الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن أرغون
ابن الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير سيف الدين أرغون.
كان والده نائب الديار المصرية، وكافل الممالك، وتوجه مع والده لما توجه إلى حلب نائباً، وكان السلطان الملك الناصر محمد قد أمره بالديار المصرية طبلخاناه وأمر معه جماعة منهم الأمير سيف الدين أيتمش نائب الشام والأمير سيف الدين بيدمر البدري نائب حلب وغيرهما، وكان السلطان يحبه ويعظمه ويقربه.
وكان حسن الصورة، بديع الجمال، محاسنه للواصف غير محصورة، أخلاقه لطيفه، وحركاته ظريفة، أظن الشيخ أثير الدين أقرأه العربية، ودربه في النكت الأدبية، وله فيها أبيات نظمها غزلاً، وجودها عملاً، وكان يشكره ويوقره، وللمكارم يوفره:
أفعال من تلد الكرام كريمة
…
وفعال من تلد الأعاجم أعجم
كان يتأسى بأخلاق والده، ويتكسب من طارفه وتالده، وزاد عليها فبلغت بالإجادة، وأتى عليها والفرع فيه ما في الأصل وزيادة.
ولم يزل بحلب على حاله إلى أن كسف الموت شمسه، وأطبق على دره المكنون رمسه.
وتوفي - رحمه الله تعالى - يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة سبع وعشرين وسبع مئة، ودفن يوم السبت في تربة سودي خارج باب المقام.
محمد بن إسحاق بن محمد
ابن نصر بن صقر، شمس الدين الحلبي الحنبلي ناظر أوقاف حلب.
كان قد باشر نظر الأوقاف وبيده جهات، يلبس لبس الفقراء، وهمته همة الأمراء، يمدحه الشعراء ويجيزهم، وينفلهم عن غيرهم في العطاء ويميزهم، وفيه كرم وسماحه، وعلى محياه قبول وصباحه، وهو مقيم بالخانقاه، والعز والجاه، قد أقاما معه وما فارقاه. وحضر إلى دمشق صحبة قراسنقر فما لاقى بها ولا لاقت به، لمن بها من الكتبة، وكان إذ ضاق عطنه بها قال: ما يحملني إلا تلك الخرية.
وعاد إلى حلب وأحمد فيها المنقلب، وأقام بها إلى حلقت على ابن صقر من الموت عقابه الكاسر، ووقع بسياقه منها بين المخالب والمناسر.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في شعبان سنة ست وعشرين وسبع مئة.
ومولده بحلب ثالث عشري جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وست مئة.
كان يذكر أنه سمع من قرابته الضياء، ومن الحافظ يوسف بن خليل.
قال شيخنا البرزالي: وما وجدنا شيئاً من ذلك، وإنما روى عن النجيب عبد اللطيف، سمع منه بالقاهرة مشيخة بن كليب، انتهى.
قلت: وقد رأيته بحلب غير مرة في سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة. وهو شيخ أبيض، أحمر الوجه، نقي الشيب، نظيف الثياب، ورأيت الحلبيين يشكون في شهاداته، وإنما كان فيه كرم وقيام بحقوق الواردين إلى حلب.
وممن امتدحه الشيخ جمال الدين محمد بن نباتة، وأنشدني من لفظه لنفسه:
.......................
والله لولا شمسها المجتبى
لم يلق راجي حلب زبدةً
…
ولم يصادف لبناً طيبا
وأنشدني:
حمى الله شمس المكرمات من الأذى
…
ولا نظرت عيناي يوم مغيبه
لقد أبقت الأيام منه لأهلها
…
بقية صافي المزن غير مشوبه
كأن سجاياه اللطيفة قهوة
…
حباب حمياها بياض مشيبه
وبلغني أنه كان يأخذ القصيدة من شاعرها، ويكتب في قفاها تاريخ إيصالها إليه، ويذكر الجائزة ما هي، ويدعها عنده. فإذا تقدم ذلك الشاعر في الزمان أو صارت له صورة في الدولة، أحضر للناس تلك القصيدة، وقال: هذه أتى بها إلي في الوقت الفلاني، وأجزته عليها بكذا، فعل ذلك بجماعة كبار، وحكي أنه كان تاج الدين بن النصيبي له حجرة شقراء يركبها دائماً. فاتفق أن ركب غيرها في بعض الأيام فرآه شمس الدين بن صقر فقال له: يا تاج الدين أين الشقراء: فقال ابن النصيبي: في استي. فضحك هو ومن سمعه.