهَرَ جَوازُ الرَّدِّ، كما لو امْتَنَعَ الرَّدُّ لغَيبَةِ البائِعِ، أو لمَعْنًى آخَرَ. وسَواءٌ رَجَعَ إلى المُشْتَرِي الأوَّلِ بالعَيبِ الأوَّلِ، أو بإقالةٍ، أو هِبَةٍ، أو شراءٍ ثانٍ، أو ميراثٍ، في ظاهِرِ كلام القاضِي. وقال أصْحابُ الشّافِعِيِّ: إنْ رَجَعَ بغيرِ الفَسْخِ بالعَيبِ الأوَّلِ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهُما، ليس له رَدُّه؛ لأنَّه اسْتَدْرَكَ ظُلَامَتَه بِبَيعِه، ولم يَزُلْ بفَسْخِه (1). ولَنا، أنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ قائِمٌ،
(1) في الأصل، ق، م:«فسخه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإنَّما امْتَنَعَ لتَعَذُّرِه بزَوالِ مِلْكِه، فإذا زال المانِعُ وَجَبَ أنْ يجوزَ الرَّدُّ، كما لو رَدَّ عليه بالعَيبِ. فعلى هذا، إذا باعَها المُشْتَرِي لبائِعِها الأولِ، فوَجَدَ بها عَيبًا كان مَوْجُودًا حال العَقْدِ الأوَّلِ، فله الرَّدُّ على البائِعِ الثاني، ثم للثاني رَدُّه عليه. وفائِدَةُ الرَّدِّ ههُنا اخْتِلافُ الثَّمَنَينِ، فإنّه قد يكونُ الثّمَنُ الثانِي أكْثَرَ.
فصل: وإنِ اسْتَغَلَّ المُشْتَرِي المَبِيعَ، أو عَرَضَهُ على البَيعِ، أو تَصَرَّفَ فيه تَصَرُّفًا دالًّا على الرِّضَا به، قبلَ عِلْمِه بالعَيبِ، لم يَسْقُطْ خِيارُه؛ لأنَّ ذلك لا يَدُلُّ على الرضَا به مَعِيبًا. وإنْ فَعَلَه بعدَ عِلْمِهِ بعَيبِه، بَطَلَ خِيارُه في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: كان الحَسَنُ، وشرَيحٌ، وعُبَيدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، وابنُ أبي لَيلَى، والثَّوْرِيُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرأي، يقولُون: إذا اشْتَرَى سِلْعَةً، فَعَرَضَها على البَيعِ بعدَ عِلْمِه بالعَيبِ، بَطَلَ خِيارُه. وهذا قَوْلُ الشّافِعِيِّ. ولا أعْلَمُ فيه خِلافًا. فأمّا الأرْشُ، فقال ابنُ أبي مُوسَى: لا يَسْتَحِقُّه أيضًا. وقد ذَكَرْنَا أنَّ قِياسَ المَذْهَبِ اسْتِحْقَاقُ الأرْشِ. قال أحمدُ: أنا أقولُ: إذا اسْتَخْدَمَ العَبْدَ، فأرَادَ نُقْصانَ العَيبِ، فله ذلك. فأمّا إنِ احْتَلَبَ اللَّبَنَ الحادِثَ بعدَ العَقْدِ، لم يَسْقُطْ رَدُّه؛ لأنَّ اللَّبَنَ له، فملَكَ اسْتِيفاءَه مِن المَبِيعِ الذي يُرِيدُ رَدَّه. وكذلك إنْ رَكِبَ الدّابَّةَ لِيَنْظُرَ سَيرَها، أو اسْتَخْدَمَ الأَمةَ ليَخْتَبِرَها، أو لَبِسَ القَمِيصَ ليَعْرِفَ قَدْرَه، لم يَسْقُطْ خِيارُه؛ لأَنَّ ذلك ليس برِضًا بالمَبِيعِ، ولهذا لا يَسْقُطُ به خِيَارُ الشَّرْطِ، وإن اسْتَخْدَمَها لغيرِ ذلك اسْتِخْدامًا كثيرًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَطَلَ رَدُّه، وإنْ كان يَسِيرًا لا يَخْتَصُّ (1) الملْكَ، لم يَبْطُلِ الخِيَارُ. قيل لأحمدَ: إنَّ هؤلاء يَقُولُونَ: إذا اشْتَرَى عَبْدًا، فوَجَدَه مَعِيبًا، فاسْتَخْدَمَه، بأَنْ يَقُولَ: ناولْنِي هذا الثَّوْبَ. بَطَلَ خِيارُه. فأنْكَرَ ذلك، وقال: مَن قال هذا؟ أو (2): مِن أينَ أخَذُوا هذا؟ ليس هذا برضًا حتى يكونَ شيءٌ يَبِينُ ويَطُولُ. وقد نُقِلَ عنه في بُطْلَانِ خِيارِ الشَّرْطِ بالاسْتِخْدامِ رِوَايَتَانِ، فكذلك يُخَرَّجُ ها هنا.
فصل: فإن أبَقَ العَبْدُ، ثم عَلِمَ عَيبَه، فله أَخْذُ أرْشِه. فإن أخَذَه ثم قَدَرَ على العَبْدِ، فإن لم يكُنْ مَعْرُوفًا بالإِباقِ قبلَ البَيعِ، فقد تَعَيَّبَ عندَ المُشْتَرِي، فهل يَمْلِكُ رَدَّه وَرَدَّ أرْشِ العَيبِ الحادِثِ عندَه والأرْشِ الذي أَخَذَه؟ على رِوَايَتَينِ. وإنْ كان آبِقًا، فله رَدُّه ورَدُّ ما أَخَذَه مِن الأرْشِ وأخْذُ ثَمَنِه. وقال الثَّوْرِيُّ، والشّافِعِيُّ: ليس للمُشْتَرِي أخْذُ أرْشِه، سواءٌ قَدَرَ على رَدِّهِ أو عَجَزَ عنه، إلَّا أنْ يَهْلِكَ؛ لأَنَّه لم يَيأسْ مِن رَدِّه، فهو كما لو باعَه. ولَنا، أَنَّه مَعِيبٌ لم يَرْضَ به، ولم يَسْتَدْرِكْ ظُلَامَتَه فيه، فكان له أرْشُه، كما لو أَعْتَقَه، وفي البَيعِ اسْتَدْرَكَ ظُلَامَتَه، بخلافِ مسألِتنا.
فصل: إذا اشْتَرَى عَبْدًا فأَعْتَقَه، ثمَّ عَلِمَ به عَيبًا، فأخَذَ أَرْشَه، فهو له. وعنه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّه يَجْعَله في الرِّقابِ. وهو قول الشعْبِيِّ (3)؛
(1) في م: «ينقص» .
(2)
بعده في م: «قال» .
(3)
في المغني 6/ 250: «الشافعي» .