الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقلت أنا فيه أيضاً:
تشرط من أحب فذبت خوفاً
…
وقال وقد رأى جزعي عليه
عقيق دم جرى فأصاب خدي
…
وشبه الشيء منجذب إليه
وأخبرني شيخنا الذهبي قال: قرأت على الشيخ بهاء الدين رحمه الله جزأين.
قلت: وغالب روايات الشيخ أثير الدين كتب الأدب عنه - أعني الشيخ بهاء الدين رحمه الله تعالى -.
محمد بن إبراهيم بن علي
ابن أحمد بن فضل الشيخ الموفق ابن الشيخ القدوة تقي الدين.
كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. وكان كثير التلاوة، قليل الاجتماع بالناس، لا يعرف له صاحب ولا عشير، وسمع كثيراً من الحديث على المشايخ الذين أدركهم بالصالحية.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في خامس شهر المحرم سنة سبع مئة، ودفن عند والده.
محمد بن إبراهيم بن يحيى
ابن علي الأنصاري المروي الأصل، المصري المولد، جمال الدين الكتبي المعروف بالوطواط.
كان من كبار الأدباء، وأعيان الألباء، ألف وجمع، وصنف فأبرق ولمع. وكان نثره جيدا، وطبعه عن النظم متحيدا، لم يقدر ينظم البيت الواحد، ولو لحده اللاحد، وينثر جيداً ما شاء، ويتقن في هذا الفن الإنشاء.
وكانت له معرفة بالكتب وقيمتها، ودربة بوجودها وعدمها، وله فهم وذوق ومعرفة، وفضل يد له في مجاميعه على ما يريد أن يورده أو يصرفه، تدل تواليفه على ذلك، وتشهد له بحسن السلوك في تلك المسالك، وكان يرتزق بالوراقه، ويجمع في أثنائه ما راقه.
ولم يزل على ذلك إلى أن بلغت حياته غايتها، وتناولت وفاته رايتها.
وتوفي - رحمه الله تعالى -...... وسبع مئة.
ومولده بمصر سنة اثنتين وثلاثين وست مئة.
أخبرني شيخنا العلامة أثير الدين، قال: كان له معرفة بالكتب وقيمتها، وله نثر حسن، ومجاميع أدبية. وكان بينه وبين ابن الخويي قاضي القضاة مودة، لما كان بالمحلة، فلما تولى قضاء الديار المصرية، توهم جمال الدين أنه يحسن إليه، ويبره، وسأله فلم يجبه إلى شيء من مقصوده، فاستفتى عليه فضلاء الديار المصرية، فكتبوا له على فتياه بأجوبة مختلفة، وصير ذلك كتاباً، وقد راحت به نسخة إلى بلاد
المغرب. وكان قد سألني على أن أجيب على ذلك، فامتنعت لأن الإجابة اقتضت ذم المستفتى عليه، وكذلك أجاب جميع من كتب عليها. انتهى.
قلت: أما هذه الفتيا فقد رأيتها، ونقلتها بخطي، وهي في الجزء الثاني عشر من " التذكرة " التي لي، وقد سماها " فتوى الفتوة ومرآة المروة ". وكتب له الشيخ بهاء الدين بن النحاس وناصر الدين حسن بن النقيب، ومحيي الدين بن عبد الظاهر كتب له جوابين أحدهما له والآخر عليه، وشرف الدين بن فضل الله والسراج الوراق، وناصر الدين شافع، وشرف الدين القدسي، وشرف الدين بن قاضي إخميم، ومكين الدين الجزري كتب له جوابين، والنصير الحمامي وكمال الدين بن القليوبي، وعلم الدين بن بنت العراقي، وشمس الدين الخطيب الجزري، وعلم الدين القمني، وبدر الدين الحلبيالموقع، وعماد الدين بن العفيف الكاتب، وشمس الدين بن مهنا، بدر الدين المنبجي، وأمين الدين بن الفارغ، وشمس الدين بن دانيال، والفقيه شعيب، وناصر الدين بن الإسكاف، ونور الدين المكي، وآخر لم يذكر اسمه لأنه عاهده على ذلك.
ومن تصانيف جمال الدين المذكور كتاب " مناهج الفكر، ومناهج العبر " أربع
مجلدات، تعب عليه، وجوده، وما قصر فيه، وكتاب " الدرر والغرر والدرر والعرر ".
وملكت بخطه تاريخ " الكامل " لابن الأثير، قد ناقش المصنف في حواشيه، وغلطه، وواخذه.
وفي جمال الدين هذا يقول شمس الدين بن دانيال وقد حصل للوطواط رمد:
ولم أقطع الوطواط بخلاً بكحله
…
ولا أنا من يعييه يوماً تردد
ولكنه ينبو عن الشمس طرفه
…
وكيف به لي قدرة وهو أرقد
وأنشدني إجازة له ناصر الدين بن شافع:
كم على درهم يلوح حراماً
…
يا لئيم الطباع سراً تواطي
دائماً في الظلام تمشي مع النا
…
س، وهذي عوائد الوطواط
وأنشدني له أيضاً:
قالوا: ترى الوطواط في شدة
…
من تعب الكد وفي ويل
فقلت: هذا دأبه دائماً
…
يسعى من الليل إلى الليل
وكان المسكين جمال الدين لا يزال الواقع بينه وبين القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، فكتب تقليداً على سبيل المداعبة لشخص يعرف بابن غراب يعرض
فيه بالوطواط، وهو:" إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم " إلى كل ذي جناح، وكل اجتراء من الطير واجتراح، وإلى كل ذي صيال منهم، وكل ذي صياح، وإلى كل ذي عفاف منهم، وكل ذي جماح.
أما بعد:
فإنه لما علمنا من الله كلام الطير وفهمناه من منطقه، وألزمناه من عهده وموثقه، فقال:" وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " ترى أن من برز لعجز من أولي المخالب وذوي المناسر، صار على ذي مسالمه، وإن غدا بعضها لبعض طعماً، ولا يتجاوز أحد منها مقامه المحمود في المكارمه، وإن اتفقت الأجناس واختلفت الأسماء للوضيع والأسمى، وأن يشكر للورق حسن شجعها وعفاف طبعها، مساعدتها للخلي بغنائها في دوحها، وللحزين بترجيع ندبها ونوحها، ولأنها متجملة بتخضيب الكف وتطويق الأعناق، ومتحملة من القدود إلى الغصون رسائل العشاق بالأشواق، حتى وسمت بأنها على تعانق القضب رقبا، وسمت حتى أصبحت على منابر الأشجار خطبا. ويؤثر أن يحمل لذوات الاصطياد من الجوارح تحصيل ما تقتات به النفوس، وتمتار منه الجوارح لأنها شرفت بنفوسها حتى علت على أيدي الملوك، وقيل لابنها: لله أبوك، وأن يصف بحسن اعتذاره في جيئته وذهابه، وأن ينثني على حسن خطبته وجميل خطابه، إلى غير ذلك من قطا لو ترك لهدأ ونام، وإلى بلابله الملوك من
الحمام، وإلى غرانيق تهرب الثعابين من أصواتها، وإلى سباطر ترتج الأرض بأكلها لحياتها، وإلى لغالغ تنطق، وكأنما ألبست ملابس أهل الجنان من السندس والاستبرق، وإلى ما ينجلي من طواويس كأنما استعار منها قوس قزح أثواباً دبجتها الشمس بشعاعها، وأهلتها الأهلة لإيداع إبداعها، وإلى ديكة مباركه، يؤذن آذانها بمرور ملك من الملائكة، وإلى نسر عظيم التأمير، وإلى نعام كاد يطير.
وإنا فكرنا في بعض ذوات الأجنحة خبيث حقير السمات، أسود الوجه والقفا والصفات، لا يألف إلا قبور الأموات، ولا يسعى إلا في الظلم والظلمات، ذو أذن ناتئة وما هذه الصفة من صفات الطيور، وإنه يولد والطير لا يعرف منها إلا أنها تحضن بيضها في أعشاشها والوكور، وإنه لا يقع في الشباك ولا في الفخوخ، وإنه يمني كما يمني الرجل وليس من الأنس، وإن كان شيطاناً فإنه شيطان ممسوخ، ولا يسمع منه هديل ولا هدير، ولا يصير مسرور حيث يصير، يغدو على الروضات متلصصا، ويغدو للثمار منقصا، مشؤوم الطلعه، مذموم النجعه، مرجوم البقعه سيئ الجوار قبيح الآثار، مؤذن بخراب الديار، أسود من قار، وأفسد من فار، لا يحسن به الانبساط، ولا يمكن معه الاحتياط، أخس مخلوقات الله تعالى، وهو المسمى بالوطواط. كم ضري وكم ضر، وكم ساء وما سر، وما أبرأ قط ولا أبر، ولا هو حيوان من بحر ينتفع به ولا من بر.
وهذا كتابنا إلى كل ذي بسط وقبض، وإلى كل ذي انتهاس وانتهاش وعض، وكل رب مقبرة مظلمه، وكل ذي موحشة معتمه، وكل من إليه توغل الأعماق المقتمه، يتضمن إهلاك هذا الحيوان الخبيث وتطهير الأمكنة من رجسه، وسد المنافس
على الكريهين من نفسه ونفسه، وأن لا ترعى له حرمه، ولا يرقب فيه إل ولا ذمه، بحكم أنه ليس من الطير ولا من الوحش، ولا ذو قوة ولا بطش، ولا فيما ينتفع به صائل ولا صائد ولا آكل، ولا هو معين ذي فرج ولا ثاكل، وإن ضرره للأحياء والأموات فاش. ولأنه إذا دعي بأحب الأسماء إليه قبل له: خفاش، لا يكرع في نهر النهار، ولا يحوم مع ذوات الجناح في مطار، وأكره شيء إليه الأنواء والأنوار، ولا يوصف بأنه الشهم، ولا هو ذو ريش ينتفع به بإراشة السهم، لا تحد له الصفائح، ولا يعد في جملة الذبائح، ولا ريح له في الشواء، ولا ريح له في الشرائح.
ورسمنا أن يفوض أمره وحسبة الطير للإمام شرف الدين بن غراب، فليتق الله في كل ذات طوق وغير طوق، وليراقبه مراقبة أبيه إذا قنع من إيمانه بما اقتنع به صلى الله عليه وسلم من السوداء بأن قال لها: أين الله؟، فقالت: في السماء. وأبوه، فلا يزال يقول: الله فوق، وليحتسب على هذا الخبيث المشوه، وهذا الخسيس المنوه، فقد فوضنا ذلك إليه إذ هو كأبيه منطق مفوه، وليترك في أمره النعيق والنعيب، وليعلن بلغته إعلاماً فصيحاً يستوي فيه البعيد والقريب، ويتجاوز فيه في ذلك كل سمي بهذا الاسم المشؤوم، إذ لكل امرئ من نعته نصيب، وليقرأ هذا المرسوم على رؤوس الأشهاد وعند الآبار المعطلة والبراني والخراب واليباب، ويزيل من الترب المظلمة والقباب عند كل باب، والخاتم الشريف السليماني أعلاه حجة بمقتضاه إن شاء الله تعالى.