الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ وَالْمَرِيضِ. وَفِى بَيْع الجَانِى والْقَاتلِ في الْمُحَارَبَةِ، وَلَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ وَجْهَانِ.
ــ
1552 - مسألة: (ويَجُوزُ بَيْعُ العَبْدِ المُرْتَدِّ والمَرِيضِ. وفى بَيْعِ الجانِى والقاتِلِ في المُحارَبَةِ، ولَبَنِ الآدَمِيّاتِ وَجْهانِ)
حُكْمُ بيْعِ المُرْتدِّ حُكْمُ القاتِل؛ في صِحَّةِ بَيْعِه، وسائِر أحْكَامِهِ. وبَيْعُه جائِزٌ؛ لأنَّ قَتْلَه غيرُ مُتَحَتِّمٍ؛ لاحْتِمالِ رُجُوعِه إلى الإِسْلامِ، ولأَنَّه مَمْلُوكٌ مُنْتَفعٌ به، وخَشْيَةُ هَلاكِه لا تَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِه، كالمَرِيضِ، فإنّا لا نَعْلَمُ خِلافًا في صِحَّةِ بَيْعِ المَرِيضِ.
فصل: ويَصِحُّ بَيْعُ العَبْدِ الجانِى، في أَصَحِّ الوَجْهَيْنِ، سَواءٌ كانت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جِنَايَتُه عَمْدًا أو خَطَأً، على النَّفْسِ أو ما دُونَها، مُوجِبَةً للقِصَاصِ أو غيرَ مُوجِبَةٍ. وبهذا قال أبو حَنِيفةَ، والشّافِعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْهِ. وقال في الآخرِ: لا يَصِحُّ بَيْعُه؛ لأنَّه تَعَلَّقَ برَقَبَتِه حَقُّ آدَمِىٍّ، فمَنَعَ صِحَّةَ بَيْعِه، كالرَّهْنِ، بل حَقُّ الجِنايَةِ آكَدُ؛ لأنَّها تُقَدَّمُ على حَقِّ المُرْتهِنِ. ولَنا، أَنّه حَقٌّ غيرُ مُسْتَقِرٍّ في الجانِى، يَمْلِكُ أَداءَه مِن غيرِه، فلم يَمْنَعِ البَيْعَ، كالزَّكَاةِ، أو حَقٌّ ثَبَتَ بغيرِ رِضَا سَيِّدِه، فلم يَمْنَعْ بَيْعَه، كالدَّيْنِ في ذِمَّتِه، أو تَصرُّفٌ في الجَانِى، فجازَ، كالعِتْقِ. وإنْ كان الحَقُّ قِصاصًا، فهو يُرْجَى سَلَامَتُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُخْشَى تَلَفُه، وذلك لا يَمْنَعُ، كالمريضِ. أَمّا الرَّهْنُ، فإنَّ الحَقَّ مُتَعَلِّقٌ فيه، لا يَمْلِكُ سَيِّدُه إبْدالَه، ثَبَتَ الحَقُّ فيه برِضَاهُ وَثِيقَةً للدَّيْنِ، فلو أَبْطَلَه بالبَيْعِ، سَقَطَ حَقُّ الوَثِيقَةِ الذى الْتَزَمَه برِضَاهُ واخْتِيارِه.
فصل: فأمَّا القَاتِلُ في المُحارَبَةِ، فإنْ تابَ قبلَ القُدْرَةِ عليه، فهو كالجانِى. وإن لم يَتُب حتى قُدِرَ عليه، فقال أبو الخَطّابِ: هو كالقَاتِل في غيرِ مُحارَبَةٍ؛ لأَنَّه عَبْدٌ قِنٌّ يَصِحُّ إعْتاقُه، ويَمْلِكُ اسْتِخْدامَه، فصَحَّ بَيْعُه كغَيْرِ القاتِلِ، ولأنَّه يُمْكِنُه الانْتِفَاعُ به إلى حينِ قَتْلِه، ويَعْتِقُه فيجُرُّ به ولاءَ أوْلادِه، فجازَ بَيْعُه، كالمَرِيضِ المَأْيُوسِ مِن بُرْئِه. وقال القاضِى: لا يَصِحُّ بَيْعُه؛ لأنَّه تَحَتَّمَ قَتْلُه وإتْلافُه وإذْهابُ مالِيَّتِه، وحَرُمَ إبْقاؤُه، فَصارَ بمَنْزِلَةِ ما لا يُنْتَفَعُ به مِن الحَشَرَاتِ والمَيْتاتِ، وهذه المَنْفَعَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليَسِيرَةُ مُفْضِيَةٌ به إلى قَتْلِه، لا يَتَمَهَّدُ بها مَحلًّا للبَيْعِ، كالمَنْفَعَةِ الحاصِلَةِ مِن المَيْتَةِ لسَدِّ رَمَقٍ، أو إطْعامِ كَلْبٍ. والأوَّلُ أصَحُّ، فإنّه كان مَحلًّا للبَيْعِ، والأصْلُ بَقاءُ ذلك فيه، وانْحِتامُ إتْلافِه لا يَجْعَلُه تالِفًا؛ بدَلِيل أنَّ أَحْكامَ الحيَاةِ من التَّكْلِيفِ وغيرِه لا تَسْقُطُ عنه، ولا تَثْبُتُ أحْكامُ المَوْتَى له؛ مِن إِرثِ ما لِه، ونُفُوذِ وَصِيَّتِه، وغيرِها، ولأنَّ خُرُوجَه عن حُكْمِ الأصْلِ لا يَثْبُتُ إلَّا بدَلِيلٍ، ولا نَصَّ فيه ولا إجْماعَ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على الحَشَراتِ والمَيْتاتِ؛ لأنَّ تلك لم يكُنْ فيها مَنْفعَةٌ فيما مَضَى، ولا في الحالِ، وعلى أنّ هذا التَّحَتُّمَ (1) يُمْكِنُ زَوالُه؛ لزَوالِ ما يَثْبُتُ به؛ مِن الرُّجُوعِ عن الإِقْرارِ، والرُّجُوعِ مِن الشُّهودِ، ولو لم يُمْكِنْ
(1) في م: «المحتم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زَوالُه، فأَكْثَرُ ما فيه تَحَقُّقُ تَلَفِه، وهذا يَجْعَلُه كالمَرِيضِ المَأْيُوسِ مِن بُرْئِه، وبَيْعُه جائِزٌ.
فصل: فأمَّا بَيْعُ لَبَنِ الآدَمِيّاتِ، فَرُوِيَتِ الكراهَةُ فيه عن أحمدَ. واخْتَلَفَ أصْحَابُنا في جَوازِه، [فظاهِرُ كَلام الخِرَقِىِّ جوازُه](1). وهو قولُ ابنِ حامِدٍ، ومَذْهَبُ الشّافِعِىِّ. وذَهَبَ جَماعَةٌ مِن أصْحابِنَا إلى
(1) سقط من: م.