الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
ما جاء على وزن (فَعَالِ) بين الإعراب والبناء
في قول عائشة رضي الله عنها: "
…
فإذا عِقدٌ لي من جَزْعِ ظَفارِ قد انقطع
…
" (1).
قال ابن الملقن:
"ويقولون: (من جَزْع ظَفارِ)، وهو مبني على الكسر، كما تقول: حَذامِ
…
وقال البَكْري، عن بعضهم: سبيلُها سبيلُ المؤنث لا ينصرف
…
قال صاحبُ (المطالع): ويُرفع ويُنصب" (2).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن (ظَفارِ) يجوز فيها البناءُ والإعرابُ، وبيانُ ذلك فيما يلي:
اختلف النحويون فيما كان على (فَعالِ)، مثل (حذام) المأخوذة من الحَذْم؛ أي القطع؛ يقال: حَذَمتُ الشيء حَذْمًا، وكذلك (ظفار) مأخوذة من: ظفَّر النبات يُظفِّر؛ أي: طلَع.
فالحجازيُّون يبنون ما كان من ذلك على الكسر، أما التميميُّون فيُعربونه ممنوعًا من الصرف.
وأما علةُ البناء عند الحجازيين؛ فلِمَا يلي:
1 -
كونها معدولةً عن (فاعلة)، فـ (حذام) معدولة عن (حاذمة).
2 -
كونها قبلَ العدل غيرَ مصروفة.
فاجتمع مع عدم التنوين العدلُ، وليس وراء المنع من التنوين إلا البناءُ (3).
أما التميميون فيمنعونها من الصرف لاجتماع علتين، واختلف في العلتين على أقوال:
1 -
مُنعت للعلمية والعَدْل، وهذا ما ذهب إليه سيبويه (4).
2 -
منعت للعلمية والتأنيث، وهذا ما يراه المبرد (5).
3 -
منعت للعدل والتأنيث.
(1) صحيح البخاري (6/ 101)، باب {لَّولَا إِذ سَمِعتُمُوهُ ظَنَّ المُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بِأَنفُسِهِم خَيرا} [النور: 12].
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 16/ 570.
(3)
شرح المفصل لابن يعيش 3/ 71.
(4)
الكتاب 3/ 277.
(5)
المقتضب 3/ 368.
4 -
منعت للعدل والتعريف.
وبيانُ العلل السابقة واجتماعها كما يلي:
أما كونُها للعلمية فـ (ظفار) اسمُ مدينة في اليمن (1)، وأما كونُها للعدل فهي معدولة عن فاعلة (2)، وأما كونُها للتأنيث فبما ثبت من الشعر؛ ومنه قولُ الفرزدق:
وَفِينَا مِنَ المِعْزَى تِلادٌ كَأَنَّهَا
…
ظَفَارِيَّةُ الجَزْعِ الذِّي في التَّرَائِبِ (3)
ومنه قولُ الفِنْد الزِّمَّاني (4):
فَارْجِعُوا مِنَّا فُلُولًا وَاهْرُبُوا
…
عَائِذِينَ لَيْسَ تُنْجِيكُمْ ظَفَارُ (5)
وأما كونُها للتعريف فلأنها معرفة، ولو نُكِّرت لصُرفت، والعدلُ إنما يأتي في حال التعريف (6).
والذي يترجحُ حول بنائها وإعرابها: هو ما اتفق عليه الحجازيون والتميميون؛ وهو بناءُ الاسم إذا كان على وزن (فَعالِ) المختوم بـ (راء)(7).
(1) المسالك والممالك 1/ 367، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع 3/ 904، الأماكن، أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة 1/ 648، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق 1/ 152.
(2)
الكتاب 3/ 277، شرح المفصل لابن يعيش 3/ 68، شرح الكافية الشافية 3/ 1476.
(3)
البيت من الطويل، وروي بلفظ مختلف: وعندي من المعزى تلاد، ديوانه 89، شرح نقائض جرير والفرزدق 3/ 339، معجم ما استعجم من أسماء البلدان والمواضع 3/ 904.
(4)
هو: شهل بن شيبان بن زمان بن مالك الحنفي، سمي بذلك لعطم خلقته، توفي 70 هـ، نقلًا: المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة 70، الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب 4/ 401، الأعلام 3/ 179.
(5)
البيت من الرمل، وهو في ديوانه ص 17، نقلًا: معجم ما استعجم 3/ 904، الروض المعطار في خبر الأقطار 403.
(6)
ارتشاف الضرب 2/ 870، همع الهوامع 1/ 107.
(7)
شرح المفصل لابن يعيش 3/ 71، شرح الكافية الشافية 3/ 1476، ارتشاف الضرب 2/ 870.