الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدٍ، وَلَا شَاةً
ــ
صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المُنَابَذَةِ، وهى طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَه بالبَيْعِ إلى الرَّجُلِ، قبلَ أن يُقَلِّبَه أو يَنْظرُ إليه، ونَهَى عن المُلَامَسَةِ، والمُلامَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لا يَنْظُرُ إليه. ورَوَى مُسْلِمٌ (1) عن أبى هُرَيْرَةَ في تفسيرِهما، قال: هو لَمْسُ كُلِّ واحِدٍ منهما ثَوْبَ صاحِبِه بغَيْرِ تَأَمُّلٍ، والمُنابَذَةُ، أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ واحِدٍ منهما ثَوْبَه، ولم يَنْظر كُلُّ واحِدٍ منهما إلى ثَوْبِ صاحِبِه. وعلى التَّفْسِيرِ الأَوَّلِ لا يَصِحُّ البَيْعُ فيهما؛ لِعِلَّتَيْنِ؛ إحْداهُما، الجَهالَةُ. والثَّانِيَةُ، كَوْنُه مُعَلَّقًا على شَرْطٍ؛ وهو نَبْذُ الثّوْبِ، أو لَمْسُه له. وإنْ عَقَدَ البَيْعَ قبلَ نَبْذِه ولَمْسِه، فقال: بِعْتُكَ مَا تَلْمِسُهُ مِن هذه الثِّيابِ. أو: ما أنْبِذُه إليك. فهو غيرُ مُعَيَّنٍ ولا مَوْصُوفٍ، فأشْبَهَ ما لو قالَ: بِعْتُكَ واحِدًا منهما. فأمَّا بَيْعُ الحَصَاةِ، فقد رَوَى مسلمٌ (2)، عن أبِى هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، نهَى عن بَيْع الحَصَاةِ. واخْتُلِفَ في تَفْسِيرِه، فقيلَ: هو أَنْ يقولَ: ارْمِ هذه الحَصَاةَ، فعلى أىِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ، فهو لَكَ بدِرْهَمٍ. وقيلَ: هو أَنْ يقولَ: بِعْتُكَ مِن هذه الأرضِ مِقْدارَ ما تَبْلُغُ هذه الحَصاةُ إِذا رَمَيْتَها، بكذا. وقيلَ: هو أَنْ يقولَ: بِعْتُكَ هذا بكذا، على أنِّى مَتَى رَمَيْتُ هذه الحَصاةَ، وَجَبَ البَيْعُ. وكُلُّ هذه البُيُوعِ فَاسِدَةٌ؛ لِما فيها مِن الغَرَرِ والجَهْلِ. واللَّهُ تَعالَى أعْلَمُ.
1569 - مسألة: (ولا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا غيرَ مُعَيَّنٍ، ولَا عَبْدًا
(1) في: باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1152.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 90.
مِنْ قَطِيعٍ، وَلَا شَجَرَةً مِنْ بُسْتَانٍ، وَلَا هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إِلَّا وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا هَذَا الْقَطِيعَ إِلَّا شَاةً. وَإِنِ اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا مِنْ ذَلِكَ، جَازَ.
ــ
مِن عَبِيدٍ، ولا شاةً مِن قَطِيعٍ، ولا شَجَرَةً مِن بُسْتانٍ، ولا هؤلاء العَبِيدَ إلَّا واحِدًا غيرَ مُعَيَّن، ولا هذا القَطِيعَ إلَّا شاةً غيرَ مُعَينَّةَ. وإنِ اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا مِن ذلك، جازَ) لا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا غيرَ مُعَيَّنٍ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ، ولأنَّه غرَرٌ، وقد نهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعِ الغَرَرِ (1). ولا عَبْدًا مِن عَبِيدِه، سواءٌ قَلُّوا أو كَثُرُوا. وبه قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: إذا باعَه عَبْدًا مِن عَبْدَيْنِ، أو مِن ثَلاثَةٍ، بشَرْطِ الخِيارِ له، صَحّ؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه، ولو كانُوا أَكْثَرَ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه يَكْثُرُ الغَرَرُ. ولَنا، أنَّه مِمّا تَخْتَلِفُ أجْزاؤُه وقِيمَتُه، فلا يَجُوزُ شِراءُ بَعْضِه غيرَ مُعَيَّنٍ ولا مُشَاعًا (2)، كالأَرْبَعَةِ، ولأنَّه لا يَصِحُّ مِن غيرِ شَرْطِ الخِيارِ، فلا يَصِحُّ مع
(1) تقدم تخريجه في صفحة 90.
(2)
في م: «شياع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَرْطِه، كالأرْبَعَةِ، ولا حاجَةَ إلى هذا، فإنَّ الاخْتِيارَ يمْكِنُ قبلَ العَقْدِ، ويبطلُ ما قالوه بالأَرْبَعَةِ. ولا يجوزُ بَيْعُ شاةٍ مِن القَطِيعِ؛ لأنَّ شِياهَ القَطِيعِ غيرُ مُتَسَاوِيَةِ القِيَمِ، فَتَكُونُ مَجْهُولَةً، ولأنَّ ذلك يُفْضِى إلى التَّنَازُعِ، وكذلك إنْ باعَ شَجَرةً مِن بُسْتَانٍ، لا يَصِحُّ؛ لِما ذَكَرْنَا، ولأنَّ فيه غرَرًا، فيَدْخُلُ في عُمُومِ النَّهْى عن بَيْعِ الغَرَرِ.
فصل: وإنْ باعَ هؤلاء العَبِيدَ إلَّا واحِدًا غَيْرَ مُعَيَّن، أو هذا القَطِيعَ إلَّا شاةً غيرَ مُعَيَّنَةَ، لم يَصِحَّ. نَصَّ عليه. وهو قولُ أكثرِ أَهْلِ العِلْمِ. وقال مالِكٌ: يَصِحُّ أَنْ يبِيع مائَةَ شاةٍ إِلَّا شاةً يَخْتَارُها، ويَبِيعَ ثَمَرَةَ حائِطٍ، ويَسْتَثْنِىَ ثمَرَةَ نَخَلاتٍ يَعُدُّهَا. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن الثُّنْيَا (1) إلَّا أَنْ تُعْلَمَ. قال التِّرمِذِىُّ (2): هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ونَهَى عن بَيْعِ الغَرَرِ (3). ولأنَّه مَبِيعٌ مَجْهُولٌ، [والمُسْتَثْنَى منه مَجْهولٌ](4)، فلم يَصِحَّ،
(1) الثنيا، بضم المثلثة: كل ما استثنيته.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في المخابرة، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 235. والترمذى، في: باب ما جاء في النهى عن الثنيا، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 290. والنسائى، في: باب النهى عن بيع الثنيا حتى تعلم، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 260.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 90.
(4)
سقط من: م.