الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشدني من لفظه لنفسه غير ذلك في هذا المعنى، والجميع مثبت في الجزء الثالث والثلاثين من " التذكرة " التي لي.
الشيخ محمد بن أحمد بن علي بن عبد الكافي
الشيخ تقي الدين أبو حاتم ابن الشيخ الإمام العلامة بهاء الدين أبي حامد ابن شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي.
تقدم ذكر جده وذكر عمه في مكانيهما من حرف العين والحاء.
شاب شب على الهدى، ودب إلى الندى، وحث في طلب العلم، ودب في حمى الكرم والحلم، فخطب ودرس، وسرى إلى المعالي وما عرس، ما وصل هلاله إلى الإبدار، ولا انفصل زلاله عن الإكدار حتى قصف غصنه المائل، وخسف بدره الكامل، وفجع به أبوه وعمه، ودفع إلى كل منهما فيه همه وغمه، فعطلت غصون المنابر من ورقائه، وخملت فنون المدارس من إلقائه.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في
…
من شهر رجب الفرد سنة أربع وستين وسبع مئة.
ومولده في غالب الظن في شهر رجب الفرد سنة خمس وأربعين وسبع مئة.
كان هذا تقي الدين أبو حاتم قد نشأ أحسن نشأة، وربي خير مربى، اجتهد جده قاضي القضاة تقي الدين رحمه الله تعالى لما كان عنده بدمشق، وحفظه القرآن، و" التنبيه "، و" العمدة " في الأحكام. وحفظ هو بالديار المصرية كتاب " جمع
الجوامع " لعمه قاضي القضاة تاج الدين. وولاه السلطان مدارس والده وخطابة جامع ابن طولون، فقام بجميع ذلك أتم قيام، وسد وظائفه كلها على أحسن نظام، ولبس تشريفاً في دمشق وألقى به الدرس في العادلية في حياة جده سنة ست وخمسين وسبع مئة، وعمره يومئذ دون الاثنتي عشرة سنة.
وعلى الجملة، فكان من نجباء الأبناء، ولكن جاءه أجله مبكراً.
ولما مات توجه والده إلى الحجاز ولحق بالركب الرحبي، ولم يلق بعده قراراً، وضاقت رحاب القاهرة به، وهو معذور في هذا الولد إذا ضاقت به الأرض فضلاً عن البلد.
وكتبت إلى عمه قاضي القضاة تاج الدين أعزيه بقصيدة هي:
الموت ختم يا أبا حاتم
…
وغير مستثنى بنو آدم
وليس تنجو من ورود الردى
…
لا نفس مخدوم ولا خادم
وكل عمر فله عروة
…
ولا بد أن تفضي إلى فاصم
والموت يقظان لهذا الورى
…
وكلنا في غفلة النائم
كالذود في الرعي به غفلة
…
عن ملتقى جزاره الغاشم
وكلنا يسعى إلى غاية
…
لا بد من إدراكها اللازم
ونشرب الكأس التي ذقتها
…
من كف ساق للمنى حاسم
وقد تساوى الناس في شربها
…
تأتي على المحسن والجارم
لهفي على نجمك لما هوى
…
وليل شعر للصبا فاحم
لهفي على علمك ذاك الذي
…
قد كنت فيه ندرة العالم
ودرسك الفقه الذي قال في
…
هـ الناسي ما دار على الدارمي
كأن من جدك فيه غدا
…
جدك يمليه على الراقم
كذلك التفسير قالوا أبو
…
حيان حي أو أبو حاتم
كم منبر تحتك يهتز من
…
بلاغة ما حازها الغانمي
تملي عليه خطباً شجعها
…
كالدر يزهى في يد الناظم
فصاحة يعجب من لفظها ال
…
جاحظ والراغب والحاتمي
وأنت في أعلاه قمرية
…
وذاك مثل الغصن الناعم
فما لنا اليوم ولا للعلا
…
ولا دروس العلم من راحم
وكلنا بعدك في ضيعة
…
كالذود إذ أمسى بلا سائم
لهفي على الشيخ أبيك الذي
…
تركته بعدك كالهائم
قد كان على بلواه في غفلة
…
بل كان في إغفاءة الحالم
فاعتاقه صرف الردى دون ما
…
أمله في ظنه الزاعم
قد كنت منه مثل ما قال عب
…
د الله في أمر ابنه سالم
جلدة بين العين لكنه
…
راح بأنف في الورى راغم
هج إلى مكة من حزنه
…
يعض كف النادم السادم
وأم بيت الله مستصرخاً
…
في الضر بالصفوة من هاشم
رحت إلى الله خفيف المطا
…
غير مسيء لا ولا آثم