الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو دمع مسفوح من صب دمه في الحب مسفوك، قد رق وراق وراع، وأمال الأعطاف وشنف الأسماع، وتألق في دياجي سطوره برق معناه اللماع. كم قد تلعبت فيه بضروب الفنون، وخضت من أنواع العلوم في شجون، أخملت أرج الخمائل من الأرجاني، وأهنت ما عز من أبكار ابن هاني:
وأخذت أطراف الكلام فلم تدع
…
قولاً يقال ولا بديعاً يدعى
فكذا فليكن كلام الأفاضل، وكذا فليكن من يناصر أو يناضل. لقد تفضل مولانا بأوصاف هو أحق بها ممن وصفه، وأولى بأن يجعل إليه مرجعه ومصرفه، ومن تمام الإحسان العميم والبر الجسيم، قبول ما جهزه المملوك صحبة محكم القاضي ضياء الدين فإنه نزر، وما يقابل من هذا مده بهذا الجزر، والله تعالى يمتع الزمان وأهله بهذه الكلمات، ويمد بعونه في الحركات والسكنات، إن شاء الله تعالى.
محمد بن عبد الرحمن
الصدر الرئيس الكبير، القاضي شرف الدين ابن القاضي الكبير ابن العدل أمين الدين سالم ابن الحافظ بهاء الدين أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي الدمشقي.
سمع كثيراً من الحديث. وسمع رضيعاً بقراءة شيخنا البرزالي على والديه وجدته
وخاله، ثم سمع على الشيخ فخر الدين بن البخاري " مشيخة " بكمالها. وكان صدراً يملأ العين والصدر، ويجعل لمحاسنه البدر، يستحيي الغمام من جوده، ويهب كل ما هو في موجوده، ساد على الدماشقة، بكثرة المكارم، وعلم الناس السماح حتى الغمائم:
ولهذا أثنت عليه الليالي
…
ومشت دون سعيه الأيام
ولم يزل في المعالي يترقى ويحاذر الملام ويتوقى إلى أن فاضت نفسه وهو محرم يلبي، وختم الله له بخير فهو يخبأ له عمله ويربي.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سابع ذي الحجة سنة سبع عشرة وسبع مئة، وعمره خمسة وثلاثون سنة، ودفن ضحوة يوم التروية بمقبرة الحجون على باب مكة.
وكان له همة وعزمة ومعرفة وكفاية. باشر بدمشق نظر الأشراف، ونظر الجامع الأموي، ولبس خلعة بصحابة الديوان في سادس عشر المحرم سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، ولبس الصاحب غبريال أيضاً لنظر الدواوين، وكان هو قد وصل من حماة إلى دمشق في شهر رمضان سنة ثمان وسبع مئة، وكان لها ناظراً لما أقطعت حماة للأمير سيف الدين قبجق، وولي عوضه بهاء الدين عبد الصمد بن المغيزل وباشر نظر الجامع الأموي في ذي القعدة من السنة المذكورة.
ومن مكارمه ما حكاه لي عنه القاضي الرئيس ضياء الدين أبو بكر بن خطيب بيت الآبار بالقاهرة، قال: كنا عنده ليلة وقد أحضر حلوى ليجهزها لبعض أصحابه الذين يقدمون من الحجاز، قال: فأكلناها بمجموعها، ثم إنه أحضر عوضها مرة