المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المال المغصوب بأن على ملك مالكه

- ‌ما يرتد بالرد

- ‌هل يلتحق الوقف بالعتق

- ‌ما يستقل به الواحد في التملك

- ‌المتولي على الغير

- ‌البناء على فعل الغير في العبادات

- ‌لا يعتد أحد إِلا بما عمله

- ‌الإِجبار من الجانبين

- ‌الاسم إِذا أطلق على شيئين

- ‌التوثقة المتعلقة بالأعيان

- ‌الاعتبار في العمل بانفصاله أو بوجوده

- ‌المقدرات الشرعية

- ‌ما تعتبر فيه مسافة القصر

- ‌الرضي بالشيء لا يمنع عوده إِليه

- ‌الحال والمآل

- ‌وقف العقود

- ‌المستند في الشيء إِلي الغالب

- ‌ما ثبت على خلاف الظاهر

- ‌الشبهات الدارئة للحدود

- ‌الأصل في الحيوانات الطهارة إِلا ما استثنى

- ‌أحكام الحيض

- ‌الصلاة مع النجاسة

- ‌قاعدة تتعلق بالصلاة

- ‌الأذان

- ‌الأئمة

- ‌سجود السهو

- ‌ما يقوم فيه عضو الإِنسان مقام الغير

- ‌الموتي أربعة

- ‌الزكاة

- ‌من وجبت عليه نفقته وجبت عليه فطرته

- ‌الصيام

- ‌ما يجب تداركه إِذا فات

- ‌الحقوق التي لله تثبت في الذمة وقد لا تثبت

- ‌ما يوجب حكمين

- ‌الأحكام المختصة بحرم مكة

- ‌ما يلزم بالنذر وما لا يلزم

- ‌حل الذبيحة

- ‌الحياة المستقرة

- ‌تعليق العقود

- ‌قاعدة: ينفسخ العقد بأشياء

- ‌العقود

- ‌ثبوت الخيار

- ‌[خيار الشرط]

- ‌ما يثبت الخيار فيه علي الفور

- ‌مدة الخيار هل هي كابتداء العقد

- ‌الآجال

- ‌العقد الذي فيه عوض يفسد بالتعليق إِلا في عورتين

- ‌الشرط إِما أن يقتضيه العقد أو لا

- ‌بيع المبيع قبل القبض

- ‌ما جاز بيعه جاز رهنه وما لا فلا

- ‌التوكيل

- ‌من قدر على الإِنشاء قدر على الإِقرار

- ‌الإِقرار

- ‌من أنكر حقًا لغيره ثم أقربه

- ‌[من له على رجل مال في ذمته]

- ‌العارية

- ‌الوديعة

- ‌لا يجتمع على عين عقدان لازمان

- ‌الإِجارة

- ‌ما صح بيعه صحت هبته وما لا فلا

- ‌لا يدخل شيء في ملك الإِنسان بغير اختياره إلا

- ‌ما ينتقل إِلى الورثة من الحقوق

- ‌دخول الموصى به في ملك الموصى له

- ‌الأولياء في النكاح

- ‌الثيوبة

- ‌ما يترتب على تغييب الحشفة

- ‌الوطء في الدبر كالقبل إِلا

- ‌تشطر الصداق وعدمه

- ‌المواضع التي يجب فيها مهر المثل

- ‌تعدد فُرق النكاح وأنواعه

- ‌لا يقع الطلاق بدون الصفة إِلا

- ‌طلاق لا رجعة فيه

- ‌أقصى العدتين

- ‌الاستبراء

- ‌الرضاع

- ‌[النفقة]

- ‌الحضانة

- ‌القتل

- ‌الديات

- ‌جني شخص يطالب غيره

- ‌الوطء الحرام

- ‌دفع المال إِلى الكفار

- ‌القرعة

- ‌القاسم

- ‌المدعي والمدعى عليه

- ‌دعوى ما لو أقر نفعه

- ‌متى تقام البينة

- ‌نكول المدعى عليه

- ‌الأيمان

- ‌الحلف

- ‌قول الصحابي

- ‌فائدة: مفهوم المخالفة

- ‌المصادر والمراجع

- ‌القسم الأول

- ‌أولاً: المصادر والمراجع المخطوطة:

- ‌ثانياً: المصادر والمراجع المطبوعة:

- ‌القسم الثاني

الفصل: ‌لا يعتد أحد إلا بما عمله

‌لا يعتد أحد إِلا بما عمله

(1)

قاعدة (2): الأصل المستقر أن لا يعتد لأحد إِلا بما عمله أو تسبب إِليه باستنابة ونحوه، ولا يطالب عن الغير إِلا بما التزم به وقد يتحمل عن غيره ما لم يلتزم به ولم يأذن له ذلك فيه وذلك في صور منها: تحمل (3) الإمام سهو المأموم حال القدوة والمسألة كالمجمع (4) عليها ولم يخالف فيها إِلا مكحول (5) من التابعين، وقال: يسجد المأموم لسهو نفسه. ثم شرط التحمل ارتباط القدوة، فلو كان الإمام محدثًا لم يتحمل. ومنها تحمله (6) قراءة الفاتحة إِذا أدرك الإِمام راكعًا واطمأن قبل ارتفاع الإِمام عن حد الركعين

(1) من هامش المخطوطة.

(2)

انظر هذه القاعدة مفصلة في قواعد العلائي لوحة 127، 128.

(3)

انظر في هذا الفرع الشرح الكبير جـ 4 ص 174. والمجموع جـ 4 ص 143. والهداية جـ 1 ص 75. والكافي لابن قدامة جـ 1 ص 169. وكفاية الأخيار للمؤلف جـ 1 ص 78. وحلية العلماء جـ 2 ص: 147. والمغني لابن قدامة جـ 2 ص: 41.

(4)

يريد بذلك أنه رأي أكثر الفقهاء حيث لم ينقل في هذه المسألة خلافًا إِلا عن مكحول ولعل المؤلف في هذا تابع النووي وغيره من الفقهاء. راجع المصادر السابقة، فإنهم لم ينقلوا خلافًا في المسألة سوى ما نقله المؤلف هنا عن مكحول، غير أن ابن حزم في المحلى جـ 4 ص 233. دار الاتحاد العربي، نقل أيضًا عن ابن سيرين وداود بن علي وغيرهما القول بوجوب السجود على المأموم وأن الإِمام لا يتحمل عنه في مثل هذه المسألة وهو ما رجحه رأيًا له كذلك. راجع المحلى الإِحالة السابقة.

(5)

هو أبو عبد الله مكحول بن عبد الله وقيل بن أبي مسلم شهراب بن شاذل بن سروان الفقيه التابعي، أثني عليه العلماء ووصفوه بالتبحر في العلم والبصيرة في الفتوي، اتهم بالقول بالقدر، وكانت وفاته سنة 113. وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في طبقات ابن سعد جـ 7 ص 453. وميزان الاعتدال جـ 4 ص 177. ووفيات الأعيان جـ 5 ص 280. وانظر قوله هذا في المصادر السابقة في هامش 3.

(6)

انظر هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 4 ص 417 - 419. والمجموع شرح المهذب جـ 4 ص 215. وحلية العلماء جـ 2 ص 88. وكفاية الأخيار جـ 1 ص 82.

ص: 15

وهذا هو الصحيح. ويدل له حديث (1).

وذكر (2) ابن خزيمة (3) والصبغي (4) إلى أنه لا يعتد له بالركعة واختاره البخاري (5) وقال إن من اعتد به من الصحابة والتابعين هم الذين لم يروا وجوب القراءة

(1) أي أنه قد جاء حديث يدل على احتساب الركعة للمأموم إِذا أدرك الإمام في ركوعه. ومن ذلك ما رواه أبو داود بسننه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا جئتم إِلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة". انظر سنن أبي دواد كتاب الصلاة رقم 2 باب رقم 156. ومن ذلك أيضًا ما رواه ابن خزيمة في صحيحه جـ 3 ص 45. عن أبي هريرة بلفظ: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه" وللاطلاع على ما روي في هذا الموضع راجع تلخيص الحبير جـ 4 ص 413 - 416.

(2)

هكذا في المخطوطة، "وذكر" ولعل الأولى لاستقامه النص "وذهب".

(3)

انظر ما ذكر عن ابن خزيمة في هذا الموضع بالإِضافة إلى المصادر السابقة في هامش "6" طبقات العبادى ص 44. وتخليص الحبير جـ 4 ص 418. مطبوع مع الشرح الكبير غير أن ابن خزيمة في صحيحه مال إِلي القول بإدراك الركعة، إذا أدرك المأموم الإمام وهو في الركوع. وانظر جـ 3 ص 45. من صحيحه وإِلى هذا يشير ابن حجر في تلخيصه راجع الإحالة السابقة بقوله "وهذا يعني ما صرح به ابن خزيمة في صحيحه، مغاير لما نقلوه عنه".

(4)

هو أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابورى المعروف بالصبغي الفقيه الشافعي كان إِمامًا في الفقه والحديث والأصول، وصاحب تصانيف، ولد في سنة 258، أثنى عليه العلماء ووصفوه بالعلم والفهم، من تصانيفه "فضائل الخلفاء الأربعة" والأسماء والصفات "انظر ترجمتة في طبقات العبادى ص 98. وطبقات ابن السبكي جـ 3 ص 81. وطبقات ابن قاضي شهبة جـ 1 ص 93 - 94. وانظر ما نقل عنه هنا في المصادر السابقة في هامش (6) وكذا أيضًا في مصادر ترجمته.

(5)

هو الإمام محمَّد بن إِسماعيل بن المغيرة البخاري الجعفي مولاهم ولد سنة 194 ونشأ يتيما طلب الحديث مبكرًا، طاف البلاد وسمع من خلق كثير؛ له تصانيف في الحديث وعلومه منها كتابه الشهير "الجامع الصحيح" كانت وفاته سنة 256. رحمه الله انظر ترجمته في طبقات ابن السبكي جـ 2 ص 2 والرسالة المستطرفة ص 9. ووفيات الأعيان جـ 3 ص 329. =

ص: 16

خلف الإِمام، وقد ضعف النووى (1) وغيره هذه المقالة. فعلى الصحيح المشهور شرطه أن تكون الركعة محسوبة للإِمام، فلو كان الإمام محدثًا أو قام إِلى خامسة سهوًا فأدركه المسبوق في الركوع لم يكن مدركًا لتلك الركعة على المذهب الصحيح وفيه وجه (2).

ومنها: تحمُّل (3) الغارم لإِصلاح ذاتِ البين، وكذا صرف الزكاة إِليه، قال الإمام هو تحمل حقيقي وارد على وجوب مستقر. ومنها: تحمل الزوج عن زوجته صدقه الفطر وكذا عن القريب. والعبد ومن تلزمه نفقته، واختلفوا (4) في أن الوجوب هل يجب أولًا على المؤدى، أو على المؤدى عنه ثم يتحمله المؤدي؟. والصحيح أنها تجب على المؤدى عنه أولًا، قال الرافعي (5) وحيث قلنا بالتحمل فهل هو كالضمان أو كالوكالة؟. قولان واستغرب النووي ذلك وقال (6) الصحيح الذي قاله الشافعي

= وانظر قوله هنا في كفاية الأخيار للمؤلف جـ 1 ص 82. والذي ترجمه البخاري في صحيحه جـ 1 ص 182. باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر. وما يجهر فيها وما يخافت.

(1)

انظر مجموعه جـ 4 ص 215.

(2)

أي فيه وجه أنه يكون مدركًا للركعة. وانظر الشرح الكبير جـ 4 ص 553/ 554. والمجموع شرح المهذب جـ 4 ص 216. وكفاية الأخيار جـ 1 ص 82.

(3)

انظر هذا الخلاف مفصلًا في نهاية المطلب جـ 6 لوحة 17 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 202 والشرح الكبير جـ 6 ص 128 وما بعدها والمجموع جـ 6 ص 123 وما بعدها. وانظر قواعد العلائي لوحة 127، وقواعد الزركشي جـ 1 ص 245. وانظر المهذب جـ 1 ص 164 وراجعه في حلية العلماء جـ 3 ص 103 وما بعدها، وكفاية الأخيار جـ 1 ص 119.

(4)

انظر ذلك في المجموع جـ 6 ص 124. وانظر كذلك قواعد العلائي لوحة 127 وقواعد الزركشي جـ 1 ص 245.

(5)

انظر شرحه الكبير جـ 6 ص 130 وهو بنصه.

(6)

انظر مجموعه على المهذب جـ 6 ص 123 وهو بالنص.

ص: 17

والأصحاب أنه كالحوالة لازم المؤدى لا يسقط عنه بعد الوجوب، ووجه قول الضمان أنه لو أداها المُتَحمَّل عنه بغير إِذن المؤدى أجزأه وفيه خلاف. ويتفرع على الخلاف في التحمل وعدمه صور (1):

منها إذا كان الزوج معسرًا تستقر (2) الفطرة (3) في ذمته لأنها عبادة مشروطة باليسار بخلاف النفقة فإِنها عوض. ثم إن كانت الزوجة موسرة فالمنصوص (4) أنها لا تجب عليها، وقال (5) فيمن زوج أمته من معسر أن على الولي فطرتها (6) وللأصحاب في ذلك طريقان (7) أصحهما تقرير النصين والفرق أن تسليم الأمة ليس تامًا بخلاف تسليم الحرة والثانية قولان بالتخريج مبنيان على قولي التحمل، إِن فلنا تحب على المؤدى عنه ابتداء وجب على الحرة وعلى مولى الأمة وإِلا فلا.

ومنها: إذا كان للكافر عبد أو مستولدة أو قريب تجب نفقته مسلمون فهل تجب عليه فطرتهم؟. فيه وجهان أصحهما نعم بناء على أن الوجوب يلاقي المؤدى عنه أولًا وإلا فلا تجب ومنها: إذا (8) أخرجت الزوجة فطرة نفسها بغير إذن الزوج مع يساره

(1) انظر كثيرًا من هذه الصور في المصادر السابقة في هامش (4) من الصفحة السابقة.

(2)

لقد خالف المؤلف فيما أثبته هنا كتابه الكفاية جـ 1 ص 119.

(3)

لفظ "الفطرة" من الهامش مشار إليها بسهم في الصلب وكتبت في الثانية في الصلب.

(4)

انظر المختصر ص 54. ونص ما فيه: "ولا يببن لي أن تجب عليه -يريد المؤدي عنه- لأنها مفروضة على غيره" وانظر الأم جـ 2 ص 65. وهو بنص عبارة المختصر.

(5)

القائل هو الشافعي انظر المختصر ص 54. وهو بالنص.

(6)

نهاية صفحة (أ) من لوحة 129.

(7)

انظرهما في المهذب جـ 1 ص 164 وشرحه المجموع جـ 6 ص 125 والوجيز جـ 1 ص 98 وشرحه للرافعي جـ 6 ص 131 وما بعدها وحلية العلماء جـ 3 ص 104.

(8)

انظر هذا الفرع مفصلًا في المصادر الواردة في هامش (7) مع اختلاف يسير في أرقام الصفحات.

ص: 18

فوجهان، إِن قلنا بالتحمل أجزأه وهو الصحيح، وإِلا فلا، وكذا إِذا تكلف القريب المعسر باستقراض أو سؤآل فأخرج فطرة نفسه بغير إِذن من ينفق عليه ففيه الخلاف، وذكر الماوردى (1) أنه يجزئ قطعًا والوجهان في الزوجة.

ومنها: إِذا (2) دخل وقت الوجوب وله أب معسر فأيسر قبل إِخراج فطرته قال البغوي: إِن قلنا الوجوب يلاقي الأب أولًا، فعليه فطرة نفسه، وإن قلنا يلاقي المؤدى ابتداء وجبت على الابن. ومنها: إِذا (3) كان له أب معسر وله زوجة معسرة، فإِن قلنا الوجوب يلاقى الابن ابتداء وجبت فطرتها كفطرة الأب، وإِن قلنا بالتحمل فلا تجب لأنها لا تجب على الأب فالابن أولى. ومنها: لو أسلمت زوجته واستهل هلال شوال وهو متخلف عن الإِسلام ثم أسلم قبل انقضاء العدة ففي وجوب نفقتها مدة التخلف خلاف، فإِن أوجبنا النفقة فالفطرة على الخلاف المذكور. ومنها: إِذا جامع (4) في نهار رمضان والمرأة صائمة طاثعة فقولان الأظهر أن الكفارة عليه، فعلى هذا هل هي عليه فقط أم عليها ويتحمل عنها؟. قولان أظهرهما عليه خاصة، وصحح الإمام (5) التحمل،

(1) انظر ما ذكر الماوردي هنا في المجموع جـ 6 ص 124.

(2)

انظر هذا الفرع بنصه في الشرح الكبير جـ 6 ص 121/ 124. والمجموع جـ 6 ص 124. وكفاية الآخيار جـ 1 ص 119.

(3)

انظر هذا الفرع مفصلًا في المصادر السابقة.

(4)

انظر تفصيل هذا الفرع في نهاية المطلب جـ 6 لوحة 57/ 58. مخطوط بدار الكتب رقم 202 والمعاياة لوحة 21. مخطوط بدار الكتب رقم 915. والشرح الكبير جـ 6 ص 443 وما بعدها. والمجموع جـ 6 ص 331. وانظر قواعد العلائي لوحة 128.

(5)

الذي يظهر من عبارة الإمام في النهاية جـ 6 لوحة 57/ 58. أنه لم يجرح هذا القول لنفسه وإنما قال أنه ظاهر المذهب ونصه: "

والقول الثاني أن الوجوب يلقاها والزوج يتحمل عنها لئلا نُقدِّر اجتماع كفارتين في حقه، وهذا بعيد عن القياس، وإن كان ظاهر المذهب". " اهـ.

ص: 19

وفي قول تجب كفارتان على الزوج واحدة عنه وأخرى (1).

وينبني على هذا الخلاف مسائل (2) منها: إذا أفطرت بالزنا، أو بالوطء بالشبهة فإن قلنا الوجوب لا يلاقيها فلا شيء عليها، لكن قلنا يلاقيها فعليها كفارة؛ لأن الزوجية مناط التحمل وهي مفقودة وقطع القاضي أبو حامد (3) بأن عليها كفارة بكل حال. ومنها: إِذا كان الزوج مجنونًا وقلنا بالتحمل فوجهان أصحهما تلزمها الكفارة في مالها؛ لأن الزوج ليس أهلًا للتحمل، وقيل تجب في ماله؛ لأن ماله صالح للتحمل.

ومنها: لو كان مراهقًا فهو كالمجنون على المذهب. ومنها: إِذا كان ناسيًا أو نائمًا

(1) هكذا النص في النسختين: وفي اللفظ كما يلاحظ سَقْط ولعل الأولى إِضافة لفظ "عنها" ليصبح النص: "وأخرى عنها". ولعل المؤلف اقتصر على ما ذؤن لكونه مفهومًا من السياق. وانظر المصادر الواردة في هامش 4 من الصفحة السابقة. وبالجملة ففي هذه المسألة عند فقهاء الشافعية أربعة أقوال.

الأول: هو الصحيح عند جمهورهم أن الكفارة تجب على الزوج خاصة عنه ولا شيء على المراة.

الثاني: تجب عليه كفارة واحدة عنه وعنها.

الثالث: يلزم كل واحد منهما كفارة في ماله.

الرابع: يجب على الزوج في ماله كفارتان كفارة عنه، وكفارة عنها. راجع المصادر السابقة في هامش (4) من الصفحة السابقة.

(2)

انظر هذه المسائل في نهاية المطلب جـ 6 لوحة 57. وما بعدها والحاوى الكبير جـ 2 لوحة 178. وما بعدها مخطوط بدار الكتب رقم 189. والشرح الكبير جـ 6 ص 444/ 445. والمجموع شرح المهذب جـ 6 ص 335/ 336. والتهذيب جـ 2 لوحة 200 وما بعدها مصور فلم بدار الكتب رقم 2824. وكفاية ابن الرفعة جـ 4 لوحة 36 وما بعدها مخطوط بدار الكتب رقم 228. وانظر كذلك قواعد العلائي لوحة 128 - 129.

(3)

انظر قوله هذا في الشرح الكبير جـ 6 ص 444. وهو القاضي أحمد بن بشر بن عامر العامرى المروزى من كبار فقهاء الشافعية أثني عليه فقهاء مذهبه، صنف في الفقه الشافعي "الجامع" وغيره. انظر ترجمته في طبقات ابن السبكي جـ 2 ص 82.

ص: 20

فاستدخلت، ذكره فهو كالمجنون، وقطع البغوي (1) وغيره بأنها إذا قلنا بالتحمل أن الكفارة في صورة النائم تجب في مالها. إذ لا فعل للزوج.

ومنها: لو كان الزوج مسافرًا والمرأة حاضرة فاطر بنية الترخص فلا تجب عليه كفارة وكذا إِذا لم يقصد الترخص على الأصح، فعلى هذا هو كالمجنون. ومنها: إذا وطء أربع زوجات في يوم وقلنا بالتحمل، قال الجرجاني (2) والماوردى (3) تلزمه أربع كفارات

(1) انظر التهذيب له جـ 2 لوحة 200 ونصه: " .. وإن قلنا الزوج يتحمل عنها فإنما يتحمل إذا وجبت عليها الكفارة. فإن كان الزوج مفطرًا أو ناسيًا أو استدخلت ذكره فتجب عليها الكفارة. ولا يتحملها الزوج، وكذلك إِذا كان الزوج مجنونًا فوطئها لا يتحمل الزوج لأنه لا كفارة عليه. وكذلك لوزنا بامرأة بالشبهة عالمًا بالصوم فعليها الكفارة، ولا يتحمل الواطء عنها؛ لأن التحمل يكون بالملك ولا ملك هاهنا" اهـ.

(2)

هو أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد كان شيخُ الشافعية بالبصرة تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازى وغيره، صنف في الفقه الشافعي "المعاياة""والشافي""والتحرير". وله تصانيف أخرى في الأدب، توفي منة 482 هـ انظر ترجمته في طبقات ابن السبكي جـ 3 ص 31. وطبقات الأسنوى جـ 1 ص 340/ 342. وطبقات ابن هداية الله ص 178.

وانظر قوله هذا في كتابه المعاياة لوحة 21 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 915.

والجرجاني كما يظهر من نصه لم يتبني هذا القول وإنما حكاه كغيره من الأقوال في هذا المسألة وهذا نصه: "

فإذا وطء أربع زوجات في يوم واحد لزمه على القول الأول -يريد أن الكفارة تلزمه عن نفسه دونها ولا شيء عليها- كفارة ولم يلزمه شيء للوطئات الأخرى، ولزمه على الثاني -يريد به أن الكفارة تلزمه واحدة عنه وعنها- أربع كفارات، وكفارة عن الوطء الأول عنه وعنها وثلاث كفارات عن الموطئات الثلاث عنهن ولزمه في القول الثالث -يريد به القول بأن الزوج تلزمه كفارتان في ماله عنه وعنها- خمس كفارتان، بالوطء الأول عنه وعنها، وثلاث كفارات بالوطئات الثلاث" اهـ.

(3)

انظر حاويه جـ 4 لوحة 178. صفحة (أ) مخطوط بدار الكتب رقم 189 ونصه: "ولو وطء أربع زوجات له في يوم واحد كان عليه أربع كفارات في القولين إذا قيل أن الكفارة وجبت عليهما، وفي الوجه الثاني: كفارة واحدة إذا قيل أنها وجبت على الزوج وحده" اهـ.

ص: 21

واحدة عنه وعن الأولى، وثلاث عن الباقيات.

ولو كان (1) تحته مسلمة وكتابية فوطئهما في يوم واحد وقلنا بالتحمل فإِن قدم وطء المسلمة لزمه كفارة واحدة، وإن قدم وطء الكتابية لزمه كفارتان إِحداهما لنفسه لوطء الكتابية، والثانية عن المسلمة (2).

ومنها: إِذا (3) كانا مملوكين أو حرين معسرين وقلنا بالتحمل لزم كل واحد منها صوم شهرين؛ لأن العبادة البدنية لا تتحمل (4) فإِن (5) اختلف حالهما في اليسار، فإن (كان)(6) الزوج أعلى حالًا منها، فإِن كان من أهل الإِعتاق، وهي من أهل الأطعام أو الصيام فوجهان أصحهما وبه قطع العراقيون، ويجزئ العتق عنهما إلا أن تكون المرأة أمة فعليها الصوم؛ لأن العتق لا يجزئ عنها، والثاني لا يقع الإِعتاق عنها لا ختلاف جنس الواجب، فعلى هذا يلزمها الصوم إِن كانت من أهله، وإن كانت من أهل الإِطعام فوجهان أصحهما أنه يلزم الزوج وقيل يلزمها، وإن كان من أهل الصيام وهي من أهل الأطعام فالجمهور على أنه يصوم عن نفسه ويطعم عنها؛ لأن الصوم لا يتحمل به. وإن كانت هي أعلى حالًا منه بأن كانت من أهل العتق وهو من أهل الصيام صام عن نفسه، وأعتق عنها إِذا قدر، وإِن كانت من أهل الصيام وهو من أهل الإِطعام صامت عن نفسها

(1) انظر هذا الفرع بنصه في المعاياة لوحة 21 صفحة (ب)، ولو قلنا بعدم التحمل للزمه كفارة واحدة فقط بكل حال سواء قدم وطء المسلمة أو الذمية. راجع المصدر السابق.

(2)

نهاية لوحة 129.

(3)

انظر هذا الفرع بنصه في الشرح الكبير جـ 6 ص 445/ 446. والمجموع شرح المهذب جـ 6 ص 334 - 335. وانظر كذلك قواعد العلائي لوحة 129.

(4)

أي لا تدخلها النيابة وبخاصة في حال الحياة، وهو بإتفاق فقهاء الشافعية انظر المجموع جـ 6 ص 369. والمنهاج ص 37.

(5)

انظر تفصيل هذا الموضوع في المصادر السابقة في هامش (3).

(6)

أثبتها لما يقتضيه السياق. وانظر المصادر السابقة في هامش (3).

ص: 22

وأطعم عن نفسه. والله أعلم.

ومنها: إِذا جامع (1) المحرم زوجته المحرمة ففي حقها طريقان: إِحداهما أنه يجب عليها أيضًا في مالها بدنه كما يجب على الزوج، والثانية فيها الأقوال الثلاثة (2) في جماع رمضان. ويتفرع على الخلاف بعض المسائل المتقدمة كالوطء بالشبهة واستدخالها ذكره وهو نائم، وإِذا كان ناسيًا وهي ذاكرة إِذا فرعنا على الأصح أن وطء الناسي لا يُفسد (3) الحج. ولا يوجب شيئًا، وكذا وطء زوجتين محرمتين فإِنه يجب عليه بالوطء الثاني شاة على الأصح من خمسة أقوال (4)، فعلى هذا إِذا أفسد بالثاني إِحرام المرأة الثانية وقلنا بالتحمل لزمه لها بدنة كما مر (5).

ومنها: إِذا قبل (6) الرجل النكاح لابنه الصغير أو المجنون، فهل يكون

(1) انظر هذا الفرع مفصلًا في الشرح الكبير جـ 7 ص 475/ 476. والمجموع شرح المهذب جـ 7 ص 394/ 396.

(2)

راجعها في صفحة (19/ 4).

(3)

وهو الراجح عند فقهاء الشافعية كما ذكر المؤلف وفيه وجه آخر عندهم أن وطء الناس يفسد حجه. راجع ذلك مفصلًا في الشرح الكبير جـ 7 ص 478. والمهذب جـ 1 ص 213. وشرح المجموع جـ 7 ص 341.

(4)

هي: الأول: يجب بالوطء الأول بدنه، وبالثاني شاة وهو كما ذكر المؤلف الراجح عند فقهاء الشافعية. الثاني: يجب لكل وطء بدنه. الثالث: يكفي بدنة عنهما جميعًا، الرابع: إن كفر عن الوطء الأول قبل الجماع الثاني وجبت الكفارة للثاني وهي على قولين عندهم -بدنة، أو شاة-، وإن لم يكن كفر عن الأول كفته بدنه عنهما الخامس: إِن طال الزمن بين الجماعين، أو اختلف المجلس وجبت كفارة أخرى للثاني على الخلاف السابق في كونها بدونه أو شاة، وإِلا فكفارة واحدة. راجع ذلك مفصلًا بنصه في المجموع جـ 7 ص 407، وانظر الشرح الكبير جـ 7 ص 472 - 473. وحلية العلماء جـ 3 ص 268، 269.

(5)

فيما لو وطء أربع زوجات في الصوم راجع صفحة (20/ 4).

(6)

انظر هذا الفرع بنصه في روضة الطالبين جـ 7 ص 77/ 78. وانظر المهذب جـ 2 ص 61.

ص: 23

ضامنًا (1) للمهر والنفقة؟. فيه قولان، القديم نعم للعرف. والجديد الصحيح لا، إِلا أن يصرح بذلك، وخص العراقيون والجمهور القولين بما إِذا لم يكن للابن مال، فإِن كان فلا يكون ضامنًا قطعًا. وقال ابن كج هما فيما إِذا أطلق، أما إِذا شرط كونه على الابن فهو عليه لا غير.

والغزالي طرد القولين في الأحوال عنها، فعلى القديم هل نقول وجب ذلك على الأب ابتداء أم على الابن ثم تحمله الأب؟ وجهان فعلى الأول لا يطالب الابن ولا يرجع الأب إِذا غرم على الابن، وإذا أبرأت الأب برءآ جميعًا. وعلى الثاني يطالب الابن أيضًا، وإِذا غرم الأب رجع وهذا هو الأصح (2).

والخلاف جار أيضًا فيما إِذا نكح العبد (3) بإِذن السيد، هل يكون السيد ضامنًا للمهر والنفقة؟. إِلا أن القول هنا بالضمان أضعف؛ لأن العبد (4) باشر العقد بنفسه، نعم إِذا قلنا يقبل النكاح لعبده الصغير ويجبر الكبير فهو كالابن الصغير والمجنون.

ومنها: الدية (5) المأخوذة من العاقلة، هل وجبت عليهم ابتداء أو على الجاني

(1) إِنما يأتي الكلام في ضمان الأب إذا كان الصداق دينًا، اما إذا كان عينًا فلا تعلق له بالأب. راجع الروضة الإِحالة السابقة.

(2)

راجع في هذا النص روضة الطالبين جـ 7 ص 78. وانظره كذلك في قواعد العلائي لوحة 129.

(3)

انظر في هذا الفرع المهذب جـ 2 ص 61. والوجيز جـ 2 ص 23. وروضة الطالبين جـ 7 ص 226 - 227. والمنهاج وشرح نهاية المحتاج جـ 6 ص 322 - 324.

(4)

في الأصل لفظ "لأن العبد" مكرر.

(5)

انظر هذه المسألة وما يتفرع عليها من فروع في روضة الطالبين جـ 9 ص 357/ 358 وهي بالنص. وانظر أيضًا قواعد العلائي لوحة 130. وقواعد الزركشي جـ 1 ص 245 - 246 وانظر كذلك المهذب جـ 2 ص 212 - 213.

ص: 24

وتتحمل العاقلة؟. فيه خلاف، والقياس (1) يقتضي أن الضمان يجب على (2) المتلق إِلا أن ظاهر الأدلة (3) يقتضي إِيجاب الدية عليهم. ابتداء وينبني على الخلاف صور: منها: إِذا انتهى التحمل إلى بيت المال فلم يكن فيه شيء فهل يؤخذ من الجاني؟. قطع القاضي (4) بالمنع. والأظهر حكايته وجهين أصحهما تؤخذ من الجاني. ومنها: إِذا أقر الجاني بالخطأ أو شبه العمد وكذبه العاقلة ولم يقبل إِقراره عليهم ولا على بيت المال. ويحلفون على نفي العلم. فإِذا حلفوا كانت الدية على المقر. قال الإِمام (5) ولم يخرج الأصحاب الوجوب على المقر على الخلاف في أن الجاني يلاقيه الوجوب وتحمله العاقلة، أو يجب على العاقلة ابتداء ولا يبعد عن القياس أن يقال: إِذا لم يلاق (6) الوجوب الجاني لا يلزمه شيء لأنه إِنما أقر عليهم لا على نفسه، فإِذا لم يقبل عليهم

(1) المراد به القواعد المهدة وهي أن لا يؤخذ أحد بجريرة غيره استنادًا لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الأنعام الآية 164 وقوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} النجم آية 39. وغير ذلك.

(2)

نهاية صفحة (أ) من لوحة 130.

(3)

منها ما أخرجه أبو داود وابن ماجه بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل قتلت إِحدهما الأخرى، ولكل واحدة منهما زوج وولد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: دية المقتولة على عاقلة القاتلة" انظر سنن أبي داود كتاب الديات رقم 33 حديث رقم 4575. وسنن ابن ماجه كتاب الديات حديث رقم 2648. باب عقل المرأة على عصبتها. وفي الباب أحاديث أخرى، راجع فيها صحيح البخاري جـ 9 ص 15. باب جنين المرأة، ومسلم في القسامة باب دية الجنين حديث رقم 1681. والنسائي في القسامة باب دية جنين المرأة حديث رقم 4822. والترمذي كتاب الديات، باب في دية الجنين حديث 141.

(4)

المراد به القاضي حسين. انظر روضة الطالبين جـ 9 ص 357. وقواعد العلائي لوحة 130. صفحة (أ).

(5)

انظر قول الإمام هذا في الروضة جـ 9 ص 357. وهو بنصه.

(6)

في النسختين "إذا لم يلاقي"، والأولى ما أثبت لتقدم حرف الجزم على الفعل يلاقي.

ص: 25

وجب أن لا يقبل عليه ويحكي هذا عن المزني (1).

ومنها (2) إِذا غرم الجاني ثم اعترفت العاقلة، فإِن قلنا الوجوب يلاقيه لم يرد إِلى (3) الولي ما قبض، بل يرجع الجاني على العاقلة، وإن قلنا هي على العاقلة ابتداء فيرد الولي ما أخذ ويبدئ بمطالبة العاقلة.

ومنها أن اليمين المردودة هل هي كالإِقرار أو كالبينة إِذا ادعي (4) عليه الولي قتل خطأ، أو شبه عمد ولا بينه ونكل المدعي عليه وحلف، فإِن قلنا اليمين المردودة كالإِقرار فالدية على المدعي عليه، وإن قلنا كالبينة فهل هي عليه أو على العاقلة؟. وجهان، لأنهما وإن جعلت كالبينة فذاك بالنسبة إِلى المتداعيين دون غيرهما. والله أعلم.

* * *

(1) انظر قول المزني هنا في الروضة جـ 9 ص 357.

(2)

انظر هذا الفرع بنصه في روضة الطالبين جـ 9 ص 358. وانظر كذلك في قواعد العلائي لوحة 130.

(3)

هكذا النص في النسختين بزيادة "إِلى" والأولى حذفها لأن في بقائها تغييرًا للمعنى وانظر النص بذاته في المصادر السابقة. إذ المقصود: لم يرد ولي المجني عليه ما قبض من الجاني.

(4)

انظر هذا الفرع بنصه في روضة الطالبين جـ 9 ص 358. وكذا قواعد العلائي لوحة 130.

ص: 26