الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(لا) المحتمِلة للزيادة
في قول المرأة في حديث أم زرع: "إني أخافُ أنْ لا أذرَه"(1).
قال ابن الملقن:
"والهاء في (أذره) عائدةٌ على الخبر؛ أي: لطوله وكثرته إن بدأتُه لم أقدِرْ على إتمامه، ويعضُدُه روايةُ:(ولا أقدُر قَدْرَه). وفيه: تأويل آخرُ ذكره أحمدُ بن عبيد بن ناصح: أن الهاء عائدةٌ على الزوج، وكأنها خشيتْ فراقَه إن ذكرته. وقاله الداودي أيضًا. وعلى هذا تكونُ (لا) زائدة، كما في قوله تعالى:{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} (2)، ويحتمل عدم زيادتها -كما ذكره القرطبي- وأنها خافت أن لا تتركه معها ممسكًا لها في صُحبتها، ويَحتمِلُ -كما قال عياض- رجوعُ الهاء إلى الزوج تأوُّلًا آخرَ، أي: إن أخبرتُ بشيء من عيوبه ونقائصه أفضى ذلك إلى ذكر شيءٍ أقبحَ منه
…
" (3).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن (لا) في (لا أذره) زائدة، ويحتمل عدم زيادتها، وبيان ذلك فيما يلي:
يعد النحويون (لا) الزائدة ضربًا من أضرب اللام، وأكثر ما تكون زائدة مع المفعول به لعامل متعدٍّ لواحد (4)، أي: إني أخاف عدمَ تركه. وكذلك في الآية الكريمة (5)، بمعنى: ما منعك أن تسجد؟ أو ما منع سجودَك؟
وأما احتمال عدم زيادتها، فلعلَّها تكون سببية، أي: إني أخاف، وسبب خوفي: عدم إتمامه، وقد ورد ما يمكن أن يُقال فيه: إن اللام زائدة أو سببية، ومنه قولُ كثيِّر عزة:
(1) صحيح البخاري 7/ 27، باب حسن المعاشرة مع الأهل.
(2)
الأعراف: 12.
(3)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح 24/ 573.
(4)
الجنى الداني 105، شرح شذور الذهب 1/ 384.
(5)
معاني القرآن للفراء 1/ 95، مجاز القرآن 1/ 211، تأويل مشكل القرآن 1/ 154.
أُريدُ لِأَنْسى ذِكرَها وكأنَّما
…
تَمَثَّلُ لي ليلى بكُلِّ سبيلِ (1)
فإن جعلتها زائدة فالتقدير: (أريد نسيانَ)، وإن جعلتها للتعليل فالتقدير: إرادتي لهذا؛ لنسيانِ ذكرها (2).
ومما سبق يتبيَّن جوازُ مجيء (لا) في (لا أذره) زائدة أو سببية، حيث لا يقتضي ذلك اختلافًا للمعنى.
(1) الكامل في اللغة والأدب 3/ 73، الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء 194، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة 5/ 272، شرح شواهد المغني 2/ 581.
(2)
اللامات 138، الجنى الداني 121، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1/ 285.