الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتفض سلاماً يتردد إليه تردد أمواج البحر في انحداره وصعوده، وتبث ثناء لا يزال بين خفق ألويته وبنوده، وتبدي إلى العلم الكريم أنه ورد ركابنا الشريف إلى محل ملكه، ومجرة فلكه، ومجرى فلكه، فوجدنا النيل المبارك قد جعل الأرض لجه، وأرخى نقاب تياره على وجه كل محجه، وارتفع إلى أن جعل على هضبات السحاب مقره، وزاد إلى أن كاد يمازج نهر المجره، وبعث سرايا مقدماته، فتحصنت في كل فج وفجوه، وانعطف حول أزرار الأهرام كالعروه، وشرب دم المحل فهو من تحت حباب القلوع كالقهوه، واتصف بصفات الأولياء، فبينا هو في أقصى الجنوب إذا هو في أقصى الشمال، والأرض للرجل الصالح خطوه، وأصبح في طلب تخليقه مجدا، وأعد للجدب من تياره سابغة وعداء علندى، ومرق كالسهم في خليجه من قسي قناطره، وخنق المحل بعبراته في محاجره، وبشر أن آلاف الأموال أضعاف ما فيه من الأمواج، وخبرت رقاعه أنه لم يبق فيها محتال ولا محتاج، فأكمل الستة عشرة ذراعاً.
وكتبت إليه أجوبة كثيرة عن الأمير سيف الدين تنكز، منها ما هو جواب على مشمش كافوري أهداه في باكورة السنة، ومنها ما هو عن رخام ملون أهداه وغير ذلك، وهي في الجزء الثامن عشر من " التذكرة " التي لي.
محمد بن إسماعيل بن أسعد
وقيل: ابن أحمد بن علي بن منصور بن محمد بن الحسين الشيباني، الأمير
شمس الدين بن الصاحب شرف الدين الآمدي، المعروف بابن التيتي، بتاء ثالثة الحروف مكسورة، وبعدها ياء آخر الحروف، وتاء ثانية وياء النسب.
كان وزيراً بماردين، وحضر أخيراً في الرسلية من الملك أحمد صحبة الشيخ عبد الرحمن الكواشي، ومات من أرسله وحبس رسله، ومات الشيخ عبد الرحمن، على ما ذكرته في ترجمته في " تاريخي الكبير "، وطلب شمس الدين هذا إلى مصر، وأعطي إقطاعات الحلقة، وترقى إلى أن صار نائب دار العدل في أيام السلطان حسام الدين لاجين.
وجفل به فرس فوقع، فمات - رحمه الله تعالى - في ثامن جمادى الآخرة سنة أربع وسبع مئة بمصر.
روى عن الشيخ بهاء الدين بن بنت الجميزي، وأبي الحسن بن المقبر، وجماعة.
وكانت له مشاركة في نحو ولغة. وروى عنه شيخنا الحافظ أبو الفتح، والشيخ قطب الدين عبد الكريم، وغيرهما.
ومن شعره:
إذا ما الدهر مال عليك يوماً
…
وصال بصرفه وسطا وجارا
فثق بالله معتمداً عليه
…
يكن لك من صروف الدهر جارا
وإن دارت دوائر ببغي
…
عليك وعنك بالإقبال دارا
وشط بك المزار فلا مزار
…
وباعد عنك أحباباً ودارا
فلا تجزع ودار وكن صبوراً
…
فمن يرجو نجاةً منه دارى