الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَكَرَ الْخِرَقِىُّ في جَزِّ الرَّطْبَةِ، إِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ. فيُخَرَّجُ ههنَا مِثْلُهُ.
ــ
الزِّيَادَة لم يَجُزْ. ولأنَّه أَخَذَ عِوَضًا عن مِرْفَقٍ مُعْتَادٍ، جَرَتِ العادَةُ بَالعَفْوِ عنه دُونَ أخْذِ العِوَضِ، فأشْبَهَ المَنافِعَ المُسْتَثْناة شَرْعًا، وهو ما إذا باعَ أرْضًا فيها زَرْعٌ للبَائِعِ، واسْتَحَقَّ تَبْقِيَتَه إلى حينِ الحَصَادِ، فلو أَخَذَه قَصِيلًا ليَنْتَفِعَ بالأَرْضِ إلى وَقْتِ الحَصادِ، لم يَكُنْ له ذلك.
1593 - مسألة: (وَذَكَرَ الْخِرَقِىُّ في جَزِّ الرَّطْبَةِ، إِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ. فيُخَرَّجُ ههنَا مِثْلُهُ)
إذا اشْتَرَى زَرْعًا، أو جَزَّةً مِن الرُّطْبَةِ، أو ثَمَرَة على الشَّجَرِ، فالحَصادُ، وجَزُّ الرَّطبَةِ، وجِذاذُ الثَّمَرَةِ على الْمُشْتَرِى؛ لأنَّ نَقْلَ المَبِيعِ، وتَفْرِيغَ مِلْكِ البائِعِ منه على المُشْتَرِى، كَنَقْلِ الطَّعامِ المَبِيعِ مِن دارِ البائِعِ، بخِلافِ الكَيْلِ والوَزْنِ والعَدَدِ، فإنَّها على البائِعِ؛ لأنَّها مِن مُؤْنَةِ تَسْلِيمِ المَبِيعِ إلى المُشْتَرِى، والتَّسْلِيمُ على البائِعِ، وههُنا حَصَلَ التَّسْلِيمُ بالتَّخْلِيَةِ بدُونِ القَطْعِ، بدَلِيلِ جَوازِ بَيْعِها والتَّصَرُّفِ فيها. وهذا مَذْهَبُ أبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. فإن شَرَطَه على البائِعِ، فاخْتَلَفَ أصْحَابُنا، فقال الخِرَقِىُّ: يَبْطُلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَيْعُ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: لا يَجُوزُ. وقيل: يَجُوزُ. فإن قُلْنا: لا يَجُوزُ. فهل يَبْطُلُ البَيْعُ لبُطلانِ الشَّرْطِ؛ على رِوَايَتَيْنِ. وقال القاضِى: المَذْهَبُ جوازُ الشَّرْطِ. ذَكَرَه أبو بكْرٍ، وابنُ حامِدٍ. وقال القاضِى: ولم أَجِدْ بما قالَه الخِرَقِىُّ رِوَايَةً في المَذْهَبِ. واخْتَلَفَ فيه أصْحابُ الشافعىِّ، فقال بَعْضُهم: إذا شَرَطَ الحصادَ على البائِعِ بَطَلَ البَيْعُ، قولًا واحِدًا. وقال بَعْضُهم: يكونُ على قَوْلَيْنِ. فمَن أفْسَدَه، قال: لا يَصِحُّ؛ لثَلاثَةِ مَعَانٍ؛ أحدُها، أنَّه (1) شَرَطَ العَمَلَ في الزَّرْعِ قبلَ أن يَمْلِكَه. والثانِى، أنَّه شَرَطَ ما لَا يَقْتَضِيه العَقْدُ. والثالِثُ، أنَّه شَرَطَ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ؛ لأنَّ مَعْنَى ذلك تَسْلِيمُه مَقْطُوعًا. ومَن أَجازَه، قال: هذا بَيْعٌ وإجارَةٌ، وكُلُّ واحِدٍ منهما يَصِحُّ إفْرَادُه، فَصَحَّ جَمْعُهما، كالعَيْنَيْنِ. وقولُهم: شَرَطَ العَمَلَ فيما لا يَمْلِكُه. يَبْطُلُ بشرْطِ رَهْنِ المَبِيعِ على الثَّمَنِ في البَيْعِ. والثانى، يَبْطُلُ بشَرْطِ الرَّهْنِ والكَفِيلِ والخِيارِ. والثالثُ، ليس بتَأْخِير؛ لأنَّه يُمْكِنُه تَسْلِيمُه قائِمًا، ويَبْقَى الشَّرْطُ مِن
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُتَسَلِّمِ، فليس ذلك بتَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ. فإذا فَسَدَتْ هذه المَعانِى، صَحَّ؛ لِما ذَكَرْناه. فإن قيلَ: فالبَيْعُ يُخالِفُ حُكْمُه حُكْمَ الإِجَارَةِ؛ لأنَّ الضَّمانَ يَنتقِلُ في البَيْعِ بتَسْلِيمِ العَيْنِ، بخِلافِ الإِجَارَةِ، فكيف يَصِحُّ الجَمْعُ بينَهما؟ قُلنا: كما يَصِحُّ بَيْعُ الشِّقْصِ والسَّيْفِ، وحُكْمُهما مُخْتَلِفٌ، بدَلِيلِ ثُبوتِ الشُّفْعَةِ في الشِّقْصِ دونَ السَّيْفِ، وقد صَحَّ الجَمْعُ بَيْنَهُما. وقول الخِرَقِىِّ: إنَّ العَقْدَ ههُنا يَبْطُلُ. يَحْتَمِلُ أن يَخْتَصَّ هذه المسألةَ وشِبْهَها، مِمّا يُفْضِى الشَّرْطُ فيه إلى التنَّازُعِ، فإنَّ البائِعَ قد يُرِيدُ قَطْعَها مِن أَعْلَاها؛ لِيَبْقَى له منها بَقِيَّةٌ، والمُشْتَرِى يريدُ الاسْتِقْصاءَ عليها، ليَزِيدَ له ما يَأْخُذُه، فيُفْضِى إلى التَّنازُعِ، وهو مَفْسَدَةٌ، فيَبْطُلُ البَيْعُ مِن أجْلِه. ويَحْتَمِلُ أن يُقاسَ عليه ما أشْبَهَه مِن اشْتِراطِ مَنْفَعَةِ البائِعِ في المَبِيعِ. كما ذَكَرْنا في صَدْرِ المسألةِ. والأوَّلُ أوْلَى لوَجْهَيْن؛ أحَدُهما، أنَّه قد قال في مَوْضِعٍ آخرَ: ولا يُبْطِلُ البَيْعَ شَرْطٌ واحِدٌ.