الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان من جملة وزراء خربندا، كان جباراً ظالماً، إلا أنه كان عمر ببغداد جامعاً أنفق عليه ألف ألف درهم، رافعوه، فقتله خربندا، وذبح ابناه قبله. صلى ركعتين قبل قتله وودع أهله وثبت للقتل، وخلع فرجيته على قاتله، فباس يده واستعجل منه في حل، ثم إنه أطار رأسه وقتل معه الوزير مبارك شاه، وصاحب الديوان المانشتري، وتاج الدين الآوي كبير الأشراف، والملك ناصر الدين يحيى بن إبراهيم صاحب سنجار، وذلك في سنة إحدى عشرة وسبع مئة.
محمد بن علي بن يحيى بن علي
الشيخ العلامة الغرناطي المالكي المقرئ بالمدينة، أبو محمد.
كان فقيهاً نحوياً مشاركا في عدة فنون، أديباً شاعراً، سمع بالمغرب " الموطأ " من أبي محمد بن هارون، وسمع بالحجاز من جماعة، وشرح " الجمل " في النحو وحدث.
سمع منه شيخنا البرزالي وجماعة، وجاور بمكة والمدينة مدة، وله نظم كثير في المديح النبوي أكثر من ألفي بيت.
وتوفي رحمه الله تعالى بالمدينة في يوم الاثنين سادس صفر سنة خمس عشرة وسبع مئة.
ومولده بأجوار غرناظة سنة إحدى وسبعين وست مئة.
محمد بن علي بن عمر المازني الدهان
شمس الدين الدمشقي الشاعر المشهور.
كان يعرف " مقامات " الحريري، وربما يحفظها، ويدري الموسيقى، ويرى محاسنها ويلحظها، فينظم الشعر الرقيق ويلحنه، ويروجه بذلك على الأسماع ويملأه بهجة ويشجنه. وكان يلعب بالقانون، ويرى أنه يصلح لمنادمة المأمون.
وكان له مكان قد عمره في الربوه، واعتنى به، وجعله بالزخرفة حظوه، يجمع به أحبابه وأترابه وأصحابه، ويأخذ أرباب الملاهي عنه الألحان، ويرون أنهم أشواق إليها من بنت الحان.
ولم يزل على حاله إلى أن دهي الدهان، وأمسى تحت الأرض إلى أن تصير السماء وردة كالدهان.
وتوفي رحمه الله تعالى في خامس شهر رجب يوم السبت سنة إحدى وعشرين وسبع مئة.
أنشدني من لفظه لنفسه القاضي شهاب الدين بن فضل الله قال: كتبت إليه مضمنا:
رأيتك أيها الدهان تبغى
…
مزيدا في التودد بالمساعي
فلو صورت نفسك لم تزدها
…
على ما فيك من كرم الطباع
وذكرت أنا هنا ما نظمته في مليح دهان:
ودهان أقول له ونفسي
…
من الوجد المبرح لم أجدها
ملكت جميع حسن في البرايا
…
فلو صورت نفسك لم تزدها
وكان قد اشترى مملوكاً وأحبه ورباه وهذبه وخرجه، فمات، فحزن عليه حزناً عظيماً، وأسف عليه أسفاً كبيراً، ورثاه بأشعار كثيرة، ولحنها وغنى بها على قانونه، ونقلها المغنون عنه وتداولها الناس مدة مديدة.
وأنشدني من لفظه لنفسه جمال الدين يوسف الشاعر الصوفي في ذلك:
لئن مات يا دهان مملوكك الذي
…
بلغت به في الفسق ما كنت ترتجي
فمثله بالأصباغ وجهاً وقامةً
…
وخصراً وردفاً ثم عاينه واصلج
ومن شعر شمس الدين الدهان مما رثى به مملوكه:
مصيبة فقد أيقظت كل هاجع
…
ووثبة حتف فاجأت بالفواجع
ولوعة حزن فاجأت لاعج الأسى
…
فصدمتها الشنعاء بين الأضالع
ووقعة رزء لم تدع حين هدمت
…
قوى الصبر قلباً وقعها غير واقع
إذا ما دعا داعي التذكر باسمها
…
أجابت حنيناً هاطلات المدامع
لقد ضل من يبغي اجتماعاً وألفةً
…
من الدهر والأيام ذات القوارع
وما الدهر إلا ظالم غير منصف
…
وموجد تفريق لنا غير جامع
وما هذه الأجساد إلا منازل
…
وأرواحنا فيهن غير ودائع
ومنها:
ألا سبيل الله شخص رزئته
…
على غرة والدهر جم الفحائع
فجعت به كالبدر في السن والسنا
…
وكالشمس في إشراقها والمنافع
سريع إلى داعي الجميل مبرأ
…
من العيب عف طرفه في المجامع
جميل المحيا فيه تلمح صادقا
…
رزانة كهل وهو في سن يافع
وهي طويلة تزيد على الخمسين بيتاً.
وقال فيه أيضاً:
سلو طول هذا الليل يخبركم عني
…
بأني لم يغمض لفقدكم جفني
رحلتم بصبري واستمر مريركم
…
وأسلمتم قلبي إلى لوعة الحزن
وعوضتموني عن سروري بالأسى
…
وبالبعد عن قربي وبالخوف عن أمني
وقد كان ظني أن يدوم وصالكم
…
فأخلفت الأيام في وصلكم ظني
ومن شعره فيه ما أنشدنيه عنه الصارم إبراهيم بن عبد الرحمن العواد:
ما سيج الورد في خديك ريحان
…
إلا ووجهك في التحقيق بستان
ولا تعطف منك العطف من صلف
…
إلا وريقك خمر وهو نشوان
لله فتنة ذاك الطرف منك لقد
…
سبى المحبين لحظ منه فتان
لو لم يكن سلب العشاق نومهم
…
ما راح من غير سهد وهو وسنان
قلت: البيت الرابع أخذه من قول مهذب الدين بن القيسراني:
هذا الذي سلب العشاق نومهم
…
أما ترى عينه ملأى من الوسن
وما أحسن ما أتى بهذا تضميناً شيخنا العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود رحمه الله تعالى، أنشدنيه لنفسه إجازة:
قالوا وقد عاينوا عيني ساهرة
…
من الكرى وأطالوا في لومهم
فقلت: عهدي به من يوم فارقني
…
هذا الذي سلب العشاق نومهم
وبه قال: أنشدني له:
عند قلبي منك وجد لا يحد
…
وغرام هزله في القول جد
واشتياق ناره لا تنطفي
…
وله بين شغاف القلب وقد
أيها البدر الذي تيمني
…
منه وجه يشبه البدر وخد
وسباني جوهر من ثغره
…
فوقه من ريقه خمر وشهد
وبه قال: أنشدني له:
دلائل الوجد لا تخفى على الفطن
…
والحب أقصاه ما أفضى إلى الفتن
كم ذا التستر والأشواق تعرب عن
…
سر الهوى بلسان المدمع الهتن
دع التكتم فالكتمان نار جوى
…
بين الجوانح تذكيها يد المحن
وبح فليس بعار أن تبوح فما
…
في ساحة الحي إلا كل ذي شجن
قلت: الرابع أخذه من قول الأول.
لا تخف ما صنعت بك الأشواق
…
واشرح هواك فكلنا عشاق
وبه قال: أنشدني له:
ألا حبذا الوادي وروض البنفسج
…
وطيب شذى من عرفه المتأرج
وأغصان بان في نواحيه ميد
…
وكل قويم القد غير معوج
وأنهار ماء في صفاء ورقة
…
تسيل بها ما بين روض مدبج
فإن جعدته خطرة من نسيمه
…
فيا حسن مرآى مائه المتموج
ومن شعره ملغزاً في الجوز:
ومجلود له جرم
…
بلا جرم ولا ذنب
يعاقب وهو من كرم السجية طيب القلب
وكتب إليه المجير أحمد الخياط، نقلته من خطه:
بات بعيد الدار عن سكنه
…
صب قريب المزار من شجنه
متيم يذرف الدموع دما
…
في الربع بعد الدما على دمنه
لم يبق فيه بلى الرسوم سوى
…
وسم خيال يلوح من بدنه
رام اكتتام الغرام مستتراً
…
بالصبر والصبر ليس من جننه
وكيف يخفي الهوى وعبرته
…
تنقل من سره إلى علنه
رق له الشامتون حين رأوا
…
فرط اكتئاب علاه من حزنه
مد له لا يعي الملام ولا
…
يدخل عذل العذول في أذنه
أقسمت بالبيت ذي الستور وبال
…
حجيج والراقصات من بدنه
ويوم جمع والمشعرين ومن
…
وفى فروض الميقات مع سننه
إن أبا عبد الله نادرة
…
أحسن ما في الزمان من حسنه
ليس يوازى بمن يشاكله
…
في سائر الناس من بني زمنه
لا في نهاه ولا فضائله
…
ولا ذكاه كلا ولا فطنه
غذي لبان الآداب في حكم ال
…
علوم قبل الفصال من لبنه
وفاق في الموسيقا ومعبد في
…
دخوله والغريض في غننه
وفي القريض الجزل الرقيق شأى
…
وفات نجل الحسين مع حسنه
هو الحبيب الذي يداهنني
…
والدهن من فنه ومن فننه
واعدني ذورة وقد علقت
…
ذاتي بحب الوعود في رهنه
فإن يبادر إنجازها عدةً
…
عددتها ما حييت من مننه
وللمحب الداعي إليه هوىً
…
يجذب من ضبعه ومن رسنه
سن له شوقه تباعده
…
فلم يزل جارياً على سننه
وهو مقيم على ودادك ما عا
…
ش إلى أن يلف في كفنه
قلت: قد حذفت منها كثيراً لما فيه من اللحن والزحاف وفساد التركيب.
وكتب شمس الدين الدهان إليه الجواب عن ذلك:
شف المعنى وزاد في شجنه
…
هاتف أيك أوفى على فننه
دعا هديلاً شطت به غربة ال
…
بين فأمسى يبكيه من شجنه
فاهتجن من دائه الدوي عقا
…
بيل غرام له إلى سكنه
أذكره طيب عيشة سلفت
…
وانصرمت بالقيان مع فتنه
فبات يجري دمعاً يشاركه ال
…
غيث إذ الغيث ارفض عن مزنه
واصطلم البين صبره ونفى
…
عن جفنه المستلذ من وسنه
فياله من فتى أخي حرق
…
حافظ عهد المغيب مؤتمنه
ما ترك الحب حين جد به
…
سوى خيال يلوح من بدنه
فقال للاحيه في الغرام دع اللو
…
م ودعه إن كنت لم تعنه
لا تبغ بالعدل أن تقاد فقد
…
مكن كف الغرام من رسنه
وللهوى المستلذ مهجته
…
قد خضعت فانضوت إلي محنه
كما لعبد المجير قد خضعت
…
غر القوافي فاتضعن في قرنه
أي بليغ أعيت بلاغته
…
مسا وفاقت إياس في لسنه
صريح ود من أن يشاب نقي ال
…
عرض صافي الأديم من درنه
كاتبتني محسناً بمحكمة
…
ذات بيان دلت على فطنه
رقت وراقت فراح سامعها
…
يخال سحراً قد صب في أذنه
لم يجر سبقا لمثلها ابن أبي الصل
…
ت بغمدانه ولا عدنه
أربى على جرول بها وشأى
…
حسان وابن الحباب من حسنه
يفديك عبد المجير مضطغن ال
…
ضغنة أمسى يطوي على ضغنه
فاسلم على رغمه تصرف في ال
…
كلام منثوره ومتزنه
ما انعطف البان بالنسيم وما
…
رجعت الساجعات في غصنه
قلت: قوله: " فقل للاحيه في الغرام " البيت قافيته ملحونه، لأنه قال:" إن كنت لم تعنه " لأن النون ساكنة ووقع له قبلها أخرى في بيت حذفته، وهو معذور لأن المجير وقع له مثل ذلك، وحذفته، فقلده الدهان، وكلاهما اغتر بقول النحاة: الساكن إذا تحرك كسر، ذاك إذا كان الساكن متطرفاً، أما وبعده ضمير أو غيره فلا.
ولشمس الدين الدهان رحمه الله تعالى:
يا بأبي غصن بانة حملابدر دجى بالجمال قد كملاأهيف
فريد حسن ما ماس أو سفرا
إلا أغار القضيب والقمرا
يبدي لنا بابتسامه دررا
وفي شهد لذ طعمه وحلاكأن أنفاسه نسيم طلاقرقف
مورد الخد فاتر المقل
يفوق ظبي الكناس بالحمل
وينثني كالقضيب في الميل
من حمل ردف مثل الكثيب علانيط بخصر كأضلعي نحلامخطف
ظبي من الترك يقنص الأسدا
مقرطق قد أذابني كمدا
حاز بديع الجمال فانفردا
واهاً له لو أجار أو عدلالمستهام بهجره نحلامدنف
غزال سرب جماله شرك
ستر اصطباري عليه منتهك
لكل قلب هواه منتهك
علم قلبي الولوع والغزالاطرف له بالفتور قد كحلاأوطف
لله يوم به الزمان وفى
إذ من بالوصل بعد طول جفا
حتى إذا ما اطمأن وانعطفا
أسفر عنه اللثام ثم جلاورداً بغير اللحاظ منه فلايقطف
فظلت من فرط شدة الترح
إذ زارني والرقيب لم يلح
ألثم أقدامه من الفرح
وقلت إذ عن صدوده عدلاأهلاً من بعد جفوة وقلىأسعف
قلت: والأصل في هذا التوشيخ أن بعضهم أخذ قول أبي نواس الحسن بن هانئ:
أما ترى الشمس حلت الحملا
…
وطاب وقت الزمان واعتدلا
فجاء إلى آخره وزاده توشيحة فقال: " فاشرب "، ولما فتح هذا الباب لأهل النظم طاروا إليه زرافات ووحدانا ودخلوا أرسالاً لخفته وعذوبته، وغالب من نظم فيه لزم الباء في التوشيخة، وبعضهم عملها دالاً، وبعضهم عملها فاء مثل الدهان. فأول من علمته نظم في هذا ولزم الباء إبراهيم بن سهل المغربي فقال:
روض نضير وشادن وطلافاجتن زهر الربيع والقبلاواشرب
يا ساقياً ما وقيت فتنته
حكت كؤوس الرحيق صورته
فمثلت ثغره ووجنته
هذا حباب كالسلك معتدلاوذا رحيق لذا الزجاج علاكوكب
أقمت حرب الهوى على ساق
وبعت عقلي بالخمر من ساق
أسهر جفني بنوم أحداق
تمثل السحر وسطها كحلامعتلة وهي تبري العلافاعجب
قلبك صخر والجسم من ذهب
أيا سمي النبي يا ذهبي
جاورت من مهجتي أبا لهب
يا باخلاً لا أذم ما فعلاصيرت عندي محبة النجلامذهب
يا منيتي والمنى من الخدع
ما نلت سولي ولا الفؤاد معي
هل عنك صبر وفيك من طمع
أفنيت فيك الدموع والحيلافلا سلوي في الحب نلتولا مأرب
أتيت اشكوه لوعتي عجبا
فصد عني بوجهه غضبا
فعند هذا ناديت يا حربا
تصد عني يا منيتي مللاوأشتكي من صدودك العللاتغضب
قلت: ولما علقت هذه الموشحة راق لي وزنها فنظمت فيه مع علمي بأنني ما أوفيه، وهو:
لا تحسب القلب عن هواك سلاوإنما حاسدي الذي نقلاحرف
أسلو ولا صبر لي ولا جلد
ونار شوقي وسط الحشا تقد
وكل وجد دون الذي أجد
ما وصل القلب في هواك إلىهذا وإن شئت أن يرى بدلاسوف
لي بدر تم للعقل قد قمرا
وفاق شمس النهار والقمرا
وطرفه للأنام قد سحرا
والريق خمر قد حل لي وحلالأنه بالمنى إذا بخلايرشف
وجفنه صح سكره وصحا
كم بات حتف لصبه فتحا
وعذر ذاك العذار قد وضحا
سعى إلى فيه يرشف القبلا
والنمل سار إلى أن رأى العسلا
يا شادناً سل سيف مقلته
وهز قد القنا بخطرته
وأخجل البدر حسن صورته
وجهك يزداد بالجمال علا
والبدر في تمة إذا كملا
تبدو فترمي الغصون بالخجل
فلم يمس عطفها من الكسل
وأنت مغرى الأعطاف بالميل
وقدك اللدن كلما اعتدلا
أخشى عليه إن مال وانفتلا
شعرك ليل ووجهك القمر
والريق حلو وحشوه درر
والقد غصن ووجهك الزهر
خد زها الورد فيه واشتعلا
وعقرب الصدغ فيه قد نزلا
وأنشدني لنفسه إجازة صفي الدين الحلي رحمه الله تعالى:
زار وصبغ الظلام قد نصلا
بدر جلا الشمس في الظلام ألا
…
فاعجب
جاء وسجف الظلام قد فتقا
والصبح لم يبق في الدجا رمقا
وقد جلا نور وجهه الغسقا
وأدهم الليل منه قد جفلا
وقد أتى رائد الظلام على
…
أشهب
أفديه بدراً في قالب البشر
قد جاء في حسنه على قدر
يرتع في روض خده نظري
خد بلطف النعيم قد صقلاكأنه من دمي إذا خجلايخضب
يا من غدا ظل حسنه حرما
لما حوى ما به الجمال حمى
فرعاً وصدغا مذ حكما ظلما
فأرقم الجعد يحرس الكفلاوحارس الخد منه قد جعلاعقرب
هلا تعلمت بذل ودك لي
من المليك المؤيد بن علي