الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة سنة عشر وسبع مئة، ودفن بالقرافة، وتجرع أبوه غصته. وما أمكنه أن يشرح قصته.
كان الأمير علاء الدين بن الجوكندار طبجي الشام يجيء إلى صفد كل قليل ويلعب هو وناصر الدين فيرى الناس منهما أمراً عجيباً.
محمد بن بكتوت
ناصر الدين بن بدر الدين، الكاتب المجود، المعروف بالقرندلي، لأنه لبس زيهم في حلب.
كان قادراً على الكتابة. وله فيها رأي، لا تفارقه الإصابة. كتب الأقلام السبعة، وكاد فيها يسمو على الثريا رفعة. يدعي أنه كتب على ابن الوحيد، وما قوله في ذلك بسديد، وإنما كتب في بعلبك على خطيبها، وفاز من طريقة ابن الوحيد بلذاتها وطيبها، ونسخ من المصاحف الكريمة والمجلدات كثيراً. وعلى الجملة فكان على الكتابة قديرا.
ولم يزل يكتب إلى أن محي اسمه من المحيا، ونزل إلى قرار اللحد بعد العليا.
وتوفي رحمه الله تعالى بطرابلس سنة خمس وثلاثين وسبع مئة، في يوم الاثنين خامس عشر شهر ربيع الأول.
حكي له أنه لبس زي القرندلية بحلب ودخل بينهم وهو ينسخ فقالوا: ما هذا؟
ما هو طريقنا. قال: فقلت لهم: أنتم تعلمون هذه القلائد الصوف، فقال له من بينهم واحد: أريد أن أنزل أنا وأنت في هذه البركة بالبلاس، فقال: فنزلت معه في يوم بارد في مثل حلب، فبقينا نغطس إلى أن عجز هو وطلع، فلما أعياهم قالوا له: فينا واحد يكاثرك في أكل الحشيش، فقلت: أحضروه قال: فأحضروه وجعلوا يلقموننا وأنا وهو نأكل إلى أن نزل الدم من منخريه، وأظنه قال: مات، فعند ذلك أخرجوه من بينهم.
وكان الذي أغواه في الكتابة القاضي جمال الدين بن ريان - رحمه الله تعالى - فإنه رأى خط يده القابلة فلازمه، وجعل ينسخ له المجلدات، فنسخ له " الكشاف " وغيره، ورتب له الدراهم والطعام، وألزمه بالكتابة فأجاد، وكتب أولاده وغيرهم في حلب.
وحكى لي جماعة عنه أنه كان يضع المحبرة في يده الشمال والمجلد من الكشاف على ونده ويكتب منه وهو يغني ما شاء اللهولا يغلط، وكان قليل اللحن فيما يكتبه، وأما أنا فرأيته غير مرة يكتب ويغني ولا يغلط.
وكان قد أقام أولاً بحماة عند الملك المؤيد صاحبها ينسخ له، فأحب امرأة تعرف ببنت النصرانية، فكان كل ما يحصله ينفقه عليها، ويشتغل بها عن الكتابة، فشق أمره على الملك المؤيد، فنفاها إلى شيزر، فحكى لي أنه كان يكتب في حماة إلى المغرب، ويجري من حماة إلى شيزر، ويبيت عندها، ويقوم من آذان الفجر ويجري إلى حماة ويكتب، وأقام على ذلك سنة وكانت قد تعنتت عليه يوماً وقالت له: إن كنت تحبني فاكو لي في رأس صليباً. ورأيت أنا كي الصليب في يافوخه، وكتبت