الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توفي - رحمه الله تعالى - سادس عشرة صفر سنة ثلاثين وسبع مئة.
قرابغا، الأمير سيف الدين
قرابغا دوادار الأمير سيف الدين أرغون شاه.
لم نر ولم نسمع بداودار كانت له منزلة هذا عند أستاذه، على أنه كان قد قاسى منه شدائد في أول أمره ثم سخره - الله تعالى - له أخيراً.
كان لا يخالفه فيما يراه، ولا يخفي عنه ما ألم به في باطنه أو اعتراه. وكانت آراؤه عليه مباركه، وليس له فيها مع أحد مشاركه، قد تحقق نصحه ومحبته، وتيقن خبرته بحاله ودربته، فقوله عنده، قول حذام وأمره على كل حال لزام، وثور نعمه طائله، وسعادة هائله، في مدة يسيرة جداً، ووقت كأنه زمن الورد إذا رد وتردى. هذا مع أنه كان لا يعرف باللسان العربي كلمة واحدة، ولا درى ما اللفظة الفائتة من الفائدة.
ولكن اختطف من وسط هذه السعاده، واقتطف من روض هذه السياده، وخلت منه الديار، وشط منه المزار.
وتوفي - رحمه الله تعالى - يوم الاثنين حادي عشري شوال سنة تسع وأربعين وسبع مئة. ودفن في تربة زوجه كسباي عند دار الأمير شمس الدين حمزة التركماني بالقبيبات.
أخبرني القاضي ناصر الدين كاتب السر بالشام، قال: لم أدخل على هذا أرغون شاه قط فرأيته جالساً قدامه، بل إلى جانبه، ولا رأيته يتحدث هو وأستاذه، وعنده مملوك آخر، انتهى.
وكان يرجع إلى قوله ومهما أشار به فهو الذي يكون والعمل عليه، ولم يكن مشترى ماله بل السلطان الملك الناصر وهبه له على عادة إنعاماته، وزوجه بجاريته كسباي، وهي أعز جواريه، وأحظاهن عنده.
وكان بعد ذلك لا يصبر أستاذها عنها، ولما خرج معه إلى صفد، أعطي إمرة عشرة، ولما توجه إلى مصر وأعطي نيابة حلب أعطي قرابغا إمرة طبلخاناه.
ولما حضر إلى دمشق أعطاه أستاذه من عنده زيادة على إقطاع الطبلخاناه قرية بيت جن، وهي تعمل مئة ألف درهم، وأعطاه في كل سنة مئتي ألف درهم، غير الذي ينعم به على الدوام والاستمرار من الخيل والذهب والقماش.
مرضت زوجه كسباي المذكورة في أيام الطاعون وبصقت دماً وماتت في اليوم الثالث، ودفنت في تربة أنشأها لها في جمعة، فدفنت في يوم الخميس سادس عشر شوال سنة تسع وأربعين وسبع مئة.
ثم إنه مات ابنها ودايته بعدها بيومين. ثم إنه هو بصق دماً، ومات يوم الاثنين في التاريخ، فلحقهما بعد خمسة أيام وحمل من دار حمزة إلى باب النصير، وخرج أستاذه وصلى عليه مع الأمراء والقضاة، والناس ولم يتبعه أستاذه - رحمهما الله تعالى -.