الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً، رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا. فَإِنِ اخْتَلَفَا في صِفَتِها، فَالْقَولُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَتَحَالفَانِ إِذَا
ــ
ورَوَى أيضًا حَدِيثًا عن عبدِ المَلِكِ بنِ عُبَيدَةَ (1)، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا اخْتَلَفَ المُتَبَايِعَانِ اسْتُحْلِفَ البائِعُ، ثمّ كان للمُشْتَرِي الخِيارُ، إنْ شاءَ أَخَذَ، وإنْ شاءَ تَرَكَ» (2). وهذا ظاهِرٌ في أنّه يَفْسَخُ مِن غيرِ حاكِمٍ؛ لأَنَّه جَعَلَ الخِيارَ إليه، فأشْبَهَ مَنْ له خِيارُ الشَّرْطِ، ولأنَّه فَسْخٌ لاسْتِدْراكِ الظُّلَامَةِ، أشْبَهَ الرَّدَّ بالعَيبِ، ولا يُشْبِهُ النِّكَاحَ؛ لأنَّ لكلِّ واحِدٍ مِن الزَّوْجَينِ الاسْتِقْلال بالطَّلَاقِ.
1659 - مسَألة: (وإنْ كانتِ السِّلْعَةُ تالِفَةً، رَجَعَا إلى قِيمَةِ مِثْلِها. فإنِ اخْتَلَفَا فيصِفَتِها، فالقَوْلُ قولُ المُشْتَرِي [مع يَمينِه]
(3).
(1) في الأصل، ق، م:«عبدة» . قال الدارقطني: وقد اختلف فيه في تسمية والد عبد الملك هذا الراوي. وانظر: تهذيب التهذيب 6/ 409.
(2)
وأخرجه النسائي، في: باب اختلاف المتبايعين في الثمن، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 266. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 466. والبيهقي، في: باب اختلاف المتبايعين، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 333. والدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني 3/ 18، 19.
(3)
سقط من: م.
كَانَتْ تَالِفَةً، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينهِ.
ــ
وعنه، لا يَتَحَالفَانِ إذا كانت تالِفَةً، والقَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه) إذا اخْتَلَفَا في ثَمَنِ السِّلْعَةِ بعد تَلَفِها، فعن أحمدَ فيها رِوَايَتَانِ؛ إحْداهُما، يَتَحَالفَانِ. هكذا ذَكَرَه الخِرَقِيُّ، مثلَ ما (1) لو كانتْ قائِمَةً. وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ، وإحْدَى الرِّوَايَتَينِ عن مالِكٍ. والأُخْرَى، القَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه. اخْتَارَها أبو بكْرٍ. وهو قَوْلُ النَّخعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، والأَوْزَاعِي، وأبِي حَنِيفَةَ، لقَوْلِه، عليه السلام في الحَدِيثِ:«والسِّلْعَةُ قائِمَةٌ» (2). مَفْهُومُه أنَّه لا يُشْرَعُ التَّحالُفُ عندَ تَلَفِها. ولأنَّهُما اتّفَقَا على نَقْلِ السِّلْعَةِ إلى المُشْتَرِي، واسْتِحْقَاقِ عَشَرَةٍ في ثَمَنِها، واخْتَلَفَا في عَشَرَةٍ زَائِدَةٍ، البائِعُ يَدَّعِيها، والمُشْتَرِي يُنْكِرُها، والقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ. وتَرَكْنَا
(1) سقط من: ر 1، م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 464.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا القِياسَ حال قِيامِ السِّلْعَةِ؛ للحَدِيثِ الوَارِدِ فيه، ففيما عَدَاهُ يَبْقَى على القِياسِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى عُمُومُ قَوْلِه عليه السلام:«إذا اخْتَلَفَ المُتَبَايِعَانِ. فالقَوْلُ قَوْلُ البائِعِ، والمُشْتَرِي بالخِيارِ» . قال أحمدُ: ولم يَقُلْ (1) فيه: «والبَيعُ قائِمٌ» إلَّا يَزِيدُ بنُ هارُونَ. قال أبو عَبْدِ اللهِ: وقد أخْطَأَ، رَواهُ الخلْقُ عن المَسْعُودِيِّ، ولم يَقُولُوا هذه الكَلِمَةَ. ولأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما مُدَّعٍ ومُنْكِرٌ، فيُشْرَعُ اليَمِينُ، كحالِ قيامِ السِّلْعَةِ، فإنَّ ذلك لا يَخْتَلِفُ بقِيَامِ السِّلْعَةِ وتَلَفِها. وقَوْلُهم: تَرَكْنَاهُ للحَدِيثِ. قُلْنا: لم يَثْبُتْ في الحَدِيثِ «تَحَالفَا» (2). قال ابنُ المُنْذِرِ: وليس في هذا البابِ حَدِيثٌ يُعْتَمَدُ عليه. وعلى أنَّه إذا خُولفِ الأصْلُ لمَعْنًى، وَجَبَ
(1) في م: «ينقل» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعْدِيَةُ الحُكْمِ بتَعَدِّي ذلك المَعْنَى، فنَقِيسُ عليه. بل يَثْبُتُ الحُكْمُ بالبَيِّنَةِ، فإنَّ التَّحَالُفَ إذا ثَبَتَ مع قِيامِ السِّلْعَةِ، مع أنَّه يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ثَمَنِها للمَعْرِفَةِ بقِيمَتِها، فإنَّ الظاهِرَ أنَّ الثَّمنَ يكونُ بالقِيمَةِ، فمع تَعَذُّرِ ذلك أوْلَى. فإذا تَحالفَا، فإنْ رَضِيَ أحَدُهما بما قال الآخَرُ، لم يُفْسَخِ العَقْدُ؛ لعَدَمِ الحاجَةِ إلى فَسْخِه، وإنْ لم يَرْضَيَا، فلِكُلِّ واحِدٍ منهما فسْخُه، كما إذا كانتِ السِّلْعَةُ باقِيةً، ويُرَدُّ الثَّمَنُ إلى المُشْتَرِي، ويَدْفَعُ المُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ إلى البائِعِ، فإن كانَا مِن جِنْسٍ واحِدٍ وتَسَاوَيَا بعد التَّقَابُضِ، تَقَاصَّا. ويَنْبَغِي أنْ لا يُشْرَعَ التَّحَالُفُ ولا الفَسْخُ فيما إذا كانت قِيمةُ السِّلْعَةِ مُسَاويَةً للثَّمَنَ الذي ادَّعاهُ المُشْتَرِي، ويكونُ القَوْلُ قَوْلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُشْتَرِي مع يَمِينِه؛ لأنَّه لا فائِدَةَ في ذلك، لأنَّ الحاصِلَ به الرُّجُوعُ إلى ما ادَّعاهُ المُشْتَرِي. وإن كانتِ القِيمَةُ أقَلَّ، فلا فائِدَةَ للبائِعِ في الفَسْخِ، فيَحْتَمِلُ أنْ لا يُشْرَعَ له اليَمِينُ ولا الفَسْخُ؛ لأنَّ ذلك ضَرَرٌ عليه من غيرِ فائِدَةٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُضْرَعَ لتَحْصُلَ الفائِدَةُ للمُشْتَرِي. ومَتَى اخْتَلَفَا في قِيمَةِ السِّلْعَةِ، رَجَعَا إلى قِيمَةِ مِثْلِها مَوْصُوفًا بصِفَاتِها. فإنِ اخْتَلَفَا في الصِّفَةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه؛ لأنَّه غارِمٌ.
فصل: وإن تَقَايَلَا المَبِيعَ، أو رُدَّ بعَيبٍ بعدَ قَبْضِ البائِعِ الثَّمَنَ، ثم اخْتَلَفَا في قَدْرِه، فالقَوْلُ قَوْلُ البائِعِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ لِما يَدَّعِيه المُشْتَرِي بعدَ انْفِساخِ العَقْدِ، أشْبَهَ ما إذا اخْتَلَفَا في القَبْضِ.