الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوديعة
(1)
قاعدة (2): اختلف الأصحاب في الوديعة هل هي عقد بنفسه أم إذن مجرّد في الحفظ؟. قال (الإمام)(3) هذا الاختلاف سببه أن القبول ليس شرطًا من المودعَ ثم قال (4) وليس في الاختلاف في أن الإيداع عقد، فائدة فقهية، انتهى. وما قاله الإمام فيه نظر من وجهين أحدهما: أن جزمه بأن القبول لفظًا لا يشترط ممنوع بل فيه الخلاف (5) الذي في الوكالة صرح به جماعة، والأصح أنه لا يشترط لفظًا.
الوجه الثاني: أن قوله لا يترتب على الخلاف فائدة ممنوع أيضًا بل يترتب عليه مسائل: منها: إِذا كانت الوديعة حيوانًا فجاءت بولد في يد المودعَ ففيه خلاف خرجه القاضي حسين وغيره (6) على هذا الخلاف وصرح به الإِمام، واختلفوا في وجه التخريج
(1) من هامش المخطوطة.
(2)
انظر هذه القاعدة مجموع العلائي لوحة 177.
(3)
ما بين القوسين أثبته بواسطة نص المؤلف وذلك من قوله: وما قاله الإمام فيه نظر، وبواسطة نص الإمام نفسه في كتابه النهاية جـ 7 لوحة 107 ص (ب) مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 300 وانظر مجموع العلائي لوحة 177. وانظر نص قول الإمام في كتابه النهاية الإحالة السابقة ونصه:"وتردد أئمتنا في تسميتها -يريد الوديعة عقدًا وهذا الاختلاف سببه أن القبول ليس شرطًا من المودعَ وفاقًا".
(4)
أي إمام الحرمين انظر قوله هنا في كتابه النهاية الإحالة السابقة ونصه: "إنما اختلف الأصحاب في التوكيل بالعقود وما في معناها، والأصح أنه لا يشترط القبول في الوكالة وليس الاختلاف في أن الإيداع عقد، فائدة فقهية" اهـ. بنصه
(5)
حاصل هذا الخلاف ثلاثة أوجه أصحها عدم الاشتراط بل يكفي القبض في العقار والمنقول. والثاني: يشترط، والثالث: يشترط إن كان بصيغة عقد كقوله أودعتك ولا يشترط إِن قال: احفظه أو هو وديعة عندك راجع ذلك مفصلًا في الروضة جـ 6 ص 324 - 325. وانظر الخلاف في اشتراط القبول في الوكالة في الروضة جـ 4 ص 300.
(6)
كالرافعي والنووي، راجع الروضة جـ 6 ص 326. والبغوي والمتولي وانظر نصيهما الآتيين.
فقال البغوي (1) إِن قلنا هي عقد برأسه فيتعدي حكمه إِلى الولد ويكون وديعة وإلا فهو أمانة شرعية كالثوب إِذا ألقته الريح في داره، فإِذا لم يرده بعد التمكن من الرد ضمنه على الأصح، وقال المتولي (2) إِن جعلناه عقدًا برأسه لم يكن الولد وديعة اعتبارًا بعقد الرهن والإجارة، وإن لم نجعلها عقدًا فهل يتعدى حكم الأم إِلى الولد كما في الأضحية أم لا؟. كما في الإجارة؟ وجهان.
ومنها: إِذا شرط في الوديعة شرطًا فاسدًا قال الإمام من جعل الوديعة عقدًا أفسدها فلا بد من ائتمان جديد، وإلا كان كما لو طيرت الريح الثوب وإن لم نجعل الوديعة عقدًا فالشرط لا يؤثر أصلًا بل يلغو ويبقي موجب الإِيداع. ومنها: اشتراط القبول لفظًا حكي الرافعي (3) عن بعضهم أنه خرج الخلاف في ذلك على أن الوديعة عقد فيشترط أم ليس بعقد فلا يكون شرطًا، ويكتفي بالفعل. ومقتضي التخريج أن يكون الأصح اشتراط القبول، لأن الرافعي (4) قال: وأعلم أن الموافق لأطلاق الجمهور كون الوديعة
(1) انظر كتابة التهذيب جـ 2 لوحة 187. صفحة (أ) مصور فلم بمعهد المخطوطات رقم 105 ونصه: " .. ويخرج منه أن دابة الوديعة إذا ولدت فهل يكون الولد وديعة حتى يجوز له إمساكها؟ فيه وجهان. إِن جعلناها عقدًا فهو وديعة كالأم. وإن لم نجعله عقدًا فليس بوديعة وهو كثوب ألقته الريح في داره يكون أمانة عليه رده إِن تمكن من الرد. وإن لم يرد ضمن، وإن لم يتمكن من الرد فتلف عنده لم يضمن" اهـ.
(2)
انظر كتابة التتمة جـ 7 لوحة 161 مخطوط بدار الكتب رقم 50 ونصه: "إن قلنا الوديعة من جملة العقود فالولد لا يكون وديعة بل يكون أمانة شرعية حتى يرد على المالك عند التمكن من غير مطالبة اعتبارًا بعقد الرهن والإِجارة وغيرهما، وإن قلنا ليست من العقود فوجهان: أحدهما لا يتعدى إِلى الولد اعتبارًا بالعارية، والثاني يتعدى اعتبارًا بما لو نذر عتق جارية بعينها أو الضحية بشاة بعينها يكون ولدها مثلها وليس بصحيح" اهـ.
(3)
انظر روضة الطالبين جـ 6 ص 324، 325.
(4)
انظر المصدر السابق جـ 6 ص 326.
عقدًا؛ لكن مر (1) أن الأصح عدم الاشتراط مطلقًا.
ومنها (2): أن المودعَ إذا عزل نفسه في غيبة المودِع هل ينعزل؟. وجهان مبنيان على هذا الأصل (قال)(3) الغزالي: إِن قلنا ليس بعقد لم ينعزل، وإن قلنا عقد انعزل وبقيت أمانة شرعية. ومنها: إِذا أودِع صبي مالًا فأتلفه فهل يضمنه؟. قولان رجح الرافعي (4) والنووي (5) وغيرهما أنه يضمن. وذكر الرافعي (6) أن الخلاف في أن الوديعة عقد أم لا مأخوذ من هذه المسألة، فإن قلنا أنه عقد لم يضمنه كما لو باعه منه أو أقرضه، وإن قلنا ليس بعقد ضمن، وتصحيح الضمان (7) مع ترجيح أنه عقد لا يوافق.
ومنها (8): إِذا أُودِع عبد شيئًا فأتلفه فلا خلاف في أنه يضمن؛ لكن هل يتعلق برقبته أم بذمته؟. فيه القولان كالصبي إِن قلنا أن الوديعة عقد تعلق بذمته كما لو باع منه. وإن قلنا إِذن تعلق برقبته كما لو جنى وهو الأصح عند المتأخرين والتخريج مختلف. والله أعلم.
وأعلم أن كل من ضمن الوديعة بالإتلاف ضمنها بالتفريط إلا الصبي المميز فإِنه يضمنها بالإتلاف على الأظهر ولا يضمنها بالتفريط قطعًا (9) ، لأن المفرط من أودعه.
(1) راجع صفحة 176.
(2)
انظر هذا الفرع في الروضة جـ 6 ص 327.
(3)
في المخطوطة: قاله الغزالي ولعل الأولى ما أثبت.
(4)
انظر الروضة جـ 6 ص 326.
(5)
راجع المصدر السابق نفس الإحالة.
(6)
انظر المصدر السابق نفس الإحالة.
(7)
نهاية صفحة (أ) من لوحة 153.
(8)
انظر في هذا الفرع الروضة جـ 6 ص 326.
(9)
انظر المصدر السابق جـ 6 ص 325.