الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ كَانَ اللَّبَنُ بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ، رَدَّهُ، وَأَجْزَأهُ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُجْزِئَهُ إِلَّا التَّمْرُ.
ــ
فيه تَنْبِيهٌ على تَصْرِيَةِ البَقَرِ؛ لأنَّ لَبَنَها أكثرُ وأنْفَعُ، فيَثْبُتُ بالتَّنْبِيهِ، وهو حُجَّةٌ عندَ الجَمِيعِ.
فصل: إذا اشْتَرَى مُصَرَّاتَينِ أو أكثَرَ في عَقْدٍ، فرَدَّهُنَّ، رَدَّ مع كُلِّ مُصَرَّاةٍ صَاعًا. وبه قال الشافعيُّ، وبعضُ المالِكِيَّةِ. وقال بعضُهم: في الجميعِ صَاعٌ؛ لأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فاحْتَلَبَها، فإنْ رَضِيَها أمْسَكَها، وإنْ سَخِطَهَا ففي حَلْبَتِها صاعٌ مِن تَمْرٍ» . ولَنا، قولُه:«مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» . وهذا يَتَنَاوَلُ الواحِدَةَ. ولأنَّ ما جُعِلَ عِوَضًا عن شيءٍ في صَفقَتَينِ، وَجَبَ إذا كان في صَفْقَةٍ واحِدَةٍ، كأَرِشِ العَيبِ. وأمّا الحَدِيثُ، فإنَّ الضَّمِيرَ فيه يَعُودُ إلى الواحِدَةِ.
1624 - مسألة: (فإن كانَ اللَّبَنُ بحَالِه لم يَتَغَيَّرْ، رَدَّه، واجزَأه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْزِئَه إلَّا التَّمْرُ)
إذا احْتَلَبَها، وتَرَكَ (1) اللَّبَنَ بحَالِه، ثم
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَدَّها مع لَبَنِها، فلا شيءَ عليه؛ لأنَّ المَبِيعَ إذا كان مَوْجُودًا فَرَدَّه، لم يَلْزَمْه بَدَلُه. فإن أبَى البائِعُ قَبُولَه وطَلَبَ التَّمْرَ، فليس له ذلك إذا كان اللَّبَنُ لم يَتَغَيَّرْ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه قَبُولُه؛ لظَاهِرِ الخَبَرِ، ولأنّه قد نَقَصَ بالحَلْبِ؛ لأَنَّ كونه في الضَّرْعِ أَحفَظُ له. ولَنا، أنّه قَدَرَ على رَدِّ المُبْدَلِ، فلم يَلْزَمْهُ البَدَلُ، كَسائِرِ المُبْدَلَاتِ مع أَبْدَالِها. والحَدِيثُ، المرادُ به رَدُّ التَّمْرِ حالةَ عَدَمِ اللَّبَنِ؛ لقَوْلِه:«فِفي حَلْبَتِها صَاعٌ مِن تَمْرٍ» . وقَوْلُهم: الضَّرْعُ أحْفَظُ له. لا يَصِحُّ؛ لأَنَّه لا يُمْكِنُ إبْقاؤُه في الضَّرْعِ على الدَّوَامِ، لأنَّه يَضُرُّ بالحَيَوانِ. فإن تَغَيَّرَ اللَّبَنُ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُه قَبُولُه. وهو قَوْلُ مالِكٍ؛ للخَبَر. ولأنَّه قد نَقَصَ بالحُمُوضَةِ، أشْبَهَ تَلَفَه. والثاني، يَلْزَمُه قَبُولُه؛ لأنَّ النَّقْصَ (1) حَصَلَ باسْتِعلامِ المَبيعِ، بتَغْريرِ (2) البائِعِ، وتَسْلِيطِه على حَلْبِه، فلم يَمْنَعِ الرَّدَّ، كَلَبَنِ غيرِ المُصَرَّاةِ.
فصل: فإنْ رَضِيَ بالتَّصْرِيَةِ فَأمْسَكَها، ثم وَجَدَ بها عَيبًا، رَدَّها به؛
(1) في م: «التعهد» .
(2)
في الأصل، ق:«بتغيير» وفي م: «بتعين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ رِضَاهُ بِعَيبٍ لا يَمْنَعُ الرَّدَّ لِعَيبٍ آخَرَ، كما لو اشْتَرَى أعْرَجَ فَرَضِيَ به، فَوَجَدَه أبْرَصَ. فإنْ رَدَّ، لَزِمَهُ صَاعٌ مِن تَمْرٍ، عِوَضَ اللَّبَنِ؛ لأنَّه عِوَضٌ له فيما إذا رَدَّها بالتَّصْرِيَةِ، فيكونُ عِوَضًا له مُطْلَقًا.
فصل: ولو اشْتَرَى شاةً غيرَ مُصَرَّاةٍ فاحْتَلَبَها، ثم وَجَد بها عَيبًا، فله الرَّدُّ. ثم إنْ لم يكنْ في ضَرْعِها لَبَنٌ حال العَقْدِ، فلا شيءَ عليه؛ لأنَّ اللَّبَنَ الحادِثَ بعدَ العَقْدِ يَحْدُثُ على مِلْكِه. وإنْ كان فيه لَبَنٌ حالَ العَقْدِ، إلَّا أنَّه يَسِيرٌ لا يَخْلُو الضَّرْعُ مِن مِثْلِه عادَةً، فلا شيءَ فيه؛ لأنَّه لا عِبْرَةَ به، ولا قِيمَةَ له في العادَةِ. وإنْ كان كَثِيرًا، وكان قائِمًا بحالِه، انْبَنَى رَدُّه على رَدِّ لَبَنِ المُصَرَّاةِ، وقد سَبَقَ. فإنْ قُلْنا: ليس له رَدُّه. فَبَقَاؤُه كتَلَفِه. وهل له رَدُّ المَبِيعِ؟ يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَينِ فيما إذا اشْتَرى شَيئًا، فتَلِفَ بَعْضُه أو تَعَيَّبَ، إنْ قُلْنا بِرَدِّه، رَدَّ مثلَ اللَّبَنِ؛ لأَنَّه مِن المِثْليّاتِ، والأصْلُ ضَمانُها بمِثْلِها، إلَّا أنَّه خُولِفَ في لَبَنِ المُصَرَّاةِ للنَّصِّ، ففيما عَداه يَبْقَى على الأصْلِ. ولأَصْحابِ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ نحوٌ ممّا ذَكَرْنا.
فصل: قال ابنُ عَقِيلٍ: إذا عَلِمَ التَّصْرِيَةَ قبلَ حَلْبِها، مثلَ أن أقَرَّ به البائِعُ، أو شَهِدَ به مَن تُقْبَلُ شهادَته، فله رَدُّها، ولا شيءَ معها؛ لأنَّ التَّمْرَ إنَّما وَجَبَ بَدَلًا للَّبَنِ المُحْتَلَبِ، ولأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: