الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع لما حج مع إخوته من صفية القرشية، ومن شعيب الزعفراني بمكة، ومن يوسف الساوي وابن الجمزي بمصر، ومن ابن خليل بحلب، وأجاز له أبو إسحاق الكاشغري وطائفة. وأضر، وتفرد، وعجز وانحطم، وأبطل الحانوت.
وكان ساكناً خيراً عامياً، وله دنيا، وفيه بر، وما تزوج قط ولا احتلم، ثم إنه قدح بعدما أضر فأبصر.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سنة عشرين وسبع مئة.
ومولده سنة خمس وعشرين وست مئة.
محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم
شيخ الإمامية وعالمهم شمس الدين الهمداني الدمشقي السكاكيني الشيعي.
قال شيخنا الذهبي، رحمه الله تعالى: حفظ القرآن بالسبع، وتفقه وتأدب، وسمع في حداثته من الرشيد بن مسلمة، والرشيد العراقي، ومكي بن علان وجماعة، وخرج له ابن الفخر عنهم.
وربي يتيماً فأقعد في صناعة السكاكين عند شيخين رافضيين، فأفسداه، وأخذ عن أبي صالح الحلبي، وصاحب الشريف محيي الدين بن عدنان.
وله نظم وفضائل، ورد على التلمساني في الاتحاد. وأم بقرية جسرين مدة، ثم
أخرج منها. وأم بالسامرية، ثم إنه أخذه منصور بن جماز الحسيني معه إلى المدينة، لأنه صاحبها، واحترمه. وأقام بالحجاز سبعة أعوام، ثم رجع.
وهو شيعي عاقل، لم يحفظ عنه سب، بل نظم في فضائل الصحابة.
وكان حلو المجالسة، ذكياً عالماً فيه اعتزال، وينطوي على دين وإسلام، وتعبد، على بدعته، وترفض به ناس من أهل القرى.
قال الشيخ تقي الدين بن تيمية، رحمه الله تعالى: هو ممن يتشيع به السني، ويتسنن به الرافضي. وكان يجتمع به كثيراً وقيل: إنه رجع آخر عمره عن أشياء.
نسخ " صحيح " البخاري، وكان ينكر الجبر ويناظر على القدر.
وتوفي في سادس عشري صفر سنة إحدى وعشرين وسبع مئة.
ومولده سنة خمس وثلاثين وست مئة.
قلت: لما كان يوم الاثنين حادي عشري ذي الحجة سنة خمسين وسبع مئة، أحضر صلاح الدين محمد بن شاكر الكبتي بدمشق إلى شيخنا قاضي القضاة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى كتاباً في عشرين كراساً قطع البلدي في ورق جيد، وخط مليح سماه مصنفه " الطرائف في معرفة الطوائف " افتتحه بالحمد لله وشهادة أن لا إله إلا الله فقط. وقال بعد ذلك: " أما بعد فإنني رجل من أهل الذمة ولي على الإسلام حرمة، فلا تعجلوا بسفك دمي قبل سماع ما عندي، ثم أخذ في نقض عرا الدين عروة بعد عروة، وأورد أحاديث وتكلم على متونها، وتكلم في جرح الرجال وطعن عليهم،
كلام محدث عارف بما يقول، وذكر أموراً دلت على زندقته وتشيعه، وختم ذلك بأن قال: ولله القائل:
فإن كنت أرضى ملةً غير ملتي
…
فما أنا إلا مسلم أتشيع
وشهد صلاح الدين المذكور وآخر من أهل الحديث المعروفين بأن هذا خط شمس الدين السكاكيني، فظهر من ذلك أنه تصنيفه، لأنه قال في فهرست الكتاب المذكور: تصنيف عبد المحمود بن داود المصري، وقال شيخنا عماد الدين بن كثير: الأبيات التي كتبت للشيخ تقي الدين، أولها:
أيا معشر الإسلام ذمي دينكم...........................
وقد ذكرتها أنا في ترجمة الشيخ علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي كاملة لهذا السكاكيني. فقطع شيخنا قاضي القضاة هذا الكتاب الملعون وغسله وحرقه، قال - رحمه الله تعالى: أخذته معي إلى بستان لأنظر فيه ونويت تقطيعه وغسله، ثم إنني انتبهت في الليل وقلت لنفسي: لعلك يا علي لا تصبح غداً، فقمت في الليل وقطعته وغسلته، قلت: والله أعلم لحقيقة حال هذا الرجل.
ولكن الذي ظهر لنا أنه كان متزندقاً، غير مسلم.
وقالوا: إن قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم رجع من جنازته.
ونقلت من خط شيخنا علم الدين البرزالي، قال أنشدني لنفسه:
أجزت لهم ما يسألون بشرطه
…
أثابهم ربي ثواب أولي العلم
ووفقهم أن يعملوا بالذي رووا
…
فعال أولي الإخلاص والجد والعزم
وكاتبها العبد الفقير محمد
…
هو ابن أبي بكر بن قاسم العجم
ومولده في عام خمس وبعدها
…
ثلاثون والست المئون لدى النجم
ونقلت منه أيضاً ما خاطب به صاحب المدينة منصور ورميثة صاحب مكة:
ألا يا ذوي الألباب أصغوا لناطق
…
بحق وباغي الحق من ذا يدفعه
إذا لم نسل النبي محمد
…
نتابعه في الدين من ذا نتابعه
فإن كان مسبوقاً وذو البعد سابقاً
…
إلى المصطفى والدين من ذا يمانعه
فكم من بعيد للشريف معلم
…
طرائق آباء له وهو سامعه
وهذا بديع في الزمان وأهله
…
وما زال الدهر جم بدائعه
ونقلت من خط الشيخ شهاب الدين بن غانم، قال أنشدني الشيخ شمس الدين السكاكيني لنفسه:
هي النفس بين العقل والطبع والهوى
…
وما العقل إلا كالعقال يصونها
فداعي الهوى يدعو إلى ما يشينها
…
وداعي النهى يدعو إلى ما يزينها
فإن أطلقت من غير قيد توثبت
…
على حظها الأدنى وزاد جنونها
وإن نظرت بالعقل ينبوع نوره
…
أضاءت لها الظلمات طاب معينها
وحنت إلى الذكر الحكيم تدبراً
…
رياض معانيه وذاك يعينها