الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ بَاعَهُ حَيَوَانًا مَأْكُولًا إِلَّا رَأْسَهُ، وَجِلْدَهُ، وَأَطْرَافَهُ، صَحَّ. وَإِنِ اسْتَثْنَى حَمْلَهُ، أَوْ شَحْمَهُ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
فصل: وحُكْمُ الثَّوْبِ حُكْمُ الأرْضِ، إلَّا أنَّه إذا قال: بِعْتُكَ مِن هذا الثَّوْبِ مِن هذا المَوْضعِ إلى هذا. صَحَّ، فإن كان القَطْعُ لا يَنْقُصُه، قَطعاه، وإن كان يَنْقُصُه، وشَرَطَ البائِعُ أَنْ يَقْطَعَ له، أو رَضِىَ بقَطْعِه هو والمُشْتَرِى، جازَ. وإنْ تَشَاحَّا في ذلك، كانا شَرِيكَيْنِ فيه، كما يَشْتَرِكانِ في الأرْضِ. وقال القاضِى: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على التَّسْلِيمِ إلَّا بضَرَرٍ، أَشْبَهَ ما لو باعَهُ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِن الحيَوانِ. ولَنا، أنَّ التَّسْلِيمَ مُمْكِنٌ، ولُحُوقُ الضَّرَرِ لا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ إذا حَصَلَ الرِّضَا، فهو كما لو باعَه نِصْفَ حَيَوانٍ مُشَاعًا، وفارَقَ نِصْفَ الحَيَوانِ المُعَيَّنَ، فإنَّه لا يُمْكِنُ تَسْلِيمُه مُفْرَدًا، إلَّا بإتْلَافِه وإخْرَاجِه عن المالِيَّةِ.
1573 - مسألة: (وإن باعَهُ حَيَوانًا مَأْكُولًا إلَّا رَأسَه، أو جِلْدَه، أو أطْرَافَهُ، صَحَّ. وإنِ اسْتَثْنَى حَمْلَه، أو شَحْمَه، لم يَصِحَّ)
إذا باعَهُ حَيَوانًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَأْكُولًا، واسْتَثْنَى رَأْسَهُ، أو جِلْدَهُ، أو أَطْرَافَهُ، صَحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ، رحمه الله. وقال مالِكٌ: يَصِحُّ في السَّفَرِ دُونَ الحَضَرِ؛ لأنَّ المُسَافِرَ لا يُمْكِنُه الانْتِفَاعُ بالجِلْدِ والسَّوَاقِطِ. فِجَوَّزَ له شِراءَ اللَّحْمِ دُونَها. وقال أبو حَنِيفَةَ، والشّافِعِىُّ: لا يَجُوزُ؛ لأنَّه لا يَجْوزُ إفْرادُه بالبَيْعِ، فلم يَجُزِ اسْتِثْنَاؤُه، كالحَمْلِ. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الثُّنْيَا، إلَّا أَنْ تُعْلَمَ (1). وهذه مَعْلُومَةٌ. ورُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا هاجَرَ إلى المَدِينَةِ، ومعه أبو بَكْرٍ، وعامِرُ بن فهَيْرَةَ مَرُّوا بِرَاعِى غَنَمٍ، فذَهَبَ أبو بَكْرٍ وعامِرٌ فاشْتَرَيَا منه شاةً، وشَرَطَا له سلَبَهَا (2). ورَوَى أبو بكْرٍ في «الشَّافِى» (3) بإسْنَادِه، عن جابِرٍ، عن الشَّعْبِىِّ، قال: قَضَى زَيْدُ بن ثابِتٍ وأصحابُ
(1) تقدم تخريحه في صفحة 115.
(2)
أخرجه أبو داود، في: المراسيل 133.
(3)
في م: «الشفاء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بَقَرَةٍ باعَها رَجُلٌ، واشْتَرَطَ رَأْسَها، فقَضَى بِالشَّرْوَى. يَعْنِي أَنْ يُعْطِىَ رَأْسًا مثلَ رَأْسٍ. ولأنَّ المُسْتَثْنَى والمُسْتَثْنَى منه مَعْلُومانِ، فَصَحَّ، كما لو باعَ حائطًا واسْتَثْنَى منه نخلَةً مُعَيَنّةً، وكونُه لا يجوزُ إفْرادُه بالبَيْعِ، لا يَمْنَعُ صِحَّةَ اسْتِثْنَائِه، كما أنَّ الثمرَةَ قبلَ التَّأْبِيرِ لا يَجُوزُ إفْرادُها بالبَيْعِ بشَرْطِ (1) التَّبْقِيَةِ، ويجوزُ اسْتِثْناؤُها والحملُ مَجْهُولٌ. وفيه مَنْعٌ. فإنِ امْتَنَعَ المُشْتَرِى مِن ذَبْحِها لم يُجْبَرْ، ويَلْزَمُه قِيمَةُ ذلك على التَّقْرِيبِ. نَصَّ عليه؛ لِما رُوِى عن عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قَضَى في رَجُلٍ اشْتَرَى ناقَةً، وشرَط ثُنْيَاهَا، فقال: اذْهَبُوا إلى السُّوقِ، فإذا بَلَغت أقْصى ثَمَنِها،
(1) بعده في م: «كشرط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأعْطُوه حِسَابَ ثُنْيَاهَا مِن ثَمَنِها.
فصل: فإنِ اسْتَثْنَى شَحْمَ الحَيَوانِ، لم يَصِحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال أبو بكْرٍ: لا يَخْتَلِفُونَ عن أبِى عبدِ اللَّهِ، أنَّه لاِ يَجُوزُ. [وذلك](1)؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ. ولأنَّه مَجْهُولٌ لا يَصِحُّ إفْرَادُه بالبَيْعِ، فلم يَصِحَّ اسْتِثْناؤُه، كفَخِذِهَا، وإنِ اسْتَثْنَى الحَمْلَ، لم يَصِحَّ الاسْتِثْناءُ؛ لِما ذَكَرْنا. وهو قَوْلُ أبى حَنِيفَةَ، ومالِكٍ، والثَّوْرِىِّ، والشّافِعِىِّ. ونُقِلَ عن أحمدَ صِحَّتُه، وبه قال الحَسَنُ، والنَّخَعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. لِمَا رَوَى نافِعٌ، أنَّ ابنَ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، باعَ جارِيَةً واسْتَثْنَى ما في بَطْنِها (2). ولأنَّه يَصِحُّ اسْتِثْناؤُه في الْعَتْقِ، فَصَحَّ في البَيْعِ قِياسًا عليه. ولَنا، ما تَقَدَّمَ. و (3) الصَّحِيحُ مِن حَدِيثِ ابنِ
(1) في الأصل، م:«ذلك» .
(2)
أخرج نحوه ابن أبى شيبة، في: باب في الرجل يعتق أمته ويستثنى ما في بطنها، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 154. وبلفظ:«أعتق ابن عمر جارية» . أخرجه ابن حزم في: المحلى 6/ 382.
(3)
في م: «في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عمرَ، أنَّه أَعتَقَ جَارِيَةً، واسْتَثْنَى ما في بَطْنِها؛ لأَنَّ الثِّقاتِ الحُفَّاظَ حَدَّثُوا بالحَدِيثِ؛ فقالُوا: أعْتَقَ جارِيَةً. والإِسْنادُ واحِدٌ. قاله أبو بَكْرٍ. ولا يَلْزَمُ مِن الصِّحَّةِ في العَتْقِ الصِّحَّةُ في البَيْعِ؛ لأنَّ العَتْقَ لا تَمْنَعُه الجَهالَةُ ولا العَجْزُ عن التَّسْلِيمِ، ولا تُعْتَبَرُ فيه شُروطُ البَيْعِ.
فصل: وإنْ باعَ جارِيَةً حامِلًا بِحُرٍّ. فقال القاضِى: لا يَصِحُّ. وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهُ يَدْخلُ في البَيْعِ، فكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى. والأَوْلَى صِحَّتُه؛ لأنَّ المَبِيعَ مَعْلُومٌ، وجَهالَةُ الحَمْلِ لا تَضُرُّ؛ لأَنَّه ليس بمَبِيعٍ، ولا مُسْتَثْنًى باللَّفْظِ، وقد يُسْتَثْنَى بالشَّرْعِ ما لا يَصِحُّ اسْتِثْناؤُه باللَّفْظِ، كما لو باعَ أمَةً مُزَوَّجَةً، صَحَّ، وَوَقَعَتْ مَنْفَعَةُ البُضْعِ مُسْتَثْنَاةً بالشَّرْعِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولو اسْتَثْناهَا بلَفْظِه، لم يجُزْ. ولو باعَ أَرْضًا فيها زَرْعٌ للبائِعِ، أو نَخْلَةً مُؤبَّرَةً، وَقَعَتْ مَنْفَعَتُها مُسْتَثناةً مُدَّةَ بقاءِ الزَّرْعِ والثَّمَرَةِ، ولو اسْتَثْناهَا بقَوْلِهِ، لم يَجُزْ.
فصل: ولو باعَهُ سِمْسِمًا، واسْتَثْنَى الكُسْبَ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه قد باعَهُ الشَّيْرَجَ (1) في الحَقِيقَةِ، وهو غيرُ مَعْلُومٍ، فإنَّه غيرُ مُعَيَّنٍ، ولا مَوْصُوفٍ، ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الثُّنْيَا، إلَّا أَنْ تُعْلَمَ. وكذلك إنْ باعَهُ قُطْنًا، واسْتَثْنَى الحبَّ، لم يَجُزْ؛ للجَهالَةِ. وكذلك إن باعَهُ السِّمْسِمَ، واسْتَثْنَى الشّيْرَجَ، لم يَجُزْ؛ لذلك.
(1) الشيرج: زيت السمسم.