الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَتَى اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤجَّلٍ، أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، أوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً، أَوْ بَاعَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي في تَخْبِيرِهِ بِالثَّمَنِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَينَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ.
ــ
1652 - مسألة: (ومَتَى اشْتَراهُ بثَمَن مُؤَجَّلٍ، أو مِمَّنْ لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، أو بأَكْثَرَ مِن ثَمَنِه حِيلَةً، أو باعَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ بقِسْطِها مِن الثَّمَنِ، فلم يُبَيِّنْ ذلك للمُشْتَرِي في تَخْبيرِه
(1) بالثَّمَنِ، فللمُشْتَرِي الخِيارُ بين الإِمْساكِ والرَّدِّ) إذا اشْترَاهُ بثَمَن مُؤجَّلٍ، لم يَجُزْ بَيعُه مُرَابَحَةً، حتى يُبَيِّنَ أمْرَه. فإنْ لم يَفْعَل، لم يَفْسُدِ البَيعُ، وللمُشْتَرِي الخِيَارُ بين أَخْذِه بالثَّمَنِ الذي وَقَعَ عليه العَقْدُ حالًّا وبين الفَسْخِ، في إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ، والشّافِعِيِّ؛ لأنَّ البائِعَ لم يَرْضَ بذِمَّةِ المُشْتَرِي، وقد تكونُ ذِمَّتُه دونَ ذِمَّةِ البائِعِ، فلا يَلْزَمُ الرِّضَا بذلك.
(1) في م: «تخييره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، أنَّه أنْ كان المَبِيعُ قائِمًا، فهو مُخَيَّرٌ بينَ الفَسْخِ وأَخْذِه بالثَّمَنِ مُؤجَّلًا؟ لأَنَّه الثَّمَنُ الذي اشْتَرَى به البائِعُ، والتَّأْجِيلُ صِفَةٌ له، فهو كما لو أَخْبَرَه بزِيادَةٍ في الثَّمَنِ، وإنْ كان قد اسْتُهْلِكَ، حُبِسَ الثَّمَنُ بقَدْرِ الأَجَلِ. وهذا قَوْلُ شرَيحٍ.
فصل: وإنِ اشْتَراهُ بدَنَانِيرَ، فأَخْبَرَ أنَّه اشْتَرَاهُ بدَراهِمَ، أو بالعَكْسِ، أو اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ (1)، فأَخْبَرَ أَنه اشْتَرَاهُ بثَمَنٍ، أو بالعَكْسِ، وأَشْبَاهُ ذلك، فللمُشْتَرِي الخِيارُ بينَ الفَسْخِ وبينَ الرِّضَا بِهِ بالثَّمَنِ الذي تَبَايَعَا به، كَسائِرِ المواضِعِ التي يَثْبُت فيها ذلك.
(1) في م: «بعوض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنِ اشْتَراهُ ممَّنْ لا تُقْبَلُ شهادَتُه له، كأَبِيهِ وابْنِه، لم يَجُزْ بَيعُه مُرَابَحَةً حتى يُبَيِّنَ ذلك. وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ. وقال الشّافِعِيُّ، وأبو يُوسُفَ، ومحمّدٌ: يَجُوزُ، وإنْ لم يُبَيِّنْ؛ لأَنَّه اشْتَرَاهُ بعَقْدٍ صَحِيحٍ، وأَخْبَرَ بثَمَنِه، فأَشْبَهَ ما لو اشْتَراهُ مِن أجْنَبِيٍّ. ولَنا، أنَّه مُتَّهَمٌ في الشِّراءِ منهم؛ لكَوْنِه يُحابِيهم ويَسْمَحُ لهم، فلم يَجُزْ أنْ يُخْبِرَ بما اشْتَرَى منهم مُطْلَقًا، كما لو اشْتَرَى مِن مُكاتبِه، فإنَّه يَجِبُ عليه أنْ يُبَيِّنَ أمْرَهُ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، وبه يَبْطُلُ قِياسُهُم.
فصل: وإن اشْتَرَاهُ بأَكْثَرَ مِن ثَمَنِه حِيلَةً، مثلَ أنْ يَشْتَرِيَه مِن غُلامِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دُكّانِه الحُرِّ، أو غيرِه، على وَجْهِ الحِيلَةِ، لم يَجُزْ بَيعُه مُرَابَحَةً حتى يُبَيِّنَ أمْرَه؛ لأَنَّ ذلك تَدْلِيسٌ وحَرَامٌ، على ما بَيَّنَّاهُ. وإنْ لم يكُنْ حِيلَةً، فقال القاضِي: إذا باعٍ غُلامَ دُكّانِه سِلْعَةً، ثم اشْتَرَاها منه بأَكْثَرَ من ذلك، لم يَجُزْ بَيعُه مُرَابَحَة حتى يُبَيِّنَ أمْرَه؛ لأَنَّه يُتَّهَمُ في حَقِّه، فهو كمَنْ لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له. والصَّحِيحُ، إن شاءَ اللهُ، أنَّ ذلك يَجُوزُ؛ لأنَّه أجْنَبِيٌّ، فأَشْبَهَ غَيرَه.
فصل: إذا اشْتَرَى شَيئَينِ صَفْقَةً واحِدَةً، ثم أرادَ بَيعَ أحَدِهِما مُرَابَحَةً، أو اشْتَرَى اثْنانِ شَيئًا، فتَقَاسَمَاه، وأرادَ أحَدُهما بَيعَ نَصِيبِه مُرَابَحَةً بالثَّمنِ الذي أدَّاهُ فيه، فإنْ كان من المُتَقَوَّماتِ التي لا يَنْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ بالأجْزَاءِ، كالثِّيَابِ ونَحْوها، لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ الحال على وَجْهِه. نصَّ عليه. وهذا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وإسحاقَ، وأَصْحَابِ الرَّأْي. وقال الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ بَيعُه بحِصَّتِه مِن الثَّمَنِ؛ لأَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ على المَبِيعِ على قَدْرِ قِيمَتِه، لو كانَ المَبِيعُ شِقْصًا وسَيفًا (1)، فإنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بحِصَّتِه من الثَّمَنِ. وذَكَرَ ابنُ أبِي مُوسَى فيما إذا اشْتَرَاهُ اثْنَانِ فَتَقاسَمَاه، رِوَايَةً عن أحمدَ، أنَّه يَجُوزُ بَيعُه مُرَابَحَةً بما اشْتَرَاهُ؛
(1) في م: «شفعا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأَنَّ ذلك ثَمَنُه، فهو صادِقٌ فيما أخْبَرَ به. ولَنا، أنَّ قِسْمَةَ الثَّمَنِ على المَبِيعِ طَرِيقُهُ الظَّنُّ، واحْتِمالُ الخَطَأ في كَثِيرٌ، وبَيعُ المُرَابَحَةِ أمَانَةٌ، فلم يَجُزْ فيه هذا، وصارَ هذا كالخَرْصِ الحاصِلِ بالظَّنِّ، لا يَجُوزُ أنْ يُباعَ به ما يَجِبُ التماثُلُ فيه. وأمّا الشَّفِيعُ، فلنا فيه مَنْعٌ، وإن سُلِّمَ، فإنَّ ما أخَذَهُ الشَّفِيعُ بالقِيمَةِ للحاجَةِ الدَّاعِيَةِ إليه؛ لكَوْنِه لا طَرِيقَ له سِوَى التَّقْويمِ، ولأنَّه لو لم يَأْخُذْه به، لاتَّخَذَه النّاسُ طَرِيقًا إلى إسْقاطِ الشُّفْعَةِ، فَيُودِّي إلى تَفْويتِها، وههُنا يُمْكِن الإِخْبَارُ بالحالِ وبَيعُه مُسَاوَمَةً، ولا تَدْعُو الحاجَةُ إليه. فإنْ باعَهُ ولم يُبَيِّنْ، فللمُشْتَرِي الخِيَارُ بينَ الإِمْسَاكِ والرَّدِّ، كالمَسائِلِ المَذْكُورَةِ. وإنْ كان من المُتَماثِلَاتِ التي يَنْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ بالأجْزاءِ، كالبُرِّ والشَّعِيرِ المُتَسَاوي، جازَ بَيعُ بَعْضِه مُرَابَحَة بقِسْطِه مِن الثَّمَنِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ ثَمَنَ ذلك الجُزْءِ مَعْلُومٌ يَقِينًا، ولذلك جازَ بيعُ قَفِيزٍ مِن الصُّبْرةِ. وإنْ أَسْلَمَ في ثَوْبَينِ بِصِفَةٍ واحِدَةٍ، فأَخَذَهُما