الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَعَنْهُ، أنَّهُ صَحِيحٌ، وَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ،
ــ
فصل: قال، رَضِى اللَّهُ عنه:(وإن باعَهُ دَارًا) أو ثوْبًا (على أنَّه عَشرَةُ أَذْرُعٍ، فبان أحَدَ عَشرَ، فالبَيْعٍ باطِلٌ) لأنَّه لا يُمْكِنُ إجْبَارُ البائِعِ على تَسْلِيمِ الزِّيَادَةِ، وإنَّما باعَ عَشَرَة، ولا المُشْتَرِى على أخْذِ البَعْضِ، وإنَّما اشْتَرَى الكُلَّ، وعليه ضَرَرٌ في الشَّرِكَةِ أيْضًا. (وعنه، أنَّه صَحِيحٌ، والزِّيَادَةُ للبائِعِ) لأَنَّ ذلك نقْصٌ على المُشْتَرِى، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ البَيْعِ، كالمَعِيبِ، ثم يُخَيَّرُ البائِعُ بينَ تَسْلِيمِ المَبِيعِ زَائِدًا، وبينِ تَسْلِيمِ العَشَرَةِ، فإنْ رَضِىَ بتَسْلِيمِ الجَمِيعِ، فلا خِيارَ للمُشْتَرِى؛ لأنَّه زادَه خَيْرًا، وإنْ
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِمْضَائِهِ، جَازَ.
ــ
أَبَى تَسْلِيمَه زائِدًا، فللمُشْتَرِى الخِيارُ بينَ الفَسْخِ، والأخْذِ بجَمِيعِ الثَّمَنِ المُسَمَّى، فإنْ رَضِىَ بالأَخْذِ، أخَذَ بالعَشَرَةِ، والبائِعُ شَرِيكٌ له بالذِّرَاعِ. وهل للبائِعِ خِيَارُ الفَسْخِ؟ على وَجْهَيْنِ؛ أوَّلُهما، له الفَسْخُ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا في المُشارَكةِ. والثَّانى، لا خِيارَ له؛ لأنَّه رَضِىَ بِبَيْعِ الجَمِيعِ بهذا الثَّمَنِ، فإذا وَصَلَ إليه الثَّمَنُ مع بَقَاءِ جُزْءٍ له فيه كان زِيَادَةً، فلا يَسْتَحِقُّ بها الفَسْخَ، ولأن هذا الضَّرَرَ حَصَلَ بتَغْرِيرِه، وإخبارِه (1) بخِلافِ مُخبرِه (2)، فلا يَنْبَغِى أَنْ يُسَلَّطَ به على فَسْخِ عَقْدِ المُشْتَرِى. فإنْ بَذَلَها البائِعُ للمُشْتَرِى بثَمَنٍ، أو طَلَبَها المشْتَرِى بثَمَنٍ، لم يَلْزَمِ الآخَرَ القبُولُ؛ لأنَّها مُعَاوَضَةٌ يُعْتَبَرُ فيها التَّرَاضِى مِنْهُما، فلا يُجْبَرُ
(1) في م: «اختياره» .
(2)
في م: «مجبره» .
وَإِنْ بَانَتْ تِسْعَةً، فَهُوَ بَاطِلُ. وَعَنْهُ، أنَّهُ صَحِيحٌ، وَالنَّقْصُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلِلْمُشْتَرِى الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنَ.
ــ
واحِدٌ منهما عليها. وإنْ تَرَاضَيا على ذلك، جازَ (وإنْ بانَتْ تِسْعَةً) فالبَيْعُ (باطِلٌ) لِما ذَكَرْنا (وعنه، أنَّه صَحِيحٌ، والمُشْتَرِى بالخِيارِ بينَ الفَسْخِ وأَخْذِ المَبِيعِ بقِسْطِه مِن الثَّمَنِ). وقال أصحابُ الشافعىِّ: ليس له إمْساكُه إلَّا بجميعِ الثَّمَنِ، أو الفَسْخ. بناءً على المبيعِ المَعِيبِ عندَهم. ولَنا، أنَّه وَجَدَ المَبِيعَ ناقِصًا في القَدْرِ، فَكان له إمْسَاكُه بقِسْطِه مِن الثَّمَنِ، كالصُّبْرَةِ إذا اشْتَرَاها على أنَّها مائَةٌ، فبانَتْ خَمْسِينَ، وسَنُبَيِّن في المَعِيبِ أنَّ له إمْسَاكَه، وأَخْذَ الأَرْشِ. فإنْ أخَذَها بقِسْطِها مِن الثَّمَنِ، فلِلْبَائِعِ الخِيارُ بينَ الرِّضَا بذلك وبينَ الفَسْخِ، لأنَّه إنّما رَضِىَ بِبَيْعِها بكلِّ الثَّمَنِ، فإذا لم يَصِلْ إليه، ثَبَتَ له الفَسْخ. فإنْ بَذَلَ له المُشْتَرِى جَمِيعَ الثَّمَنِ، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ؛ لأنَّه وَصَلَ إليه الثَّمَن الذى
فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى تَعْوِيضِهِ عَنْهُ، جِازَ.
ــ
رَضِيَه، فأَشْبَهَ ما لو اشْتَرَى مَعِيبًا فَرَضِيَه بجَمِيعِ الثَّمَن. (وإنِ اتَّفَقَا على تعْوِيضِه عنه، جازَ) لأَنَّها مُعَاوَضَةٌ، فجازَت بتَراضِيهِما، كغَيْرِها.
فصل: وإنِ اشْتَرَى صُبْرَةً على أنَّها عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، فبانَتْ أَحَدَ عَشَرَ، رَدَّ الزّائِدَ، ولا خِيارَ له ههُنا؛ لأنَّه لا ضَرَرَ في رَدِّ الزِّيادَة، وإنْ بانَتْ تِسْعَةً، أخَذَها بقِسْطِها مِن الثَّمَنِ. وقد ذَكَرْنا فيما تَقَدَّمَ أَنَّه مَتَى سَمَّى الكَيْلَ في الصُّبْرَةِ لا يكونُ قَبْضُها إلَّا بِالكَيْلِ، فإنْ وَجَدَهَا قدْرَ حَقِّه، أخَذَها، وإنْ كانت زَائِدَةً رَدَّ الزِّيَادَةَ، وإن نَقَصَتْ أَخَذَها بقِسْطِها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن الثَّمَنِ. وهل له الفَسْخُ إذا وجَدَها ناقِصَةً؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، له الخِيارُ. وهو مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه وَجَدَ المَبِيعَ ناقِصًا، فكان له الفَسْخُ، كغيرِ الصُّبْرَةِ، وكنُقْصَانِ الصِّفَةِ. والثَّانى، لا خِيارَ له؛ لأَنَّ نُقْصَانَ القَدْرِ ليس بعَيْبٍ في الباقِى مِن الكَيْلِ، بخِلافِ غيرِه.