الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرى، فأكلناها بمجموعها، ثم إنه أحضر الثالثة، وأنا في شك هل قال: فأكلناها، وأحضر الرابعة أو لا، وأهل دمشق يحكون عن كرمه غرائب - رحمه الله تعالى -.
وكان قد تولى صحابة الديوان بدمشق في سادس عشر المحرم سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، وخلع عليه وعلى الصاحب شمس الدين غبريال.
محمد بن عبد الرحيم بن الطيب القيسي
الأندلسي الضرير العلامة الضرير المقرئ أبو القاسم.
تلا بالسبع على جماعة، وسكن سبتة، أراده الأمير العزفي أن يقرأ في شهر رمضان " السيرة " فبقي يدرس في كل يوم ميعاداً ويورده، فحفظها في شهر رمضان. وكان طيب الصوت صاحب فنون، يروي عن أبي عبد الله الأزدي، وأخذ عنه أئمة.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في رمضان سنة إحدى وسبع مئة.
ومولده سنة ثلاثين وست مئة أو نحوها.
محمد بن عبد الرحيم بن محمد الأرموي
الشيخ الإمام العلامة المحقق صفي الدين أبو عبد الله الشافعي الأشعري المعروف بالهندي.
كان قيماً لفن الكلام، عارفاً بغوامضه التي خفيت عن السيف والإمام، لو رآه ابن فورك لانفرك، أو الباقلاني لقلا معرفته، ووقع معه في الدرك، أو أمام الحرمين لتأخر عن مقامه، أو الغزالي لما نسج " المستصفى " إلا على منواله ولا رصفه إلا على نظامه، أو ابن الحاجب لحمل العصا أمامه، وجعله دون الناس إمامه. مع سلامة باطن تنعته يوم حشره، وديانة طواها الحافظان له إلى يوم نشره، ومودة لا تنسى عهودها، ولا تجفو على كبره مهودها، وانعطاف على الفقراء وحنو، وبراءة من الكبرياء والعتو. أقرأ الكبار وأفادهم، وأفاض عليهم فضلة فضله وزادهم.
ولم يزل على حاله إلى أن تكدر للصفي مورد حياته، وناداه الموت بإغفال شياته، فبات الدين وقد ثلم هنديه، وثل عرش الأصول بل هد نديه.
وتوفي - رحمه الله تعالى - ليلة الثلاثاء تاسع عشري صفر سنة خمس عشرة وسبع مئة بمنزله بالمدرسة الظاهرية بدمشق، ودفن في مقابر الصوفية.
ومولده في ليلة الجمعة ثالث شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وست مئة بالهند.
وكان له جد لأمه فاضل من أهل العلم هو شيخه، قرأ عليه ومات سنة ستين وست مئة، وخرج من دهلي البلد المشهور بالهند في شهر رجب سنة سبع وستين وست مئة، ودخل اليمن، وأقام بمكة نحواً من ثلاثة أشهر، واجتمع بابن سبعين.
ولما كان باليمن أكرمه المظفر وأعطاه أربع مئة دينار. ثم إنه ركب البحر،
ودخل الديار المصرية في سنة سبعين، وخرج منها، ودخل البلاد الرومية وأقام بها إحدى عشرة سنة، منها خمسة بقونية، وخمسة بسيواس، وسنة بقيصرية. ودرس بقونية وسيواس، واجتمع بالقاضي سراج الدين الأرموي وأكرمه وأخذ عنه المعقول.
وخرج من الروم سنة خمس وثمانين وست مئة، وقدم دمشق وأقام بها واستوطنها وعقد حلقة الإشغال بالجامع الأموي وقرأ عليه الأعيان وفضلاء الناس، ودرس في دمشق بالروحانية والدولعية والأتابكية والظاهرية. وكان مقصوداً بالاستفتاء، ويكتب كثيراً في الفتاوى. وكان فيه خير وديانة وبر للفقراء يفطر في شهر رمضان عشرة من الفقراء الضعفاء.
وصنف في أصول الدين كتاب " الفائق "، وكان يقوم في الليل فيتوضأ ويلبس أفخر ثيابه، وعلى ما قيل حتى الخف والمهماز، ويصلي ورده في جوف الليل، وكان يحفظ ربع القرآن لا غير. قيل عنه إنه قرأ يوماً في الدرس:" المص "، مصدر يمص مصاً، ولم ينطق بها حروفاً مقطعة كما هو لفظ التلاوة.
وممن تخرج عليه الشيخ صدر الدين بن الوكيل وغيره، وأظن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني أيضاً، وكان في بعض مدارسه ناظر لا ينصفه، فقال: هذه المدرسة يعمل فيها بآيتين من كتاب الله تعالى، المدرس:" ليس لك من الأمر شيء "، والناظر:" لا يسأل عما يفعل ".
ولما عقد بعض المجالس للعلامة تقي الدين بن تيمية عين صفي الدين الهندي
لمناظرته، فلما وقع الكلام قال لابن تيمية: أنت مثل العصفور تنط من هنا إلى هناك. وقيل: إن الشيخ تقي الدين ذكر ما هو المشهور في سبب تسمية المعتزلة بهذا الاسم، وهو أن واصل بن عطاء لما اعتزل حلقة الحسن البصري سمي بذلك معتزلاً، فيقال إن الشيخ صفي الدين قال: لا نسلم. فقال الحاضرون: ما يقال في نقل التاريخ لا نسلم، وكان ذلك سبب نصرة ابن تيمية. ومنها أن قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى قال لابن تيمية: هذا الكلام الذي يثلج الصدر. فقال له الشيخ كمال الدين بن الزملكاني: والله تسخر وجه الشافعية بتلك الحاجة لما كنت أنت حاكمهم، فقال لابن صصرى: لي يقال هذا الكلام؟ اشهدوا علي أني عزلت نفسي من القضاء، فانفصل المجلس على غضب ابن صصرى.
قلت: وما أنصف تقي الدين الهندي في قوله، لعله كان عنده سبب آخر لتسمية المعتزلة غير ذلك، إذ هو ممكن.
وما رأيت أضعف ولا أوحش من خطه ومن خط الشيخ شمس الدين بن الأكفاني، وقد تقدم ذكره. وقيل إنه أجري بين يديه ذكر خطه، فقال له بعض الطلبة: والله يا سيدي ما رأينا أوحش من خطك. فقال: والله البارحة رأيت كراساً أوحش من خطي. فقالوا له: هذا يمكن. فقام وأتى بالكراسة فإذا بها أوحش من خطه، واعترفوا بذلك، ثم إن ذلك الطالب تتبع الكلام إلى آخره فوجد آخره: وكتب محمد بن عبد الرحيم الأرموي. فقالوا: هذه بخطك، فأعجبه ذلك، وضحك.