الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأخبار، وأسمع الأحاديث والأخبار، يرتزق من الخياطة، ومما يفتح عليه ممن يأتي رباطه. يؤثر من جمع ما يملك ويؤثر، ويصبر ولا يمنن بذاك ولا يستكثر. وكان قد تفقه قليلاً، واعتزل طويلاً.
ولم يزل على حاله إلى أن التحق بالرحمن، وأدرج في الأكفان.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سنة إحدى وأربعين وسبع مئة، وشيعه خلق كثير، وموته في ثالث عشر شهر ربيع الأول من السنة المذكورة.
ومولده سنة إحدى وخمسين وست مئة.
خرج له شيخنا الذهبي مشيخةً في جزء ضخم.
وسمع منه خلق كثير، وطال عمره، وحدث أكثر من أربعين سنة، وصحب الأخبار، ورافق الإمام شمس الدين بن مسلم، والشيخ علي بن نفيس.
وكان الأمير سيف الدين يكرمه ويزوره، ويذهب هو إليه، ويشفع عنده.
ومتع بحواسه، وأبطأ شيبه، وروى عن المؤتمن بن قميرة.
وأجاز لي بخطه في سنى تسع وعشرين وسبع مئة بدمشق.
محمد بن أحمد بن عبد الهادي
ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة، الشيخ الإمام الفاضل المفنن الذكي النحرير شمس الدين الحنبلي.
سمع القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة، وأبا بكر بن عبد الدايم، وعيسى المطعم، وأحمد الحجار. وأكثر عن محمد بن الزراد وسعد الدين بن سعد، وعدة. وتقفه بالقاضي شمس الدين بن مسلم، وتردد كثيراً إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية. وأخذ العربية عن أبي العباس الأندرشي، وعلق على " التسهيل "، مجلدين تأذى بذلك منه أبو العباس الأندرشي، وأخذ بعض القراءات تفقهاً عن ابن بصخان.
وحفظ كتباً منها " أرجوزة " الخوبي في علم الحديث و" الشاطبية " و" الرائية " و" المقنع " و" مختصر ابن الحاجب ". وعلق على أحاديثه وعمل تراجم الحفاظ، وعمل " كتاب الأحكام " ولم يكمل. قيل لي بأنه مجلدات. وله غير ذلك.
كان ذهنه صافياً. وفكره بالمعضلات وافياً، جيد المباحث، أطرب في نقله من المثاني والمثالث. صحيح الانتقاد، مليح الأخذ والإيراد، قد أتقن العربيه، وغاص في لجتها على فوائدها ونكتها الأدبية، وتبحر في معرفة أسماء الرجال، وضيق على المزي فيها المجال.
نزل أخيراً عما بيده من المدارس، وعدها من الأطلال الدوارس ليكون مفرغاً للإشغال، ويترك ما هو دون ويأخذ ما هو غال، ولو عمر لكان عجباً في علومه، ونقطه البدر طرباً منه بنجومه، ولكن اجتث يانعا، ولم يجد له من الحمام مانعا.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في العشر الأول من جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبع مئة.