الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً، فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فَلَا فَسْخَ لَهُ.
ــ
1591 - مسألة: (فإن شَرَطَهَا ثَيِّبًا كافرةً، فبانَتْ بِكْرًا مُسلِمَةً، فلا فَسْخَ له)
لأنَّه زادَه خَيْرًا، ولأنَّ (1) ذلك يَزِيدُ في الثَّمَنِ، فأشْبَهَ ما لو شَرَطَه غيرَ صانِعٍ، فبانَ صانِعًا. وهذا قولُ الشّافِعِىِّ في البِكْرِ، واخْتِيارُ
(1) في م: «وليس» .
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ لأَنَّ لَهُ فِيهِ قَصْدًا.
ــ
القاضِى، واسْتَبْعَدَ كَوْنَه يَقْصِدُ الثُّيوبَةَ؛ لعَجْزِه عن البِكْرِ (ويَحْتَمِلُ أنَّ له الفَسْخَ؛ لأَنَّ له فيه قَصْدًا) صَحِيحًا، وهو أنَّ طالِبَ الكافِرَةِ أكْثَرُ لصَلاحِيَتِها للمسلمين والكُفَّارِ، أو ليَسْتَرِيحَ مِن تَكْلِيفِها العِبادَاتِ، وقد يَشْتَرِطُ الثَّيِّبَ؛ لعَجْزِه عن البِكْرِ، أو ليَبيعَها لعاجِزٍ عن البِكْرِ. فقد فاتَ قَصْدُه، وقد دَلَّ اشْتِراطُه على أنَّ له قَصْدًا صَحِيحًا. فأمَّا إن شَرَطَ صِفَةً غيرَ مَقْصُودَةٍ، فبانَتْ بخِلافِها، مثلَ أن يَشْتَرِطَهِا سَبِطَةً (1)، فبانَتْ جَعْدَةً، أو جاهِلَةً فبانَت عالِمَةً، فلا خِيارَ له؛ لأنَّه زادَه خَيْرًا.
فصل: فإن شَرَطِ الشَّاةَ لَبُونًا، صَحَّ. وبه قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ في الضَّرْع، فلم يَجُزْ شَرْطُه. ولَنا، أنّه أمْرٌ مَقْصُودٌ يَتَحَقَّقُ في (2) الحَيَوانِ، ويَأْخُذ قِسْطًا مِن الثَّمَنِ، فَصَحَّ اشْتِرَاطُه، كالصِّناعَةِ في الأمةِ، والهَمْلَجَةِ في الدّابَّةِ. وإنَّما لم يَجُزْ
(1) أي: شعرها مسترسل لا جعودة فيه.
(2)
في م: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَيْعُه مُفْردًا للجَهالَةِ، والجهالَةُ فيما كان تَبَعًا لا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، ولذلك (1) لو اشْتَرَاها بغيرِ شَرْطٍ صَحَّ بَيْعُه معها. وكذلك يَصِحُّ بَيْعُ أساسَاتِ الحِيطانِ، والنَّوَى في التَّمْرِ، وإن لم يَجُزْ بَيْعُهما مُنْفَرِدَيْنِ. فإن شَرَطَ أنَّها تَحْلِبُ [كُلَّ يومٍ](2) قَدْرًا مَعْلُومًا، لم يَصِحِّ، لأنَّ اللَّبَنَ يَخْتَلِفُ، ولا يُمْكِنُ ضَبْطُه، فَتَعَذَّرَ الوفاءُ به. وإن شَرَطَها غزِيرَةَ اللَّبَنِ، صَحَّ؛ لأنَّه يُمْكِنُ الوَفاءُ به. وإن شَرَطَها حامِلًا، صَحَّ. وقال القاضى: قِياسُ المَذْهَبِ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّ الحمْلَ لا حُكْمَ له. ولهذا لا يَصِحُّ اللِّعانُ على الحَمْلِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه رِيحٌ ولَنا، أنَّه صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ يمكِنُ الوَفاءُ بها، فصَحَّ شَرْطُه، كالصِّناعَةِ، وكَوْنِها لَبُونًا. وقولُه: إنَّ الحَمْلَ لا حُكْمَ له. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قد حَكَمَ في الدِّيَةِ بأَرْبَعِين خَلِفَةً في بُطونِها أوْلَادُها (3). ومَنَعَ أخْذَ الحوامِلِ في الزَّكَاةِ (4). ومَنَعَ وَطْءَ الحَبَالَى
(1) في ق: «وكذلك» .
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه. أبو داود، في: باب في دية الخطأ شبه العمد، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 492، 501. والنسائى، في: باب كم دية شبه العمد، وباب ذكر الاختلاف على خالد الحذاء، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 36 - 38. وابن ماجه، في: باب دية شبه العمد مغلظة، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 877، 9/ 87. والدارمى، في: باب الدية في شبه العمد، من كتاب الديات. سنن الدارمى 2/ 197. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 11، 103.
(4)
تقدم تخريجه في 6/ 443.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَسْبِيَّاتِ (1). وأَرْخَصَ للحامِلِ في الفِطْرِ في رمضانَ إذا خافَتْ على وَلَدِها (2). ومَنَعَ مِن إِقامَةِ الحَدِّ عليها مِن أَجْلِ حَمْلِهَا (3). وظاهِرُ الحَدِيثِ المَرْوِىِّ في اللِّعانِ يَدُلُّ على أنَّه لاعَنَها حالَ حَمْلِها (4)، فانْتَفَى عنه وَلَدُها. فإن شَرَطَ أنَّها تَضَعُ الوَلَدَ في وَقْتٍ بعَيْنِه، لم يَصِحَّ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ الوفَاءُ به، وكذلك إن شَرَطَ أنَّها لا تَحْمِلُ؛ لذلك. وقال مالِكٌ: لا يَصِحُّ في المُرْتَفِعاتِ، ويَصِحُّ في غَيْرِهِنَّ. ولَنا، أنَّه باعَهَا بشَرْطِ البرَاءَةِ مِن الحَمْلِ، فلم يَصِح، كالمُرْتَفِعاتِ. وإن شَرَطَها حائِلًا (5)، فبانتْ حامِلًا، فإن كانت أَمَةً فهو عَيْبٌ يُثْبِتُ الخِيارَ، وإنْ كان في غيرها، فهو زِيادَةٌ لا يَسْتَحِقُّ به فَسْخًا. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ؛ لأنَّه قد يُرِيدُها لسَفرٍ، أو حَمْلِ شئٍ لا تَتَمَكنُ منه مع الحَمْلِ. وإن شَرَطَ البَيْضَ في الدَّجَاجَةِ، فقيل: لا يَصِحُّ؛ لأَنَّه لا عَلَمَ عليه يُعْرَفُ به، ولم يَثْبُتْ له في الشَّرْعِ حُكْمٌ. وقيل: يَصِحُّ؛ لأنَّه يُعْرَفُ بالعَادَةِ، فأَشْبَهَ اشْتِراطَ الشاةِ لَبُونًا.
(1) أخرجه الترمذى، في: باب في كراهية أكل المصبورة، من أبواب الصيد، وفى: باب ما جاء في كراهية وطء الحبالى من السبايا، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 6/ 266، 7/ 59. والنسائى، في: باب بيع المغانم قبل أن تقسم، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 265. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 127.
(2)
تقدم تخريجه في 7/ 382.
(3)
يأتى تخريجه في كتاب الحدود.
(4)
يأتى تخريجه في كتاب اللعان.
(5)
الحائل من كل أنثى، هى التى لم تحمل.