الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
فتح الهمزة وكسرها في (أنْ كان ابنَ عمَّتِك)
في قول الأنصاري رضي الله عنه: "أنْ كان ابنَ عمَّتِك"(1).
قال ابن الملقن:
"قوله: (أنْ كان ابنَ عمتِك)، هو بفتح الهمزة من (أن)، مفعولٌ من أجله، معناه: من أجل أنه ابن عمتك، كقوله تعالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)} (2)؛ لأن أم الزبير: صفيةُ بنت عبد المطلب عمةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: إنه ابن عمتك، يجوز فتحُ الهمزة وكسرها"(3).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أنَّ الهمزة في (أنْ كان ابنَ عمتِك) مفتوحةٌ، وفي (إنَّه ابن عمتك) جائزٌ فيها الفتح والكسر، وبيان ذلك فيما يلي:
لـ (إنَّ) مواضعُ تُفتح فيها الهمزة وتُكسر وجوبًا وجوازًا، ومواضعُ يُخفف التشديدُ فيها، ففي (أَن كان ابن عمتك) تفتح الهمزة وتخفف النون؛ لمجيء (أن) بمعنى: من أجل، إذ مجيئُها بهذا المعنى من المواضع التي تُفتح فيها (أن) الخفيفة (4)، فيصبح المعنى: من أجل أنه ابن عمتك.
ومثلُ ذلك في قوله تعالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} (5) أي: لأنه كان ذا مال (6)، وكذلك قولُه تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} (7) أي: لأن الله آتاه الملك (8).
ومثله قولُ جميل بُثَينة:
(1) صحيح البخاري 3/ 111، باب شرب الأعلى إلى الكعبين.
(2)
القلم: 14.
(3)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 15/ 347.
(4)
الأزهية في علم الحروف 71.
(5)
القلم: 14.
(6)
جامع البيان في تأويل القرآن 23/ 541، بحر العلوم 3/ 482، لطائف الإشارات 3/ 619.
(7)
البقرة: 258.
(8)
جامع البيان في تأويل القرآن 5/ 430، الكشف والبيان في تفسير القرآن 2/ 239، الحنى الداني في حروف المعاني 330 - 331، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1/ 401 - 402.
أُحِبُّك أَنْ سَكنْتَ جِبالَ حِسْمَى
…
وأَنْ ناسبْتَ بَثْنةَ مِن قَرِيبِ (1)
أي: من أجلِ أن سكنتَ، ومن أجلِ أن ناسبت.
أما الهمزة في (إنه ابن عمتك) فتُفتح الهمزة وتكسر على سبيل الجواز؛ لوقوعها في موضع التعليل، ولصحة أن يسُدَّ المصدرُ مسدَّها ومسدَّ معمولَيْها لا على سبيل الوجوب (2)، فيصبح المعنى:(كونه ابن عمتك)، ويرى ابنُ مالك أن الكسر أجود (3).
ومثلُ ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)} (4) بكسر همزة (إن) وفتحها، فبالكسر: لاستئناف الكلام، وبالفتح: للتعليل، أي: ندعوه؛ لأنه هو البر الرحيم (5).
وأما كونُ أم الزبير عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكما ورد في قوله عليه السلام: "
…
يا أم الزبير بن العوام عمة رسول اللَّه
…
" (6).
ومما سبق يتبيَّن أن ابن الملقن قد سار على ما هو مقرَّر عند النحويين.
(1) ديوانه 104، الأزهية في علم الحروف 72، أمالي ابن الشجري 3/ 162.
(2)
إذ الوجوب من مواضع فتح همزة (إن)، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 1/ 329، شرح شذور الذهب للجوجري 1/ 388 - 390، 391، حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك 1/ 411.
(3)
شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح 119.
(4)
الطور: 28.
(5)
معاني القرآن للفراء 3/ 93، السبعة في القراءات 1/ 324، الحجة في علل القراءات السبع 4/ 381.
(6)
صحيح البخاري 4/ 185.