الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالإقَالةُ فَسْخٌ، تَجُوزُ في الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهَا شُفْعَة، وَلَا تجُوزُ إلا بِمِثْلِ الثَّمَن. وَعَنْهُ، أنَّهَا بَيعٌ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ذَلِكَ إلا بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فِي أحدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
1673 - مسألة: (وَالإقَالةُ فَسْخٌ، تَجُوزُ في الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهَا شُفْعَةٌ، وَلَا تجُوزُ إلا بِمِثْلِ الثَّمَن. وَعَنْهُ، أنَّهَا بَيعٌ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ذَلِكَ إلا بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فِي أحدِ الْوَجْهَينِ)
إقالةُ النادِمِ مُسْتَحَبَّة؛ لِما رُوِيَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «مَنْ أقال نادِمًا بَيعَتَه، أقالهُ الله عَثْرَتَه يومَ القِيامَةِ» . رَواهُ ابنُ ماجَه.، وأبو دَاوُدَ (1). ولم يقلْ أبو داوُدَ:«يومَ القِيامَةِ» . وهي فَسْخٌ في أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. اخْتَارَها أبو بكْر. وهي
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في فضل الإقالة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 246. وابن ماجه، في. باب الإقالة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 741. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 252.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ. والثانِيَةُ، هي بَيعٌ. وهي مَذْهَبُ مالِكٍ؛ لأنَّ المَبِيعَ عادَ إلى البائِعِ على الجِهَةِ التي خرَجَ عليها، فكانت بَيعًا، كالأوَّلِ، وكَوْنُها بمثْل الثَّمَنِ لا يَمْنَعُ من كَوْنِها بَيعًا، كالتَّوْلِيَةِ. وحُكِيَ عن أبي حَنِيفَةَ، أنها فسْخٌ في حَقِّ المُتَعاقِدَينِ، بَيعٌ في حَقِّ غَيرِهما، فلا تَثْبُتُ أحْكامُ البَيعِ في حَقِّهِما، بل تَجُوزُ في المَبِيعِ قبلَ قَبْضِه، وفي السَّلَمِ، ويَثْبُتُ حُكْمُ البَيعِ في حَقِّ الشَّفِيعِ، فيَجُوزُ له أخْذُ الشِّقْصِ الذي تَقَايَلَا فيه بالشُّفْعَةِ. ولَنا، أنّ الإقالةَ هي الرَّفْعُ والإزَالةُ. يقالُ: أقالكَ اللهُ عَثْرَتَك. أي أزَالها. فكانَتْ فَسْخًا للعَقْدِ الأوَّلِ، بدَلِيلِ جَوازِ. الإقالةِ في السَّلَمِ مع إجْماعِهِم على أنَّه لا يَجُوزُ بَيعُ المُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّها مُقَدّرَةٌ بالثمَنِ الأوَّلِ، ولو كانت بَيعًا لم تَتَقَدَّرْ به، ولأنَّه عادَ إليه المَبِيعُ بلَفْظٍ لا يَنْعَقِدُ به البَيعُ، فكان فَسْخًا، كالرَّدِّ بالعَيبِ. ويَدُلُّ على (1) أبي حَنِيفَةَ أنَّ (2) ما كان فَسْخًا في حَقِّ المُتَعاقِدَينِ، كان فَسْخًا في حَقِّ غَيرِهما، كالرَّدِّ بالعَيبِ، والفَسْخِ بالخِيارِ، ولأنَّ حَقِيقَةَ الفَسْخِ لا تَخْتَلِفُ بالنِّسْبَةِ إلى شَخْصٍ دونَ شَخْصٍ، والأصْلُ اعْتِبارُ الحَقائِقِ.
(1) بعده في ر 1: «قول» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنْ قُلْنا: هي فَسْخٌ. جازَتْ قبلَ القَبْضِ وبعدَه. وقال أبو بكْرٍ: لا بدَّ من كَيلٍ ثانٍ، ويقومُ الفَسْخُ مَقامَ البَيعِ في إيجابِ كَيلٍ ثانٍ، كقِيامِ فَسْخ النِّكَاحِ مَقامَ الطَّلاقِ في العِدَّةِ. ولَنا، أنّه فَسْخٌ. للبَيعِ، فجازَ قبلَ القَبْضِ، كالرَّدِّ بالعَيبِ والتَّدْلِيسِ، والفَسْخِ بالخِيارِ أو لاخْتِلَافِ المُتَبايعَينِ. وفارَقَ العِدَّةَ، فإنَّها اعْتُبِرَتْ للاسْتِبْرَاءِ، والحاجَةُ دَاعِيَةٌ إليه في كُلِّ فُرْقَةٍ بعدَ الدُّخُولِ، بخِلافِ مسألتِنا. وإنْ قُلْنا: هي بَيعٌ. لم يَجُزْ قبلَ القَبْضِ، فيما يُعْتَبَرُ فيه القَبْضُ؛ لأنَّ بَيعَه من بائِعِه قبلَ قَبْضِه لا يَجُوزُ، كما لا يَجُوزُ من غيرِه. ولا تُسْتَحَقُّ بها الشُّفْعَةُ إنْ كانت فَسْخًا؛ لأنَّها رَفعٌ للعَقْدِ وإزَالةٌ له، وليست مُعاوَضَةً، فأشْبَهَتْ سائِرَ الفُسُوخِ. ومَنْ حَلَفَ لا يَبيعُ، فأقال، لم يَحْنَثْ. وإن كانت بَيعًا اسْتُحِقَّتْ بها (1) الشُّفْعَةُ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحَنِثَ الحالِفُ على تَرْكِ البَيعِ بفِعْلِها، كالتَّوْلِيَةِ. والصَّحِيحُ أنّها لا تَجُوزُ إلَّا بمِثْلِ الثَّمَنِ، سواءٌ قُلْنَا: هي فَسْخٌ أو بَيعٌ؛ لأنَّها خُصَّتْ بمِثْلِ الثَّمَنِ، كالتَّوْلِيَةِ. وفيه وَجْه آخَرُ، أنّها تجُوزُ بأكْثَرَ من الثمَنِ الأوَّلِ، وأقَلَّ منه، كسائِرِ البِيَاعَاتِ. فإذا قُلْنا: لا تَجُوزُ إلَّا بمِثْلِ الثَّمَنِ. وأقال بأقَلَّ منه أو أكْثَرَ، لم تَصِحَّ الإقَالةُ، وكان المِلْكُ باقِيًا للمُشْتَرِي. وبهذا قال الشّافِعِيُّ. وعن أبي حَنِيفَةَ، أنّها تَصِحُّ بالثَّمَنِ الأوَّلِ، ويَبْطُلُ الشَّرْطُ؛ لأنَّ لَفْظَها اقْتَضَى مثلَ الثَّمَنِ، والشَّرْطَ يُنافِيهِ، فبَطَل،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبَقِيَ (1) الفَسْخُ على مُقْتَضَاهُ، كسائِرِ الفُسُوخِ. ولَنا، أنّه شَرَطَ التَّفَاضُلَ فيما يُعْتَبَرُ فيه التَّماثُلُ، فبَطَل، كبَيعِ دِرْهَمٍ بدِرْهَمَينِ. ولأنَّ القَصْدَ بالإقَالةِ رَدُّ كُلِّ حَقٍّ إلى صاحِبِه، فإذا شَرَط زِيَادَةً أو نَقْصًا، أخْرَجَ العَقْدَ عن مَقْصُودِه، فبَطَل، كما لو باعَهُ بشَرْطِ أنْ لا يُسَلِّمَ إليه. وفارَقَ سائِرَ الفَسْخِ (2)؛ لأنَّه لا يُعْتَبَرُ فيه الرِّضَا مِنْهما، بل يَسْتَقِلُّ (3) به أحَدُهما، فإذا شُرِطَ عليه شيءٌ، لم يَلْزَمْه؛ لتَمَكُّنِه من
(1) في م: «نفى» .
(2)
في م: «الفسوخ» .
(3)
في م: «يسأل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفَسْخِ بدونِه. وإنْ شَرَطَ لنَفسِه شيئًا، لم يَلْزَمْ أْيضًا؛ لأنَّه لا يَسْتَحِقُّ أكثرَ من الفَسْخِ. وفي مسألتِنا لا تَجُوزُ الإقَالةُ إلا برِضاهما، وإنّما رَضِيَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها أحَدُهما مع الزِّيَادَة أو النَّقْص، فإذا أبْطَلْنَا شَرْطَهُ، فات رِضَاهُ، فتَبْطُلُ الإقالةُ، لعَدَمِ رِضاهُ بها.