الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ، وَالْفِيل،
ــ
فصل: وفى بَيْعِ العَلَقِ (1) التى يُنْتَفَعُ بها، كالتِى تُعَلَّقُ على صاحِبِ الكَلَفِ (2)، فَتَمُصُّ الدَّمَ، والدِّيدانِ التى تُتْرَكُ في الشِّصِّ، فيُصادُ بها السَّمَكُ، وَجْهان؛ أصَحُّهما جَوازُ بَيْعِها؛ لحُصُولِ نَفْعِها، فهى كالسَّمَكِ. والثّانِى، لا يَجُوزُ بَيْعُها؛ لأنَّها لا يُنتفَعُ بها إلَّا نادِرًا، فأشْبَهَت ما لا نَفْعَ فيه.
1551 - مسألة: (ويَجُوزُ بَيْعُ الهِرِّ، والفِيلِ
،
(1) العلق: دويدة حمراء تكون في الماء، تعلق بالبدن.
(2)
الكلف: لون يعلو الجلد، فيغير بشرته.
وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِى تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إِلَّا الْكَلْبَ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ. وَالأُخْرَى، لَا يَجُوزُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ.
ــ
وسِباعِ البَهائِمِ التى تَصْلُحُ للصَّيْدِ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إلَّا الكَلْبَ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ. والأُخْرَى، لا يَجُوزُ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ) يَجُوزُ بَيْعُ الهِرِّ. وبه قال ابنُ عباسٍ، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، والثَّوْرِىُّ، ومالِكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْى. وعن أحمدَ، أنَّه كَرِه ثَمَنَها. ورُوِىَ ذلك عن أبى هُرَيْرَةَ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، وجابرِ ابنِ زيدٍ. اخْتارَه أبو بكرٍ؛ لِما روَى مُسْلِمٌ (1) عن جابِرٍ، أنَّه سُئِلَ عن ثَمَن السِّنَّوْرِ، فقال: زَجَر النبىُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وفى لَفْظٍ، أنَّ النبىَّ
(1) في: باب تحريم ثمن الكلب. . .، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1199.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ثَمَنِ السِّنَّوْرِ. رَواه أبو داودَ (1). ولَنا، أنَّه حَيَوانٌ يُباحُ اقْتِنَاؤُه مِن غيرِ وعِيدٍ في حَبْسِه، فجازَ بَيْعُه، كالبَغْلٍ والحِمارِ، ويُمْكِنُ حَمْلُ الحَدِيثِ على غيرِ المَمْلُوكِ منها، وعلى ما لا نفعَ فيه منها، بدَلِيل ما ذَكَرنا.
فصل: ويَجُوزُ بَيْعُ الفِيلِ، وسِباعِ البَهائِمِ، والطَّيْرِ الذى يَصْلُحُ للصَّيْدِ؛ كالفَهْدِ والصَّقْرِ والبَازِى والعُقابِ، والطَّيْرِ المَقْصُودِ صَوْرتُه؛ كالهَزَارِ (2) والبُلْبُلِ والببغَةِ، وأَشْباهِ ذلك. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أبو بكرٍ عبدُ العزِيزِ، وابنُ أبى موسى: لا يَجُوزُ بَيْعُ الفَهْدِ والصَّقْرِ والفِيلِ ونحوِها؛ لأنَّها نَجِسَةٌ، فلم يَجُزْ بَيْعُها، كالكَلْبِ. ولَنا، أنّه حَيَوانٌ يُباحُ
(1) في: باب في ثمن السنور، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 250. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في كراهية ثمن الكلب والسنور، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 279، 280.
(2)
الهزار: طائر حسن الصوت، قال له: هزار دستان. (فارسى معرب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اقْتِناؤُه مِن غيرِ وعيدٍ في حَبْسِه، فأُبِيحَ بَيْعُه، كالبَغْلِ والحمارِ. وما ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بالبَغْلِ والحمارِ، وحُكْمُهما حُكْمُ سِباعِ البَهائِمِ في الطَّهارَةِ والنَّجَاسَةِ وإباحَةِ الاقْتِناءِ والانْتِفاعِ. وأَمَّا الكَلْبُ، فإنَّ الشَّرْعَ تَوَعَّدَ على اقْتِنائِه وحَرَّمَهُ، إلَّا في حالِ الحاجَةِ، فَصَارَتْ إبَاحَتُه ثابتَةً بطرَيقِ الضَّرُورَةِ، ولأنَّ الأصْلَ إباحَةُ البَيْعِ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تَعالَى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (1). خرجَ (2) منه ما اسْتَثْناهُ الشَّرْعُ لمعانٍ غيرِ مَوْجُودَةٍ في هذا،
(1) سورة البقرة 275.
(2)
في م: «حرم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَيَبْقَى على أَصْلِ الإِبَاحَةِ. فإن كان الفَهْدُ والصَّقْرُ ونحوُهما ليس بمُعَلَّمٍ، ولا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ لعَدَمِ النَّفْعِ به. وإن أمْكَنَ تَعْلِيمُه، جازَ بَيْعُه؛ لأنَّ مآله إلى الانْتِفاعِ، أشْبَهَ الجَحْشَ الصَّغِيرَ. فأمّا ما يُصادُ عليه، كالبُومَةِ التى يَجْعَلُها (1) شُبَاشًا (2)؛ لتَجْمَعَ الطَّيْرَ إليها، فَيَصِيدَه الصَّيّادُ، فيَحْتَمِلُ جوازُ بَيْعِها للنَّفْعِ الحاصِلِ منها، ويَحْتَمِلُ المَنْعُ؛ لأنَّ ذلك مَكْرُوهٌ لِما فيه مِن تَعْذِيبِ الحَيَوانِ. وكذلك اللَّقْلَقُ (3) ونحوُه.
(1) في م: «يجعل عليها» .
(2)
قال الخفاجى في شفاء الغليل 139: شباش: هو أن يوضع الطائر في الشرك ليصاد به طائر آخر، قاله الباخرزى في الدمية، ولم يبيّن أصله ولغته بأكثر من هذا.
وقال الجاحظ: البومة ذليلة بالنهار ردية النظر، وإذا كان الليل لم يقو عليها شئ من الطير، والطير كلها تعرف البومة بذلك، فهى تطير حول البومة وتضربها وتنتف ريشها، ومن أجل ذلك صار الصيادون ينصبونها للطير. الحيوان 2/ 50.
(3)
اللقلق: طائر من الطيور القواطع، كبير، طويل الساقين والعنق والمنقار، أحمر الساقين والرجلين والمنقار.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا بَيْضُ ما لا يُؤْكَلُ لَحْمُه مِن الطَّيْرِ، فإنْ لم يَكُنْ فيه نَفعٌ، لم يَجُزْ بَيْعُه، طاهِرًا كان أو نَجِسًا. وإن كان يُنْتَفَعُ به، بأن يَصِيرَ فَرْخًا، وكان طاهِرًا، جازَ بَيْعُه؛ لأَنَّه طاهِرٌ مُنْتَفعٌ به، أَشبَهَ أصْلَه، وإن كان نَجِسًا، كبَيْضِ البازِىِّ والصَّقْرِ ونَحوِه، فحُكْمُه حُكْمُ فَرْخِه. وقال القاضِى: لا يَجُوزُ بَيْعُه؛ لنَجَاسَتِه، وكَوْنِه لا يُنْتَفَعُ به في الحالِ. وما ذَكَرَ مُلْغًى بفَرْخِه، وبالجَحْش الصَّغِيرِ.
فصل: قال أحمدُ: أكْرَهُ بيعَ القِرْدِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: هذا مَحْمُولٌ على بَيْعِه للإِطافَةِ به واللَّعِبِ. فأَمَّا بَيْعُه لمَنْ يَنْتَفِعُ به لحِفْظِ المَتَاعِ والدُّكَّانِ ونحوِه، فَيَجُوزُ، لأَنَّه كالصَّقْرِ. وهذا مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ. وقِياسُ قَوْلِ أبى بَكْر وابنِ أبى مُوسَى المَنْعُ مِن بَيْعِه مُطْلَقًا.