الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ في الْبَطنِ، وَاللَّبَنِ في الضَّرْعِ، وَالْمِسْكِ في الْفَأْرِ، وَالنَّوَى في التَّمْرِ،
ــ
يُعَارِضْه ظاهِرٌ، فصَحَّ بَيْعُه، كما لو كانتِ الغَيْبَةُ يَسِيرةً. وهذا ظاهرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ.
1567 - مسألة: (ولا يَجُوزُ بَيْعُ الحَمْلِ في البَطنِ، واللَّبَنِ في الضَّرْعِ، والمِسْكِ في الفَأْرِ، والنَّوَى في التَّمْرِ)
بَيْعُ الحَمْلِ في البَطنِ فاسِدٌ بغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعُوا على أنَّ بَيْعَ المَلاقِيحِ والمضَامِينِ غيرُ جائِزٍ. وإنّما لم يَجُزْ بَيْعُ الحَمْلِ في البَطنِ، لوَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، الجهالَةُ، فإنَّه لا تُعْلَمُ صِفَتُه ولا حَياتُه. والثانِى، أنَّه غيرُ مَقْدُورٍ على تَسْلِيمِه، بخِلافِ الغائِبِ، فإنَّه يَقْدِرُ على الشُّرُوعِ في تَسْلِيمِه. وقد رَوَى سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، عن أبى هُرَيْرَةَ، رَضِى اللَّهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ المَلاقِيحِ، والمَضامِينِ (1). قال أبو عُبَيْدٍ (2): المَلاقِيحُ، ما في البُطُونِ، وهى الأجِنَّةُ، والمَضامِينُ، ما في أصْلابِ الفُحُولِ، فكانُوا يَبِيعُونَ الجَنِينَ في بَطنِ النّاقَةِ، وما يَضْرِبُه الفَحْلُ في عامِه، أو في أَعْوامٍ.
(1) أخرجه البيهقى، في: باب النهى عن بيع حبل الحبلة، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 341.
(2)
في: غريب الحديث 1/ 207، 208.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأَنْشَدَ (1):
إنَّ المَضَامِينَ الَّتى في الصُّلْبِ
مَاءُ الفُحُولِ في الظُّهُورِ الحُدْبِ
وروَى ابنُ عمرَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ المَجْرِ (2). قال ابنُ الأعْرابِىِّ: المَجْرُ ما في بَطنِ النّاقَةِ، والمَجْرُ الرِّبَا. والمَجْرُ القِمارُ. والمَجْرُ المُحاقَلَةُ والمُزَابَنَةُ.
فصل: ورُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه نَهَى عن بَيْع حَبَلِ الحَبَلَةِ. [مُتَّفَقٌ عليه](3). ومَعْناه، نِتاجُ النِّتَاجِ. قاله أبو عُبَيْدٍ (4). وعن ابنِ عمرَ قال: كان أهلُ الجاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُون لحْمَ الجَزُورِ إلى حَبَلِ الحَبَلَةِ. وحَبَلُ الحَبَلَةِ أنْ تُنْتَجَ
(1) الرجز غير مَعْزُوٍّ، في: اللسان (ض م ن)، وتهذيب اللغة 12/ 50.
(2)
أخرجه البيهقى، في: باب النهى عن بيع حبل الحبلة، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 341.
(3)
سقط من: م.
والحديث أخرجه البخارى، في: باب بيع الغرر وحبل الحبلة، من كتاب البيوع، وفى: باب السلم إلى أن تنتج الناقة، من كتاب السلم، وفى: باب أيام الجاهلية، من كتاب مناقب الأنصار. صحيح البخارى 3/ 91، 114، 5/ 54. ومسلم، في: باب تحريم بيع حبل الحبلة، من كتاب البيوع. صحيح مسلم 3/ 1153. كما أخرجه أبو داود، في: باب بيع الغرر، من كتاب البيوع. سنن أبى داود 2/ 229. والترمذى، في: باب ما جاء في بيع حبل الحبلة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 236. والنسائى، في: باب بيع حبل الحبلة، وباب تفسير ذلك، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 257، 258. وابن ماجه، في: باب النهى عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائص، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 740. والإمام مالك، في: باب ما لا يجوز من بيع الحيوان، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 653. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 56، 2/ 5، 11، 15، 63، 76، 80، 108، 144، 155.
(4)
في: غريب الحديث 1/ 208.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النّاقَةُ، ثم تَحْمِلُ التى نُتِجَتْ. فَنَهاهُم النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم. رَواهُ مُسْلِمٌ (1). وكِلَا البَيْعَيْنِ فاسِدٌ؛ أمّا الأوَّلُ فَلأَنَّه بَيْعُ مَعْدُومٍ، وإِذا لم يَجُزْ بَيْعُ الحَمْلِ، فبَيْغ حَمْلِه أَوْلَى، وأمّا الثَّانِى فلأنَّه بَيْعٌ إلى أَجلِ مَجْهُولٍ.
فصل: ولا يَجُوز بَيْعُ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ. وبه قال الشّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحَابُ الرَّأْى. ونَهَى عنه ابن عَبّاسٍ، وأبو هُرَيْرَةَ. وكَرِهَهُ طاوُسٌ، ومُجاهِدٌ. وحكِىَ عن مالِكٍ، أنّه يجوز أيَّامًا مَعْلُومَةً إذا عَرَفَا حِلابَها، لِسَقْىِ الصَّبِىِّ، كلَبَنِ الظِّئْرِ. وأجازَهُ الحَسَنُ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، ومحمدُ بن مَسْلَمَةَ. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عَبّاسٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أنْ يُباعَ صُوفٌ على ظَهْرٍ، أو لبنٌ في ضَرْعٍ. رواه الخَلَّالُ، وابنُ ماجَه (2). ولأنَّه مَجْهولُ الصِّفَةِ والمِقْدارِ، فأَشْبَهَ الحَمْلَ، ولأنَّه بَيْعُ عَيْنٍ لم تُخْلَقْ، فلم يَصِحَّ، كبَيْعِ ما تَحْمِلُ النّاقَةُ، والعادَةُ في ذلك
(1) في: الباب السابق. صحيح مسلم 3/ 1154.
(2)
لم نجده في سنن ابن ماجه، وأخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في النهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم. . .، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 340. والدارقطنى، في: كتاب البيوع 3/ 14.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَخْتَلِفُ. وأمّا لَبَنُ الظِّئْرِ فإنَّما جازَ للحَضَانَةِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ.
فصل: ولا يَجْوزُ بَيْعُ المِسْكِ في الفَأْرِ (1)، وهو الوِعاءُ الذى يكونُ فيه. قال الشَّاعِرُ:
إذا التَّاجِرُ الهِنْدِىُّ رَاحَ بفَأْرَةٍ
…
مِن المِسْكِ رَاحَتْ في مَفَارقِهِمْ تَجْرِى
فإنْ فَتَحَ، وشاهَدَ ما فيه، جازَ بَيْعُه، وإنْ لم يُشَاهِدْ، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ للجَهالَةِ. وقال بعضُ الشّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ؛ لأنَّ بقاءَهُ في فَأْرِه مَصْلَحَةٌ له، فإنَّه يَحْفَظُ رُطُوبَتَه وذكاءَ رائِحَتِه، أَشْبَهَ ما مَأْكُولُه في جَوْفِه. ولَنا، أنَّه يَبْقَى خارِجَ وِعائِه مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، وتَبْقَى رَائِحَتُه، فلم يَجُزْ بَيْعُه مَسْتُورًا، كالدُّرِّ في الصَّدَفِ. وما مَأْكُولُه في جَوْفِه إخْراجُه يُفْضِى إلى تَلَفِه. فالتَّفْصيلُ في بَيْعِه مع وِعائِه، كالتَّفْصِيلِ في بَيْعِ السَّمْنِ في ظَرْفِه،
(1) سمى المسك فأرًا؛ لأنه من الفأر يكون. وفأرة المسك تكون بناحية تُبَّت، يصيدها الصياد فيعصب سُرَّتها بعصاب شديد وسرتها مدلَّاة، فيجتمع فيها دمها، ثم تذبح، فإذا سكنت قور السرة المعصَّرَة ثم يدفنها في الشعير حتى يستحيل الدم الجامد مسكًا ذكيًّا. اللسان مادة:(ف أر).
وَلَا الصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ بِشَرْطِ جَزِّهِ فِى الْحَالِ.
ــ
على ما نَذْكُرُه.
فصل: ولا يَجُوزُ بَيْعُ النَّوَى في التَّمْرِ، والبَيْضِ في الدَّجاجِ، للجَهْلِ بهما. ولا نَعْلَمُ في هذا اخْتِلافًا. فأَمَّا بَيْعُ (الصُّوفِ على الظَّهْرِ) فالمَشْهُورُ أنَّه لا يَجُوزُ بَيْعُه؛ لِما ذَكَرْنَا مِن الحَدِيثِ، ولأنَّه مُتَّصِلٌ بالحَيَوانِ فلم يَجُزْ إفرادُه بالعَقْدِ، كأعْضَائِه (وعنه، أنَّه يَجُوزُ بشَرْطِ جَزِّه في الحالِ) لأنَّه مَعْلُومٌ يُمْكِنُ تَسْلِيمُه، فجار بَيْعُه، كالرَّطْبَةِ، وفارَقَ الأعْضَاءَ؛ لكَوْنِها لا يُمْكِنُ تَسْلِيمُها مع بقاءِ الحَيَوانِ سالِمًا. والخلافُ فيه كالخِلافِ في اللَّبَنِ في الضَّرْعِ. فإنِ اشْتَرَاهُ بشَرْطِ القَطْعِ، وتَرَكَه حتَّى طالَ، فحُكْمُه حُكْمُ الرَّطْبَةِ إذا طالَتْ، على ما نَذْكُرُه في مَوْضِعِه.
فصل: فأمَّا بَيْعُ الأعْمَى وشِرَاؤُهُ، فإنْ أمْكَنَه مَعْرِفَةُ المَبِيعِ؛ بالذَّوْقِ إن كان مَطْعُومًا، أو بالشَّمِّ إن كان مَشْمُومًا، صَحَّ بَيْعُه وشِراؤُه. وإن لم يُمْكِنْ، جازَ بَيْعُه بالصِّفَةِ، كالبَصِيرِ، وله خِيارُ الخُلْفِ في الصِّفَةِ.