الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
توكيدُ المتصل المنصوبِ بالمنفصل المرفوع
في قول علي رضي الله عنه: "بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبيرَ"(1).
قال ابن الملقن:
"وقولُ علي رضي الله عنه: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، أكَّد الضميرَ المنصوب بـ (أنا)، كقوله تعالى: {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا} (2) وقيل: لا يؤكدُ بها ضميرُ المنصوب؛ لأنها في موضع رفع، ولا يؤكد المنصوبُ بالمرفوع، ويكون (أنا) في الآية فاصلةً على هذا؛ مثل: {هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (3) "(4).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن قولين للعلماء حول تأكيد الضمير المتصل المنصوب بالمنفصل المرفوع، وبيان ذلك فيما يلي:
اختلف العلماءُ حول جواز تأكيدِ الضمير المتصل المنصوب بالمنفصلِ المرفوع على قولين:
أحدُهما: جوازُ التأكيد بالمنفصل المرفوع مطلقًا (5)، قال الزمخشريُّ: "
…
وأما المنصوبُ والمجرور فيؤكَّدان بغير شريطة
…
" (6).
وقال ابنُ مالك: "ولك أن تؤكدَه بضمير الرفع المنفصل، مرفوعًا كان المؤكَّد، أو منصوبًا، أو مجرورًا
…
وقد دللتُ على هذا بقولي:
ومُضْمَرَ الرَّفْعِ الَّذِي قَدِ انْفَصَلْ
…
أَكِّدْ بِهِ كُلَّ ضَمِيرٍ اتَّصَلْ" (7)
وثانيهما: منعُ تأكيد المتصل المنصوب بالمنفصل المرفوع؛ وذاك أن الضمير المنفصلَ أصلُه
(1) صحيح البخاري 5/ 145، باب غزوة الفتح.
(2)
الكهف: 39.
(3)
المزمل: 20.
(4)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 21/ 419.
(5)
المفصل في صنعة الإعراب 146، شرح الكافية 3/ 1186، الارتشاف 4/ 1959، المقاصد الشافية 5/ 38.
(6)
المفصل في صنعة الإعراب 146.
(7)
شرح الكافية 3/ 1186.
للمرفوع دون المنصوب والمجرور (1)، وأن المشهورَ من كلام العلماء في التوكيد أنه لا يكونُ إلا بما يوافقُه من رفع أو نصب أو جر (2).
وإذا أردنا تأكيدَ المتصل المرفوع أو المنصوب أو المجرور احتجنا إلى ضمير منفصل، ولا ضميرَ منفصلًا في الأصل إلا ضميرُ الرفع، فتأتَّى استعمالُه مع الجميع -مع اختلافها في الوضع؛ إذ عاملُ الرفع ليس بلفظي، والمنصوبُ والمجرور لا بد لهما من عامل يعمل فيهما- فربما كان المنعُ لمخالفته للمشهور من كلام العلماء ولتأكيدِه المنصوبَ بالمرفوع (3).
وأما الآية: {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا} (4) التي استدل بها ابنُ الملقن على جواز تأكيد الضمير المتصل المنصوب بالمنفصل المرفوع، فقد اختلف المُعرِبون في ضمير الرفع (أنا) فيها على قولين؛ فمنهم مَن قال: إنه ضميرُ تأكيد (5)، واشترط الفراءُ أن تكون (أقلّ) مرفوعة (6).
ومنهم من قال: إن (أنا) ضميرُ فصل (7)، والفصلُ يُعدُّ ضربًا من التأكيد (8)، وقد نص سيبويه على ذلك (9)، ويرى ابنُ الحاجب أنه غير ما ذُكِر؛ لأنه ليس بلفظي ولا معنوي؛ إذ ألفاظُه محصورة (10).
(1) شرح المفصل 3/ 43، شرح الرضي لكافية ابن الحاجب 1/ 1057، الارتشاف 4/ 1960، المقاصد الشافية 5/ 38.
(2)
الأصول في النحو 2/ 19، نتائج الفكر في النحو 216.
(3)
نص على هذا الرأي ابن الملقن عند شرحه للحديث، ولم أعثر على هذا الرأي -حسب اطلاعي- وإنما استنتجت ما يمكن أن يقال في المنع.
(4)
الكهف: 39.
(5)
معاني القرآن للفراء 2/ 145، إعراب القرآن للباقولي 138، التبيان في إعراب القرآن 2/ 848، مغني اللبيب 1/ 643.
(6)
معاني القرآن للفراء 2/ 145.
(7)
الكتاب 2/ 392، معاني القرآن للفراء 2/ 145، التبيان في إعراب القرآن 2/ 848، شرح الكافية 1/ 242، مغني اللبيب 1/ 643.
(8)
المفصل 172، الإيضاح في شرح المفصل 1/ 471.
(9)
الكتاب 2/ 389.
(10)
أمالي ابن الحاجب 1/ 303، البرهان في علوم القرآن 2/ 409.
وأما الآية الثانية: {هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (1) فلا خلاف حول ما استدلَّ به ابنُ الملقن من أن (هو) ضميرُ فصل (2).
(1) المزمل: 20.
(2)
الكتاب 2/ 392، معاني القرآن للفراء 2/ 145، التبيان في إعراب القرآن 2/ 848، شرح الكافية 1/ 245، مغني اللبيب 1/ 643.