الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ مَجْهُولًا، في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ، وَهُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا، إِلَى أن يَقْطَعَاهُ أَوْ تَنْتَهِىَ مُدَّتُهُ.
ــ
لأَنَّ مُقْتَضى البَيْعِ نَقْلُ المِلْكِ، والخِيارُ لا يُنافِيهِ، وإنْ سَلَّمْنَا ذلك، لكنْ مَتَى خُولِفَ الأصْلُ لمَعْنًى في مَحَلٍّ، وَجَبَ تَعْدِيَةُ الحُكْمِ؛ لتَعَدِّى ذلك المَعْنَى.
1603 - مسألة: (ولا يَجُوزُ مَجْهُولًا، في ظاهرِ المَذْهَبِ. وعنه، يَجُوزُ، وهما على خِيارِهما، ما لم يَقْطَعَاهُ أو تَنْتَهِى مُدَّتُه)
إذا شَرَطَ الخِيارَ أبدًا، أو مَتَى شاءَ، أو قال أحَدُهما: ولِىَ الخِيارُ. ولم يَذْكُرْ مُدَّتَه، أو شَرَطَاهُ إلى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، كقُدُومِ زَيْدٍ، أو نُزُولِ الفَطَرِ، أو مُشَاوَرَةِ إنْسَانٍ، ونحوِ ذلك، لم يَصِحَّ، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَب. هذا اخْتِيارُ القاضِى، وابنِ عَقِيلٍ، ومَذْهَبُ الشّافِعِىِّ. وعن أحمدَ، أنَّه يَصِحُّ، وهما على خِيَارِهما أبدًا، أو يَقْطَعَاه، أو تَنْتَهِىَ مُدَّتُه إنْ كان مَشْرُوطًا إلى مُدَّةٍ. وهو قولُ ابنِ شُبْرُمَةَ؛ لقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«المُسْلِمُونَ على شُرُوطِهِم» (1). وقال مالِكٌ: يَصِحُّ، ويُضْرَبُ لهما مُدَّةٌ يُخْتَبَرُ المَبِيعُ في مِثْلِها في العادَةِ؛ لأَنَّ ذلك مُقَرَّرٌ في العادَةِ، فإذا أطْلَقَا، حُمِلَ عليه. وقال أبو حَنِيفَةَ: إنْ أسْقَطَا الشَّرْطَ قبلَ مُضِىِّ الثَّلاثِ، أو حَذَفَا الزَّائِدَ عليها وبَيَّنَا
(1) تقدم تخريجه في 10/ 139.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُدَّتَه، صَحَّ؛ لأَنَّهُما حَذَفَا المُفْسِدَ قبلَ اتصَالِه بالعَقْدِ، فوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ، كما لو لم يَشْتَرِطَاهُ. ولَنا، أنَّها مُدَّةٌ مُلْحَقَةٌ بالعَقْدِ، فلا تَجُوزُ مع الجَهالَةِ، كالأَجَلِ. ولأَنَّ اشْتِراطَ الخِيارِ أبدًا يَقْتَضِى المَنْعَ مِن التَّصَرُّفِ على الأَبَدِ، وذلك يُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: بِعْتُكَ بشَرْطِ أَنْ لا تَتَصَرَّفَ. وقولُ مالِكٍ: إنَّه يُرَدُّ إلى العادَةِ. لا يَصِحُّ، فإنَّه لا عادَةَ في الخِيارِ يرجَعُ إليها. واشْتِرَاطُه مع الجَهالَةِ نادِرٌ. وقولُ أبى حَنِيفَةَ لا يَصِحُّ، فإنَّ المُفْسِدَ هو الشَّرْطُ، وهو مُقْتَرِنٌ بالعَقْدِ. ولأَنَّ العَقْدَ لا يَخْلُو مِن أَنْ يكُونَ صَحِيحًا أو فاسِدًا، فإنْ كان صَحِيحًا مع الشَّرْطِ، لم يَفْسُدْ بوُجُودِ ما شَرَطْنَاهُ فيه (1)، وإنْ كان فاسِدًا، لم يَنْقَلِبْ صحِيحًا، كبَيْعِ دِرْهَم بدِرْهَمَيْنِ إذا حَذَفَ أحَدَهُما. وإذا قُلْنا: يَفْسُدُ الشَّرْطُ. هل يَفْسُدُ به البَيْعُ؟ علِى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْداهُما، يَفْسُدُ. وهو مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه عَقْدٌ قارَنه شَرْط فاسِدٌ فأفْسَدَهُ (2)، كنِكَاحِ الشِّغَارِ. ولأَنَّ البائِعَ إنَّما رَضِىَ ببَذْلِه بهذا الثَّمَنِ مع الخيارِ في اسْتِرْجاعِه، والمُشْتَرِىَ إنَّما رَضِىَ بِبَذْلِ هذا الثَّمَنِ فيه مع الخيارِ في فَسْخِه، فلو صَحَّحْنَاهُ لأَزَلْنا مِلْكَ كُلِّ واحِدٍ منهما عنه بغيرِ رِضَاهُ، وأَلْزَمْناهُ ما لم يَرْضَ به. ولأَنَّ الشَّرْطَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِن الثَّمَنِ، فإذا حَذَفْنَاهُ وَجَبَ رَدُّ ما سَقَطَ مِن الثَّمَنِ مِن أجْلِه، وذلك مَجْهُولٌ، فيكُونُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا، فيَفْسُدُ به العَقْدُ.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثانِيَةُ، لا يَفْسُدُ به العَقْدُ. وهو قَوْلُ ابنِ أبى لَيْلَى؛ لحَدِيثِ بَرِيرَةَ (1). ولأَنَّ العَقْدَ قد تمَّ بأرْكَانِه، والشَّرْطَ زائِدٌ، فإذا فَسَدَ وزَالَ، سَقَطَ الفاسِدُ، وبَقِىَ العَقْدُ برُكْنَيْه، فَصَحَّ (2)، كما لو لم يَشْتَرِطْ.
فصل: وإنْ شَرَطَه إلىِ الحَصَادِ، أو الجَذاذِ، احْتَمَلَ أَنْ يكونَ كتَعْلِيقِه على قُدوم زَيْدٍ؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ ويَتَقَدَّمُ ويَتَأَخَّرُ، فكانَ مَجْهُولًا. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ؛ لأَنَّ ذلك يَتَقَارَبُ (3) في العادَةِ، ولا يَكْثُرُ تَفَاوُتُه. وإنْ شَرَطَهُ إلى العَطاءِ، وأرادَ وَقْتَ العَطاءِ، وكان مَعْلُومًا، صَحَّ. وإنْ أرادَ نَفْسَ العَطاءِ، فهو مَجْهُولٌ.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 234.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «يتفاوت» .