الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان لي ربيب يدعى مراد، يحمل دواتي فوصف له، فدخل إلى قاعة الإنشاء، وأخذه بيده وراح وسلمه إلى طواشي أرغون شاه. وقال: هذا مملوك ملك الأمراء، فكتبت إلى القاضي ناصر الدين صاحب ديوان الإنشاء في هذا:
يا سيداً صرت ظل جنابه
…
لي جنة إن جاد دهري أو بغا
أترى الزمان معاندي ومحاربي
…
حتى رماني في الورى بقرابغا
قرابغا، الأمير سيف الدين
ابن أخت الأمير سيف الدين أيتمش نائب الشام.
حضر معه إلى دمشق، وكان في مصر من جملة السلاح دارية للسلطان الملك الناصر حسن، وكان خاله، قد قال له في مصر: يا قرابغا، إن كنت تجيء معي على أنك ابن أختي تشفع وتتكلم فيما لا يعنيك، فلا تجيء، وإن كنت جئت كأنك أجنبي لا يكون لك في شيء كلام، فتعال. فحضر معه، وأقام قليلاً، ورتب له في كل يوم مبلغ خمسين درهماً، إلى أن انحلت طبلخاناه، فأخذها وكان لا يجسر أن يتحدث مع خاله في شيء، وإنما كان الناس يخدمونه لأجل الصورة الظاهرة.
وكان أسمر طوالاً غليظاً، إلا أنه أرق من نسيم، وألطف من كأس تسنيم، حسن الأخلاق، يتصف بما راق، وما لاق، ويسجع على عوده كأنه الورقاء بين الأوراق، نادم جماعة من أهل دمشق وأجمعوا على لطفه، وجنوا ثمار الإحسان من عطفه، ولما توجه خاله إلى نيابة طرابلس توجه معه، ولم يحل عن تلك الحال، ولا ذاك الصنع الذي صنعه.