الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الثَّالِثُ، أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا؛ وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَدُودِ الْقَزِّ وَبَزْرِهِ، وَالنَّحْلِ مُنْفرِدًا، وَفِى كُوَارَاتِهِ.
ــ
(فصل، الثّالِثُ، أن يَكونَ المَبِيعُ مَالًا؛ وهو ما فيه مَنْفَعَةٌ مُباحَةٌ لغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فيَجُوزُ بَيْعُ البَغْلِ، والحِمارِ، ودُودِ القَزِّ وبَزْرِه، والنَّحْلِ مُنْفَرِدًا، وفى كُواراتِه)(1) قَوْلُه: لغيرِ ضَرُورَةٍ. احْتِرازٌ مِن المَيْتَةِ، والمُحَرَّماتِ التى تُباحُ في حالِ المَخْمَصَةِ، والخَمْرُ يُباحُ دَفْعُ اللُّقْمَةِ بها، فكُلُّ عَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ يَجُوزُ اقْتِناؤْها والانْتِفَاعُ بها في غيرِ حالِ
(1) كُوارة النحل؛ بالضم والتخفيف، والتثقيل لغة: عسلها في الشمع، وقيل: بيتها إذا كان فيه العسل. وقيل: هو الخلية. وكسر الكاف مع التخفيف لغة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضَّرُورَةِ، يَجُوزُ بَيْعُها، إلَّا ما اسْتَثْناهُ الشَّرْعُ، كالكَلْبِ، وأُمِّ الوَلَدِ، والوقفِ؛ لأنَّ المِلْكَ سَبَبُ إطْلاقِ التَّصَرُّفِ. والمَنْفَعَةُ المُبَاحَةُ يُباحُ له اسْتِيفاؤُها (1)، فجاز له أخْذُ عِوَضِها، وأُبِيِحَ لغَيْرِه بَذْلُ مالِه فيها تَوَصُّلًا إليها، ودَفْعًا لحاجَتِه بها، كسائِرِ ما أُبِيحَ نفْعُه، وسَواءٌ في ذلك ما كان طاهِرًا؛ كالثِّيَابِ، والعَقارِ، وبَهِيمَةِ الأنْعامِ، والخَيْلِ، والصَّيُودِ (2)، أو مُخْتَلَفًا في نَجاسَتِه؛ كالبَغْلِ، والحِمارِ. لا نَعْلَمُ في ذلك خِلافًا. ويَجُوزُ بَيْعُ الجَحْشِ الصَّغِيرِ، والفَهْدِ الصَّغِيرِ، وفَرْخِ البازِى إذا قلْنَا بجَوازِ بَيْعِها؛ لأنَّه يُنْتَفَعُ به في المالِ، فأشْبَهَ طِفْلَ العَبِيدِ.
(1) في م: «استبقاؤها» .
(2)
الماهر في الصيد. يقال: كلب صيود، وصقر صيود.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجوزُ بَيْعُ دُودِ القَزِّ وبَزْرِه (1). وقال أبو حنيفةَ: إن كان مع دُودِ القَزِّ قَزٌّ، جاز بَيْعُه، وإلَّا فلا؛ لأنَّه لا يُنْتَفَعُ بعَيْنِه، فهو كالحَشَراتِ. وقِيلَ: لا يَجُوزُ بَيْعُ بَزْرِه (1). ولَنا، أنّه حَيَوانٌ طاهِرٌ، يَجُوزُ اقْتِناؤُه لتملُّك ما يَخْرُجُ منه، أشْبَهَ البَهائِمَ، ولأنَّ الدُّودَ وبَزْرَه طاهِرٌ، مُنْتَفَعٌ به، فجاز بَيْعُه، كالثَّوْبِ. وقولُه: لا يُنْتَفَعُ بعَيْيه. يَبْطُلُ بالبَهائِمِ التى لا يَحْصُلُ منها نَفْعٌ سِوَى النِّتاجِ، ويُفارِقُ الحَشَراتِ التى لا نَفْعَ فيها أصْلًا، فإنَّ نَفْعَ هذه كَثِيرٌ؛ لأنَّ الحَرِيرَ الذى هو أشْرَفُ الملابِسِ إنَّما يَحْصُلُ منها.
(1) في م: «بذره» .
قال في المصباح: وقولهم لبعض الدود: بزر القز. مجاز على التشبيه ببزر البقل، لأنه ينبت كالبقل. المصباح المنير (ب ز ر).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ إذا شاهَدَها مَحْبُوسَةً، بحيث لا يُمْكِنُها أن تَمْتَنِعَ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ بَيْعُها مُنْفَرِدَةً؛ لِما (1) ذَكَر في دُودِ القَزِّ. ولَنا، أنَّه حَيَوانٌ طاهِرٌ، يَخْرُجُ مِن بَطنِه شَرابٌ فيه مَنافِعُ للنّاسِ، فجاز بَيْعُه، كبَهِيمَةِ الأنْعامِ. واخْتَلَفَ أصْحابُنا في بَيْعِها في كُوَاراتِها، فقال القاضِى: لا يَجُوزُ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ مُشاهَدَتُها جَمِيعِها، ولأنَّها لا تَخْلُو مِن عَسَلٍ يكونُ مَبِيعًا معها، وهو مَجْهُولٌ. وقال أبو الخَطّابِ: يَجُوزُ بَيْعُها في كُوَاراتِها، ومُنْفَرِدَةً عنها، فإنّه يُمْكِنُ مُشَاهَدَتُها في كُوَاراتِها إذا فُتِحَ رَأْسُها، ويُعْرَفُ كَثْرَتُه مِن قِلَّتِه، وخَفاءُ بَعْضِه لا يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِه، كالصُّبْرَةِ، وكما لو كان في وِعاءٍ، فإنّ بَعْضَه يكونُ على بَعْضٍ، فلا يُشاهَدُ إلَّا ظاهِرُه، والعَسَلُ يَدْخُلُ في البَيْعِ تَبَعًا، فلا تَضُرُّ جَهالَتُهِ، كأَساساتِ
(1) في م: «كما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحِيطانِ. فإن لم يُمْكِنْ مُشاهَدَتُه؛ لكَوْنِه مَسْتُورًا بأقْراصِه، ولم يُعْرَفْ، لم يَجُزْ بَيْعُه لجَهالَتِه.