الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ شَرَطَاهُ مُدَّةً، فَابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ.
ــ
على مَوْضُوعِه، فكأَنَّ الواضِعَ قال: مَتَى سَمِعْتُم هذه اللَّفْظَةَ، فافْهَمُوا منها انْتِهاءَ الغَايَةِ. وفيما اسْتَشْهَدُوا به حُمِلَتْ «إلى» على مَعْنَى «مع» بدَلِيلٍ، أو لِتَعَذُّرِ حَمْلِها على مَوْضُوعِها. ولأَنَّ الأَصْلَ لزومُ العَقْدِ، وِإنَّما خُولِفَ فيما اقْتَضَاهُ الشَّرْطُ، فيَثْبُتُ ما يُتَيَقَّنُ منه، وما شَكَكْنَا فيه رَدَدْنَاهُ إلى الأصْلِ.
فصل: وإنْ شَرَطَ الخِيارَ إلى طُلوعِ الشَّمْسِ، أو إلى غُروبِها، صَحَّ. وقال بعضُ أَهْلِ العِلْمِ: لا يَصِحُّ تَوْقِيتُه بطُلُوعِها؛ لأنَّها قد تَتَغَيَّمُ، فلا يُعْلَمُ وَقْتُ طُلُوعِها. ولَنا، أنَّه تَعْلِيقٌ (1) للخِيارِ بأمْرٍ ظاهِرٍ مَعْلومٍ، فصَحَّ، كتَعْلِيقِه بغُرُوبِها. وطُلُوعُ الشَّمْسِ بُروزُها مِن الأفُقِ، كما أنَّ غُروبَها سُقُوطُ القُرْصِ. ولذلك لو عَلَّقَ طَلاقَ امْرأَته، أو عِتقَ عَبْدِه بطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَعَ بِبُروزِها مِن الأُفُقِ. وإنْ عَرَضَ غَيْمٌ يَمْنَعُ المَعْرِفَةَ بطُلُوعِها، [فالخِيارُ ثابِتٌ، حتى يَتَيقَّنَ طُلُوعَها](2)، كما لو عَلَّقَه بغُرُوبِها، فمَنَعَ الغَيْمُ المَعْرِفَةَ بوَقْتِه. ولو جَعَلَ الخِيارَ إلى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِن تحتِ السَّحَابِ، أو إلى غَيْبَتِها تَحْتَه، كان خِيارًا مَجْهُولًا.
1606 - مسألة: (وإنْ شَرَطَاهُ مُدَّةً، فابْتِداؤُها مِن حينِ العَقْدِ
.
(1) في الأصل، ق، ر 1:«تعليم» .
(2)
سقط من: الأصل، ق.
وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنْ حِينِ التَّفَرُّقِ.
ــ
ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مِن حِينِ التَّفَرُّقِ) إذا شَرَطَ الخِيارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، اعْتَبَرْنَا مُدَّةَ الخِيارِ مِن حينِ العَقْدِ، في أظْهَرِ الوَجْهَينِ. والآخَرُ مِن حينِ التَّفَرُّقِ؛ لأنَّ الخِيارَ ثابِتٌ في المَجْلِسِ حُكْمًا (1)، فلا حاجَةَ إلى إثْبَاتِه بالشَّرْطِ، ولأنَّ حالةَ المَجْلِسِ كحَالةِ العَقْدِ؛ لأنَّ لهما فيه الزِّيادَةَ والنُّقْصَانَ، فكان كحَالةِ العَقْدِ في ابْتِداءِ مُدَّةِ الخِيارِ بعدَ انْقِضَائِه. والأوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّها مُدَّةٌ مُلْحَقَةٌ بالعَقْدِ، فأَشْبَهَتِ الأجَلَ، ولأنَّ الاشْتِراطَ سَبَبُ ثُبوتِ الْخِيارِ، فيَجِبُ أنْ يَتَعَقَّبَه حُكْمُه، كالْمِلْكِ في البَيعِ. ولأنَّنا لو جَعَلْنَا ابْتِداءَها مِن حينِ التَّفَرُّقِ، أدَّى إلى جَهالتِه؛ لأنّا لا نَعْلَمُ متى يَتَفَرَّقَانِ، فلا نَعْلَمُ مَتَى ابْتِداؤُه، ولا وَقْتَ انْتِهائِه. ولا يُمْنَعُ ثُبوتُ الحُكْمِ بسَبَبَينِ، كتَحْرِيمِ الوَطْءِ بالصِّيامِ والإِحْرَامِ. فعلى هذا، لو شَرَطَ ابْتِداءَه مِن حينِ التَّفَرُّقِ، لم يَصِحَّ، إلَّا على قَوْلِنا بصِحَّةِ الخِيارِ
(1) في م: «حقًّا» .