الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن علي بن عبد الواحد
ابن يحيى بن عبد الرحيم، الشيخ الإمام العالم الفاضل المفسر المحدث شمس الدين أبو أمامة الدكالي، بالدال المهملة المضمومة وكاف بعدها ألف ولام وياء النسبة، ودكال: قلعة بالمغرب، المعروف بابن النقاش.
كان شكلاً حسنا، راق سناء وسنا، حلو الصورة والشكالة، يريح بمحاضرته ألم من شكا له، يستحضر من التفسير كثيراً، ويحل من غرائبه محلاً أثيراً. وكانت طريقه في التفسير غريبة، يأتي فيها بكل عجيبة، ما رأيت له في ذلك نظيراً، ولا توهمت أن غيره من أبناء جنسه يكون على ما يأتي به قديرا. حصل من الدنيا جانبا، وأكب على السعي فيها فما كل اجتهاده ولا نبا. وكان يدخل إلى الملك الناصر حسن، وقاده الله إليه بغير رسن، وعمل على شيخه قطب الدين الهرماس، فأبعده عنه حتى كأنه ما خطر بين يديه ولا ماس. وكان يصحب أمراء الدولة، حتى صار له في كل جو جولة. فنال مرامه وتعدى أقرانه، وتجاوز الغاية في علو المكانة.
يكاد من صحة العزيمة ما
…
يفعل قبل الفعال ينفعل
ولم يزل على حاله إلى أن محيت من الحياة سكة ابن النقاش، وتلقاها الدهر بعد البشر بالتقطيب والإيحاش.
وجاء الخبر إلى دمشق بوفاته في القاهرة في أواخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وسبع مئة.
وكنت سألته عن مولده فقال: في نصف شهر رجب سنة عشرين وسبع مئة.
أخبرني أنه قرأ القرآن على الشيخ برهان الدين الرشيدي كاملاً، وقرأ العربية عليه وعلى الشيخ محب الدين أبي عبد الله بن الصائع الأندلسي، وعلى العلامة أثير الدين، قال: وقرأت " ألفية ابن مالك " على ابن معاوية، وسمعت في شرح " التسهيل " وغيره على أثير الدين، قال: وحفظت " الحاوي " في الفقه، وأنا أول من حفظه بالقاهرة، و" منهاج الأصول " للبيضاوي على العلامة قاضي القضاء تقي الدين السبكي وعلى الشيخ شهاب الدين الأنصاري وعلى غيرهما، قال: وعلقت مثلاً على " التسهيل "، وقرأت " العمدة في الأحكام " وألفت " شرحاً " لها يجيء في ثماني مجلدات، قال: وألفت كتاباً سميته " كاشف الغمة عن شافعية الأمة في أحاديث الرافعي " قال: وسميته " توضح الألفية وإلحاقها بالجرجانية "، وكتاب " النظائر وفروق المذهب " و" تفسير آيات وسور ".
وكان قد قدم إلى دمشق، واجتمعت به في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبع مئة، ونزل لما جاء إلى دمشق عند العلامة قاضي القضاء تقي الدين السبكي، وكانت
بينه وبين النائب علاء الدين أمير علي المادريني نائب الشام معرفة من مصر، فأكرمه وأقبل عليه وأحسن رعايته، وتوجه إلى حماة لمعرفة بينه وبين الأمير سيف الدين طازيرق نائب حماة، وقامت له سوق بدمشق، ورزق منها الحظ والحظوة، وعمل مجلساً بالجامع الأموي في التفسير، وتكلم فيها كلاماً كثيراً، واستحضر أحكاماً وأقوالاً ومذاهب ورقائق وتصوفاً بجنان ثابت ولسان فصيح من غير توقف، ووسع فيه المجال، وأبدع فيه الجمال، ولما فرغ منه كتبت أنا إليه:
أتينا المجلس حبر الورى
…
فسر القلوب بما فسرا
وحرك أعطافنا نشوة
…
ولا تسأل عما جرى
فشبهتها بغصون سمت
…
وشبهته بنسيم سرى
وأنشدني من لفظه لنفسه يمدح قاضي القضاة تقي الدين السبكي لما كان بالقاهرة:
طرقت وقد نامت عيون الحسد
…
وتوارت الرقباء غير الغرقد
والعسكر الزنجي رمح سماكه
…
قان وعضب الفجر لم يتجرد
والليل قد نشرت غلائل مسكه
…
لما طوى الإمساء حلة عسجد
وسرى يجر على المجرة ذيله
…
إذ طوقت من شهبها بمقلد
ربعية حلت بأكناف الحشا
…
ودموعها بين النقا والأنجد
غراء يفضح خدها ولحاظها
…
مرأى الغرالة والغزال الأغيد
خلصت إلي ودون ربعي حاجز
…
من سيل أجفاني ونار توقدي
وأتت ولم تضرب لوصل موعدا
…
أحلى المنى ما لم يكن عن موعد
تهفو بمعطفها الشمول كما هفت
…
أيدي الشمائل بالقضيب الأملد
أرجت بقاع الرقمتين وشعبها
…
وتشرفت أعلام ذاك المعهد
شرف المجالس شيخنا علم الفخا
…
ر الأوحدي الألمعي الأمجدي
ياقوت سلك البحر أحكم نظمه
…
فالدر بين مرصع ومنضد
عين السيادة حل منها رتبة
…
كيوان يرصدها بعين الأرمد
وهي طويلة وقد أوردتها في ترجمته في " تاريخي الكبير ".
وكتبت أنا إليه ملغزاً في فيل، وهو:
يا إمام الأنام في كل علم
…
وإليه الورى ترى منتهاه
وهو شمس التحقيق في كل فن
…
وسواه يكون فيه سهاه
أيما اسم تركيبه من ثلاث
…
وهو ذو أربع تعالى الإله
حيوان والقلب منه نبات
…
لم يكن عند جوعه يرعاه
فيك تصحيفه ولكن إذا ما
…
رمت عكساً يكون لي ثلثاه
فأبنه لا زلت في ظل سعد
…
ما تملى طرف بطيب كراه
فكت هو الجواب عن ذلك: